جسَّدت المملكة إرثها الثقافي في ارتباطها بالقهوة؛ عبر سلسلة تاريخية حافلة بالعادات والتقاليد، وقيم ومعاني الكرم والضيافة؛ بالتزامن مع اليوم العالمي للقهوة الذي يصادف الأول من شهر أكتوبر كل عام؛ وذلك انطلاقاً من خصوصية تعامل المجتمع السعودي معها ومع أجوائها المميزة، من حيث الزراعة والتحضير والتقديم؛ ما يُبرز التنوُّع في طرق إعداد القهوة السعودية وتقديمها.
تُشارك المملكة التي تُعد من أكثر دول العالم استهلاكاً للبن؛ المنظومة الدولية في الاحتفاء بهذا اليوم مبرزةً مكانة القهوة كعنصرٍ من عناصر الضيافة الأصيلة؛ عبر إقامة عديدٍ من الفعّاليات والمبادرات والأنشطة التي تُقام على مدار العام؛ خاصة في ظل تقديم القهوة السعودية؛ كعنصرٍ ثقافي يرمز للقيم العُليا التي يتميّز بها الشعب السعودي من كرم الضيافة وحُسن الاستقبال؛ مع الحرص على زيادة الوعي ودعم المهتمين والمزارعين؛ خاصة فيما يتعلق بالجودة والشغف المصاحب لهذا المشروب.
وعملت وزارة البيئة والمياه والزراعة؛ على إكثار زراعة البن؛ بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الناتج المحلي مستقبلاً ورفع العائد الاقتصادي؛ للإسهام في رفع الناتج المحلي غير النفطي وفق خطط وأهداف رؤية المملكة 2030؛ مما يزيد المملكة تميزاً بالقهوة زراعةً وتحضيراً وتقديماً بلون ومذاق مختلفَيْن في مختلف مناطقها، وتقديمها للضيوف بطرقٍ وأساليبَ متعدّدة؛ مما يمنح القهوة السعودية خصوصيتها وعمقها الثقافي الفريد.
وعرفت خُطوات تقديم القهوة قديماً بأسماء محدّدة اندثرت اليوم، وارتبطت دلالاتها القديمة بالتراث المحلي، فمثلاً يُطلق اسم فنجان "الهيف" على الفنجان الذي يشربه المُضيف أمام ضيوفه قبل التقديم لإثبات سلامة القهوة، أما فنجان "الكيف" فهو فنجان يحتسيه الضيف متلذذاً بطعم القهوة، ويتبعه فنجان "الضيف" الذي يرمز للكرم ومكانة الضيف، ثم فنجان "السيف" الذي باحتسائه يتعاهد الضيف والمضيف على التآزر في الشدائد.
وتمتاز كل منطقة من مناطق المملكة بطريقة صُنع مميزة للقهوة؛ حيث يُضاف لقهوة منطقة نجد الهيل والزعفران، أما أهل الجنوب فيضيفون إلى المكوّنَيْن السابقَيْن القرنفل والزنجبيل والقرفة، ويمزج أهل حائل البن مع الهيل والزعفران والقرنفل، فيما يكتفي سكان غرب المملكة بالبن والهيل فقط؛ فيما يبتكر اليوم عُشاق القهوة طرقاً مستحدثة لصناعتها فبعضهم يضيف إليها الحليب أو مبيض القهوة؛ فيما كانت القهوة قديماً تُحضر على الحطب وتطوّرت وسائل تحضيرها اليوم فاختُرعت لها دلة كهربائية وخلطة تحضير فورية، وعُرفت تقاليد مختلفة في تقديمها، إذ يجب أن تُمسك دلة القهوة وتُصب باليد اليسرى ويُقدم الفنجان للضيف باليد اليمنى.
يُذكر أن المنظمة الدولية للقهوة "ICO" أُسست في العاصمة البريطانية لندن عام 1963م، وتجمع أغلب الدول المصدّرة للقهوة، والمستوردة الرئيسة لها، حيث كان أول تاريخ رسمي لهذا اليوم وافقت عليه المنظمة هو 1 أكتوبر 2015م؛ وتعد القهوة أكثر مشروب استهلاكاً حول العالم.