جاء الخطاب الملكي الذي ألقاه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة في مجلس الشورى، حاملًا معه دستورًا تسير عليه البلاد، وتستنير به في التعامل مع القضايا المحلية والدولية، كما أنه يكشف عن مبادئ المملكة وثوابتها تجاه العديد من الموضوعات والملفات المهمة.
ولأن القضية الفلسطينية -دون سواها- هي القضية الأولى للمملكة والأمة العربية، فقد نالت الكثير من الاهتمام والعناية في الخطاب الملكي، وجاء كلمات سمو ولي العهد واضحة ومباشرة، لتؤكد أهمية هذه القضية للمملكة، وأهمية المسارعة في حلها، بما يضمن حق الشعب الفلسطيني، بإقامة دولته على أرضه، وعاصمتها القدس الشرقية.
الخطاب الملكي تضمّن 3 رسائل واضحة، بعث بها سمو ولي العهد للعالم أجمع، أكد من خلالها عدة نقاط كانت بمثابة مبادئ راسخة لا تحيد عنها المملكة أبدًا؛ أولى هذه الرسائل أن القضية الفلسطينية هي قضية محورية بالنسبة للمملكة، حكومةً وشعبًا، وأن هذه القضية تحتل مكان الصدارة في وجدان قادة المملكة على مر العصور، كما أنها راسخة في وجدان المواطن السعودي، الذي لا يتردد في الوقوف بجانب هذه القضية، إلى أن تجد حلًا عادلًا.
الحسم في خطاب سمو ولي العهد كان أكثر وضوحًا في رسالة ثانية وجّهها سموه إلى من يهمه الأمر، أكد فيها أمرًا، لطالما أكده في مناسبات عدة، إذ أعلن أن المملكة لن تقيم أي علاقة مع الكيان الإسرائيلي، قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يؤكد النهج الراسخ الذي اتبعته حكومات المملكة، منذ المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وصولًا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد، وهو ما يمثل تأكيدًا جديدًا على أن المملكة ثابتة على مبادئها وراسخة في التزاماتها، ولا تحيد عن ذلك، مهما كانت المؤثرات.
رسالة ثالثة ذات علاقة بالقضية الفلسطينية، وجّهها سمو ولي العهد في الخطاب الملكي، بدعوة دول العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية، هذه الدعوة وجدت قبولًا لدى العديد من الدول، التي بادرت بالاعتراف بدولة فلسطين، وستجد قبولًا مماثلًا خلال الفترة المقبلة، خاصة أن تلك الدعوة تتماشى مع الشرعية الدولية، التي أعطت الفلسطينيين الحق في إقامة دولتهم المستقلة.
وبنفس النهج الحكيم للمملكة في سياستها الخارجية، حمل الخطاب الملكي، الذي ألقاه سمو ولي العهد، مبادئ قويمة، تكشف عن تسامح المملكة، وميلها نحو الحوار البنّاء، بين الدول المتنازعة، من أجل حل خلافاتها بأسلوب رصين وحكيم، بعيدًا عن العنف واستخدام القوة.
وفي هذا الموضوع، جاء تأكيد سمو ولي العهد بأن المملكة تلعب دورًا محوريًا في إرساء دعائم الاستقرار في المنطقة والعالم، كما أنها تعزز الأمن والسلم الدوليين، وتعمل على الدوام، على احترام استقلالية الدول، وعدم المساس بقيمها، مع الأخذ بمبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتجنّب اللجوء إلى القوة في حل النزاعات، باعتباره السبيل الأمثل لبناء مستقبل أفضل للجميع، وكأن سموه بذلك يوجه رسائل إلى العديد من الدول المتصارعة حاليًا، بأن عليها تحكيم العقل والاحتكام إلى المنطق في حل النزاعات.