الجميع يعلم أن الهدف الرئيسي من القيادة هو التأثير في الآخرين للوصول إلى هدف محدد وفق معايير واضحة، وبجودة عالية، وبتكلفة مناسبة.
مرونة المدير المتميز، وتنقُّله بين نوافذ الشبكة الإدارية حسب وضع المنظمة، وخبرة الموظفين، واستثمارها بالشكل الصحيح.. لها عوائد كبيرة، وتقود إلى الاستدامة والاستقرار والنمو وسعادة جميع أصحاب المصلحة.
البعض يعتقد أن هناك نمطًا محددًا يجب على المدير اتباعه، والاستمرار عليه، وعدم تغييره.. وهذا أمرٌ غير صحيح. وقد أثبتت التجارب المختلفة التي شاهدناها وعايشناها أن القيادة الصحيحة تتطلب التركيز على الأهداف، والثبات التام على القيم والمبادئ، والمرونة العالية في الوسائل الموصلة إلى تلك الأهداف شريطة أن تكون الوسيلة أخلاقية.
جمود المدير، وعدم قدرته على الانتقال بين أساليب القيادة المختلفة، وعدم الإيمان بأهمية المرونة، ستجعله قابلاً للكسر، والتوقف، وستخلق له الكثير من الصعوبات والعقبات التي لن يستطيع تجاوزها طالما أنه لا يؤمن بأن كل موقف يتطلب تعاملاً معينًا، وأسلوبًا خاصًّا. وعدم إيمانه بأهمية المرونة في الوسائل يؤثر سلبًا على نتائج المنظمة التي يقودها، وعلى معنويات العاملين فيها.
بعض الباحثين ينظرون للشبكة الإدارية على أنها طريقة لتصنيف القادة حسب درجة اهتمامهم بالأفراد والعمل، لكني شخصيًّا أجد أنها فرصة للقائد للتنقل بين نوافذها حسب الموقف الذي يواجهه، والظروف المحيطة بالمنظمة.
هناك أربعة أساليب تضمنتها الشبكة الإدارية في نموذج بلاك وموتون:
1. نمط الإدارة السلبية (المتساهلة).
2. نمط الإدارة الجادة (التركيز على العمل فقط).
3. نمط الإدارة الاجتماعية.
4. نمط الإدارة الجماعية (مدير الفريق).
ومن خلال تحليلنا للأساليب الأربعة نجد أن المدير الاستثنائي الفذ سيسقط من حساباته نمط القيادة المتساهلة التي لا تهتم بالنتائج ولا بالأفراد، وسينظر نظرة الصقر وهي النظرة من فوق؛ ليحدد وضع منظمته في جميع المجالات، ويراقب مستوى الإنتاج، ووضع العلاقات داخلها، ويحدد بعد ذلك الأسلوب الذي يجب أن يستخدمه للوصول للنتائج التي يرجوها أصحاب المصلحة، سواء كانوا عملاء داخليين أو خارجيين.
أسلوب مدير الفريق -وهو النمط الأفضل الذي يركز على جانب الإنتاج والعلاقات- نمط مثالي، ولكن الوصول له صعب، ويحتاج لوقت، ويتطلب في بعض الأوقات المرور ببعض الأنماط التي حددتها نظرية الشبكة الإدارية.
يحتاج المدير نمط القيادة الجادة التي تركز بشكل كبير على الإنتاج حينما يجد أن وضع المنظمة غير مستقر، وأن هناك تدنيًا في مستوى الالتزام من الأفراد.
ونجده يستخدم النمط الاجتماعي المحفز المركز على الأفراد حينما يكون الإنتاج في أعلى مستوياته، والمنظمة تسير بطريقة صحيحة؛ وهذا سيجعله تلقائيًّا، ينتقل ليكون ضمن نمط قائد الفريق.
استثمار المدير لكل ما يخدم منظمته، واختياره الأسلوب المناسب في القيادة، دليل على نضجه وحرصه على النجاح، وعلى سعادة الموظفين، وعلى المجتمع بشكل عام.