في 4 أكتوبر 1957م أُطلق أول قمر صناعي (سبوتنيك 1) إلى الفضاء الخارجي، ثم كان السوفييتي يوري جاجارين أول إنسان يدور حول الأرض، ومنذ ذلك الحين انطلقت المهمات والرحلات، واشتعل السباق العالمي المحموم لاستكشاف الفضاء، وسبر أغواره.
وأخذت السعودية مكانها في التنافس العالمي نحو سبر أغوار الفضاء عندما أرسلت الأمير سلطان بن سلمان عام 1985م على متن المكوك الفضائي الأمريكي "ديسكفري"؛ ليجوب الفضاء في رحلة تاريخية بوصفه أول رائد فضاء عربي مسلم.
وتعيد الرياض الكرّة بانطلاق المهمة العلمية السعودية التاريخية نحو الفضاء بعد ساعات قليلة، وعلى متنها أول رائدة فضاء سعودية وعربية مسلمة ريانة برناوي، وعلي القرني، الذي يعد أيضًا أول رائد فضاء سعودي يصل إلى محطة الفضاء الدولية.
وسيُجري الطاقم الفضائي 11 تجربة علمية رائدة في الجاذبية الصغرى، وثلاث تجارب توعوية تعليمية، يشارك فيها 12 ألف طالب في 42 موقعًا بالسعودية عبر الأقمار الاصطناعية.
وتأتي الرحلة الطموحة كجزء من برنامج السعودية لرواد الفضاء، الذي أطلقته الهيئة العامة للفضاء، ويهدف لتأهيل كوادر سعودية متمرسة؛ لخوض رحلات فضائية طويلة وقصيرة المدى، والمشاركة في التجارب العلمية، والأبحاث الدولية، والمهام المستقبلية المتعلقة بالفضاء، والاستفادة من الفرص الواعدة التي يقدمها قطاع الفضاء وصناعاته عالميًّا، والإسهام في الأبحاث التي تصبُّ في صالح خدمة البشرية في عدد من المجالات ذات الأولوية، مثل الصحة، والاستدامة، وتكنولوجيا الفضاء.
ويتضمن برنامج السعودية لرواد الفضاء، الذي يأتي كحزمة متكاملة تحت مظلة رؤية 2030، إرسال رواد ورائدات فضاء سعوديين إلى الفضاء في مهام لخدمة البشرية.
تُعدُّ رحلات الفضاء المأهولة مقياسًا لتفوُّق الدول وتنافسيتها عالميًّا في العديد من المجالات، مثل التقدم التكنولوجي، والهندسي، والبحث العلمي والابتكار؛ وهو ما يسهم في رفع مكانة السعودية في خارطة الدول التي تستثمر في علوم الفضاء المتخصصة. كما تبرهن المهمة الفضائية على قدرة السعودية الكبيرة على إجراء أبحاثها وتجاربها بشكل مستقل، والاستفادة من نتائجها وتبعاتها بطريقة علمية، مما يمهد لرحلات علمية أخرى مستقبلاً، ويسافر بالطموح السعودي لاستكشاف الفضاء بعيدًا.
يحظى القطاع الفضائي بعناية ورعاية سمو ولي العهد رئيس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، واهتمام الدولة السعودية؛ فقبل نحو عام وقّعت السعودية اتفاقية "أرتميس" مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"؛ للانضمام للتحالف الدولي في مجال الاستكشاف المدني واستخدام القمر والمريخ والمذنبات والكويكبات للأغراض السلمية، التي تتضمن أيضًا الانضمام إلى التحالف العالمي لعودة الإنسان مجددًا إلى القمر، وذلك على هامش زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لجدة.
ويستمد الطموح الفضائي السعودي زخمه من رؤية 2030 ومستهدفاتها؛ إذ يولي ولي العهد أولوية قصوى للفضاء بوصفه اقتصاد المستقبل، إضافة إلى دوره الكبير في تحقيق مستهدفات الرؤية في القطاعات الواعدة وتقنيات المستقبل والفضاء؛ لجعل السعودية وجهة عالمية في المجالات كافة.
ويفسِّر حجم اقتصاد الفضاء، الذي يقدر بأكثر من تريليون دولار بحلول عام 2040، مبررات التوجه السعودي نحو الفضاء؛ فالحجم الهائل للاستثمارات في ذلك المجال يتماشى مع أهداف رؤية 2030 بإيجاد وتعظيم الروافد الاقتصادية لاقتصاد وطني متنوع ومستدام إلى جوار كلاسيكيات الاقتصاد كالقطاع النفطي والطاقة.