يؤكد الكاتب الصحفي أحمد صالح حلبي أن المؤسسات والشركات الكبرى تتحايل على التوطين في المملكة، حيث تقوم بتعيين غير السعوديين بوظائف يقتصر عملها على المواطنين، بعد أن تقوم بنقل كفالتهم بمسمى مختلف عن العمل الذي يمارسه، ويشكو من أن فرق التفتيش تقوم برصد مخالفات التوطين في الأسواق والمحلات التجارية والمولات، بينما هي غائبة عن هذه المؤسسات والشركات الكبرى، حسب الكاتب، الذي يطالب وزارة الموارد البشرية بمعالجة هذه المشكلة.
وفي مقاله "أين توطين الوظائف يا وزارة الموارد؟" بصحيفة "مكة"، يقول حلبي: "عرف (التوطين) بأنه مصطلح يطلق على عملية إحلال المواطنين السعوديين مكان العمالة الوافدة في وظائف القطاع الخاص؛ للحد من مشكلة البطالة، وإفساح المجال أمام الشباب السعودي للعمل بالقطاع الخاص.. وفي أواخر نوفمبر 2022 دشن وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، النسخة الثانية من برنامج (توطين) لتوفير 170 ألف وظيفة، ويسهم البرنامج في استقطاب الكوادر الوطنية المطلوبة في المهن التخصصية النوعية والفنية والتقنية، من خلال 3 مسارات رئيسة للبرنامج: الحوكمة، ووضع المستهدفات، ونقل المعرفة.. وتشارك في برنامج (التوطين) 6 وزارات هي (التجارة، السياحة، النقل والخدمات اللوجستية، الصحة، والشؤون البلدية والقروية والإسكان، والصناعة والثروة المعدنية)".
ويضيف الكاتب قائلاً: "لا تنحصر أهمية التوطين في الحد من البطالة وحدها، لكنها تكمن في تأثيراتها الاقتصادية والنفسية والاجتماعية على الفرد والمجتمع، لذلك حرصت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على تنفيذ برنامج التوطين من خلال مراحل متعددة، بهدف رفع نسبة السعودة مع عدم الإضرار بأصحاب المؤسسات والشركات، وهو ما رأيناه في تطبيق توطين الصيدليات، فقد بدأت المملكة في (يوليو 2020 في توظيف صيادلة سعوديين محليين وأعلنت توظيف 3000 آخرين بحلول عام 2022)، وستستمر بتنفيذ التوطين على مراحل".
ويرصد "حلبي" تحايل مؤسسات وشركات كبرى على التوطين، ويقول: "لتحقيق مفهوم التوطين كواقع عملي تقوم فرق التفتيش الميدانية برصد مخالفات التوطين، وأي مخالفات تتعلق بسوق العمل في الأسواق والمحلات التجارية والمولات، لكنها غائبة عن تفتيش المؤسسات والشركات الكبرى، فالزائر لبعض هذه المنشآت يفاجأ بأن قرارات التوطين مجرد إجراء روتيني داخل المنشأة دون التزام عملي بتنفيذها، فالمدير العام أو الرئيس التنفيذي يرفضان مبدأ التوطين ويصران على تعيين غير السعوديين بوظائف يقتصر العمل فيها على السعوديين، ويتم عادة نقل كفالة غير السعودي بمسمى مختلف عن العمل الذي يمارسه بطريقة تحايل على الأنظمة.
ويمضي "حلبي" قائلاً: "أمام هذه المخالفات وغيرها فإننا لا نجد أي تحرك من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، التي اقتصر دور فرق تفتيشها الميدانية على الأسواق والمنشآت الصغيرة وغابت متابعتها وجولاتها المفاجئة على المؤسسات والشركات الكبرى وكأنها تقول لهم إن المجال متاح أمامكم لمخالفة أنظمة العمل فأنتم بعيدون عن أنظارنا!".
وينهي "حلبي" قائلاً: "إن ما نحتاجه اليوم من وزارة الموارد البشرية ليس توفير فرص عمل محفزة ومنتجة للمواطنين والمواطنات، ولا رفع مستوى مشاركتهم في سوق العمل، ولا إطلاق برامج دعم الأجور لتحفيز توطين الوظائف بهذا القطاع أو ذاك، ولا تقديم محفزات ودعم، بل نحتاج إلى تفعيل قرارات التوطين وتكثيف دور الفرق الرقابية وتحويلها من فرق تجوب الأسواق لتسجل المخالفات على المحلات التجارية الصغيرة إلى فرق تفتيش داخل المؤسسات والشركات للتأكد من احترام هذه المنشآت للقرارات والأنظمة، وتطبيق العقوبات بحق مخالفيها دون استثناء؛ فالجميع أمام النظام سواسية، فليس من المعقول أن يعاقب تاجر صغير، وتعفى من العقوبة شركة كبرى".