
يتواصل خطر قرود البابون في المناطق الجنوبية، وازدادت وحشيتها وجرأتها خلال العامين الماضيين، حتى باتت تقتحم الأحياء السكنية، وتصعد أسوار المنازل وتسرق التموينات، وتهاجم الكبار والصغار، وتخرّب ما يقع في طريقها، وذلك في كتائب كبيرة تزيد في بعض الأحيان على 100 قرد.
وبرغم عدة حوادث اعتداء سُجلت رسميًا ونُشرت إعلاميًا، إلا أن حلول الجهات المعنية لم تُشاهَد على أرض الواقع حتى الآن، ولم تتجاوز لجانًا ألقت باللائمة على الأهالي؛ نتيجة إطعام القرود، ودراسات خلصت إلى عدم التحديق في القرود، فيما تساءل أستاذ المناخ الدكتور عبدالله المسند لـ"سبق" (حربنا مع القرود متى تشتعل؟) مبينًا أن أعدادها في المملكة تزيد على 300 ألف قرد.
في ربيع ثاني للعام الماضي 1443 هاجمت القرود طفلًا وشقيقته الطفلة أيضًا، بجوار منزلهما في محافظة المخواة، وحاولت سحبه، إلا أن شقيقته تمكنت من إنقاذه من اختطاف القرود التي هاجمتهما بشراسة، وهو ما تسبّب في جرح الطفل في فخذه فأُدخل على إثره المستشفى لعدة أيام وتلقى العلاج والملاحظة بسببها.
وبعدها بثلاثة أشهر، هاجمت القرود مواطنًا بالباحة داخل فناء منزله الخارجي وأصابته بجرح غائر؛ حيث هاجمه كبير القرود في ساحة منزله، محدثًا بنابه جرحًا غائرًا في يده وبعض الكدمات في كتفه، ونزف كميات من الدم، حتى أوصله الجيران للمستشفى؛ لعدم قدرته على قيادة المركبة، فتم نقله لمستشفى الملك فهد بالباحة، الذي تعامل مع الحالة وقدّم له الرعاية اللازمة، مع منحه إجازة مرضية من عمله ومدة شفاء 20 يومًا.
وأوضح المواطن في حينها أنه أبلغ الأمانة وردوا بعدم الاختصاص، وبالمثل قدّم بلاغًا للبيئة الذين ردوا كذلك بعدم الاختصاص؛ فتم التواصل مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية وتم تقديم بلاغ.
وفي الربع الأول من العام الحالي هاجمت القرود وافدًا بعد توقف شاحنته بأعلى عقبة شعار شمال عسير، وأصابته بجرح غائر، وجرى نقله للمستشفى، وعقب شهر واحد هاجم قطيع من قرود البابون مسنًا بقرية المقشع بأحسبة المخواة لدى خروجه من منزله؛ لإطعام أغنامه بالقرب من المنزل، ففوجئ بوجود مجموعة من القرود على أسوار المنزل، سرعان ما هاجمته، وأطبق أحد القرود فكّيه على يد المسن، فحاول ذلك الأخير التخلص منه، إلا أنه لم يتمكّن إلا بعد الاستغاثة بأبنائه الذين خلّصوه من فك القرد.
ومؤخرًا انتشرت مقاطع فيديو لسطو القرود على إحدى التموينات بتهامة الباحة، والاستيلاء على بعض المواد الغذائية والهرب لحظة خروج العامل بما سلبوه، كما أظهر مقطع فيديو في محافظة النماص -لم يُحدّد تاريخه- نداءً من مستثمر أمام أعداد كبيرة من القرود أكد فيه احتلالهم لمنتجعه السياحي والاستثماري؛ وفي محافظة المجاردة تنتشر بشكل يومي بأعداد كبيرة في الشوارع والأحياء السكنية، وتتسلق جدران المنازل، وتنثر الحاويات، برغم مبادرة البلدية باستبدال الحاويات السابقة بحاويات ذاتية الإغلاق.
وكان قد بعث أستاذ المناخ الدكتور عبدالله المسند عبر "سبق" مقالًا تساءل فيه عن دور الجهات ذات العلاقة في محاربة انتشار القرود وتكاثر أعدادها التي زادت على 300 ألف قرد في المملكة، وأن ذلك يُخلّ بالتوازن البيئي؛ مبينًا أن الحل الجذري لمشكلة القرود في السعودية هو تقليص أعدادها إلى نحو 90%، ونعيدها كما كانت قبل نحو 50 سنة.
وأضاف "المسند": "يقدر عددها في السعودية بأكثر من ثلث مليون قرد!! تعيش في أراضٍ شبه صحراوية شحيحة الأمطار، وفقيرة الأشجار، وعلى الرغم من كثرة اللجان، والدراسات، والتقارير الموجهة لحل مشكلات القرود في السعودية منذ عدة سنوات، إلا أن المشكلة لم تُحَل!! بل تتفاقم، وحتى الآن لم نشاهد نتائج الدراسات السابقة على الواقع، ومعظم ما اطلعت عليه من آراء بعض المختصين أن المواطن أسهم في تفشي مشكلة القرود في السعودية عبر تغذيتها! وذلك أمر مستغرب في إلقاء المشكلة على المواطن وكأنه هو السبب، وعدم اتخاذ إجراء سريع وفعال لإيقاف زحف القرود على المدن والقرى والمزارع، والاعتداء على السكان.
واقترح "المسند" أن الحل الجذري هو تقليص أعدادها إلى نحو 90%، ونعيدها كما كانت قبل نحو 50 سنة؛ إذ إن من الاختلال البيئي أيضًا أن يعيش أكثر من ثلث مليون قرد في أراضٍ شبه صحراوية.. وعليه أؤكد أن الحل هو التخلص منها، وأترك الأسلوب والطريقة للمختصين الشرعيين والبيئيين.
فيما عرضت "سبق" التساؤل على مدير عام إدارة المحافظة على البيئة البرية في المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية أحمد البوق؛ وسينشر حال وروده.