كثرت في الآونة الأخيرة مخالفة الذوق العام، لدرجة أنك قد تتوهم للحظة وأنت تتبضع بالسوق التجارية أنك دخلت عمارة سكنية بالغلط؛ وذلك لكثرة الرجال الذين يرتدي كل منهم (قميص نوم)، أو "شورت" قصيرًا، أو بدلة علاقية رياضية.. إضافة لبعض النساء اللاتي لا يراعين الملابس المحتشمة بالأماكن العامة لفهمهن القاصر للتطور؛ بما يُظهر بعضًا من زينتهن؛ الأمر الذي يستدعي ضرورة العودة لرف الأنظمة و(لائحة المحافظة على الذوق العام)، والبدء بتطبيقها بروح القانون مع البسطاء اللامبالين حَسني النية، وبنص القانون مع الفاشينيستا ومشاهير السوشيال ميديا!!
لا يزال الكثير من الناس يعتقد جازمًا في قرارة نفسه أنه حُر بلبسه، مع أننا تربينا على المثل الشهير (كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس). ومع أن النظام عرّف الذوق العام بأنه (مجموعة السلوكيات والآداب التي تعبّر عن قيم المجتمع ومبادئه وهويته) لكن هناك مَن جاء يعيش بيننا ويريد فرض وصايته، وهو لا يرى أبعد من أرنبة أنفه!!
على فكرة: قضيتنا في الذوق العام ليست مع الناس البسطاء الذين قد تنسيهم همومهم اليومية وشغف العيش الاهتمام بمظهرهم؛ هؤلاء يمكن تنبيههم وهم يهيمون بالشوارع لضرورة تجاوز ظروفهم والعناية بزيهم.. هؤلاء قد تعني لهم الغرامة المفروضة من 100 إلى 200 ريال الشيء الكثير ليرضخوا بالنهاية للأنظمة المرعية.
قضيتنا في الذوق العام مع بعض الدخلاء الذين لا تروق لهم عاداتنا وتقاليدنا، الذين ينظرون لها بتعالٍ عبر بروجهم العالية التي شيدتها مداخيل إعلاناتهم بالسوشيال ميديا. هؤلاء لا يريدون فقط نزع ملابسنا التقليدية، بل تجريدنا تمامًا من قيمنا ومشاعرنا الموروثة التي أوجب النظام الأساسي للحكم مراعاتها واحترامها!!
حتى ذلك السائح الأجنبي لم يأتنا عانيًا من آخر الدنيا لهذه الصحراء العربية الغنية بمناطقها التراثية قبل ثرواتها النفطية ليرى سيدة تضع الوشم على ساعدها، وتقص شعرها كالولد، وتمشي الخيلاء! بل جاء ليبهر عينيه ويغذي مَلَكته بالثقافة الشعبية السائدة المتمثلة بالزي السعودي، والعادات القبلية، وقبل ذلك كله ملامح ابن البلد، ومدى حفاوته بالضيوف وزوّار المنطقة؛ لهذا أكدت لائحة المحافظة على الذوق العام ضرورة الالتزام باللباس المحتشم الخالي من العبارات المسيئة، والصور الخادشة للحياء. فيما أوضحت -من جهة أخرى- أن تكون قواعد اللبس لزوار السعودية وفق النموذج المعد لهذا الغرض، وهو ما يعني مراعاتها منهم قدر الإمكان بما يحفظ الحشمة، والترغيب بالمكان كوجهة سياحية، باتت موردًا استثماريًّا مهمًّا للبلد.
إننا إذا ما أردنا الحفاظ على الذوق العام بكل المواقع المتاح ارتيادها، بالأسواق، المقاهي، المتاحف، دور السينما، الملاعب، الشواطئ، المعارض ووسائل النقل المختلفة.. فإنه يتعين رفع سقف الغرامة المفروضة على بعض المعلنين والمشاهير بما يتوافق مع مداخيلهم وممارستهم، وأن يضاف لها عقوبة التشهير التبعية بإعلان المخالفة بالصحف والمواقع الإلكترونية على نفقتهم، وعبر زاوية ثابتة، تُنشر يوميًّا تحت عنوان (ناس ما عندها ذوق)!!