
اتسمت كلمة سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، بالواقعية والحكمة اللازمة بشأن الطاقة وتغيُّر المناخ، وذلك خلال خطابه الذي ألقاه أمس في قمة جدة للأمن والتنمية، التي جرت في مركز الملك عبدالله الدولي للمؤتمرات بعروس البحر الأحمر مدينة جدة.
فقد أبدى ولي العهد صراحة معهودة أثناء حديثه عن التحديات البيئية، خاصة التغير المناخي الذي يشكل صداعًا لدى العالم، ومنح الأمير الشاب العالم اللغز وحله.. فالتغير المناخي والاحتباس الحراري واقع وأمر حقيقي، ولهما تأثير مدمر على البيئة، إلا أن التعامل معهما يقتضي تبنِّي "نهج متوازن"، وذلك بالانتقال المتدرج والمسؤول نحو مصادر طاقة أكثر ديمومة، يأخذ في الاعتبار ظروف وأولويات كل دولة، كما صرح الأمير محمد بن سلمان.
ولا شك أن دعوات بعض النشطاء في العالم الغربي، الداعين إلى وقف الاعتماد على الوقود الأحفوري، مثل: النفط والفحم ومشتقاتهما بالكلية، تتضاءل أمام كلمات ولي العهد الواقعية؛ إذ لا يمكن بين ليلة وضحاها إقصاء مصادر الطاقة الرئيسية دون مراعاة ما يمكن أن يحدثه ذلك من توقُّف وشلل للاقتصاد العالمي؛ وبالتالي تضخم وكساد وبطالة، وما ينتج عنها من مشكلات أمنية واجتماعية خطيرة، ودون مراعاة أيضًا لأولويات كل دولة وظروفها، ومدى استعدادها للانتقال إلى استخدام الطاقة النظيفة، ومدى استعداد بنيتها التحتية لذلك.
وعلى الرغم من ذلك، فقد أوجز ولي العهد الحل لتلك الأزمة بالانتقال المتدرج والمسؤول نحو مصادر الطاقة النظيفة؛ لتحقيق التنمية المستدامة، لافتًا إلى اتباع السعودية نهجًا متوازنًا للوصول للحياد الصفري لانبعاثات الكربون، وذلك عبر نهج الاقتصاد الدائري للكربون، كما أشار إلى مبادرتَي السعودية "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" اللتين تدعمان تلك الجهود.
يمثل النهج طريقة مستدامة اقتصاديًّا لإدارة الانبعاثات باستخدام أربع استراتيجيات، هي: التخفيض، إعادة الاستخدام، التدوير والإزالة.
ويشجع اقتصاد تدوير الكربون على تبنِّي نموذج تدويري، يركز على الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وإعادة استخدامها، وتدويرها، وإزالتها من البيئة، وذلك على خلاف نموذج اقتصاد الكربون الخطي الذي يعتمد على استخدام المواد، ثم التخلص منها؛ إذ إن مفهوم الاقتصاد القائم على تدوير الكربون يوصف بأنه ركيزة أساسية، تساعد في إعادة التوازن لدورة الكربون في العالم.
يعتبر الاقتصاد القائم على تدوير الكربون إطارًا فاعلاً لتشجيع خفض مستوى الانبعاثات على مستوى العالم، ودعم جهود تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
ويتبنى هذا المفهوم أهم العناصر التي تقوم عليها نماذج الاقتصاد الدائري بغية الحد من انبعاثات الكربون، وتعزيز كفاءة استهلاك الوقود، والحفاظ على المياه، وتصنيع مواد الجيل التالي التي تجعل المنتجات الاستهلاكية أكثر محافظة على البيئة.