أكد مستشار العلاقات العامة وإدارة السمعة الأستاذ علي الهمامي، أن المشاعر تمثل جزءًا لا يتجزأ من علاقة الجمهور مع المنظمة. فالمشاعر التي تكونها الجماهير تؤثر بشكل كبير على قراراتهم للتعامل مع خدمات أو منتجات المنظمة والولاء لها. لذلك، تسعى العديد من المنظمات إلى فهم وإدارة المشاعر التي يكونها الجمهور تجاهها، بهدف تعزيز العلاقة معهم والحفاظ على الولاء.
وأشار "الهمامي" إلى أن من الأنواع الأكثر شيوعًا للمشاعر الإيجابية تجاه المنظمات هي الحماس والجرأة. فعندما يشعر الجمهور بها فإنه سيكون أكثر قرباً للتعامل مع منتجاتها أو خدماتها. ويتجلى ذلك أيضا في التفاعل الرقمي بين الطرفين وفي الفعاليات.
وأردف بقوله: في عالم التواصل المزدحم اليوم، لم تعد المنتجات أو الخدمات هي العامل الوحيد الذي يحدد نجاح المنظمات، بل أصبحت المشاعر التي تخلقها هي السر وراء جذب الجماهير وولائهم، فهم اليوم لا يبحثون فقط عن المنتج أو الخدمة المميزة، ولكن أيضا عن منظمات مرتبطة بقيم وأهداف تتناغم مع قيمهم الشخصية. كما قد يشعر الجمهور بالفخر والاعتزاز تجاه المنظمة إذا كانت تتماشى مع قيمه ومبادئه الشخصية. ويدعم ذلك مبادرات المسؤولية الاجتماعية التي تقدمها المنظمة في مجتمعها.
وأوضح قائلًا: يجسد فيلم "فورد ضد فيراري" قصة عميقة حول كيف واجهت الأولى مشكلة انخفاض مبيعاتها في الستينات من القرن الماضي بابتكار مركبة فورد جي تي لتجسد السرعة والقوة والتميز والتي تفوقت على "فيراري" في سباق لو مان الأسطوري بنسخة عام 1966م، الذي انتهى بحصد المراكز الثلاثة الأولى لصالح فورد.
وأضاف أن شركة فورد خلقت بهذا المنتج مشاعر جديدة جذب لها عملاء جدد وعززت بذلك التتويج قيمة علامتها التجارية عالميا إلى جانب أنه نقل علامتها التجارية إلى مصاف الشركات الرائدة في صناعة السيارات الرياضية الفاخرة.
وأفاد علي الهمامي بأن مرحلة بناء المشاعر تبدأ بفهم القيم والأهداف التي تحرك سلوكيات، وتفضيل، وعواطف الجمهور، من خلال الأبحاث والمقابلات وجمع البيانات وتحليلها والاستفادة من التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والوصول للتطلعات والاحتياجات، فالعواطف تفاعل معقد من الاستجابات الفسيولوجية والنفسية التي تنجم عن المحفزات الخارجية.
وأتبع بقوله: يتبع ذلك خلق قصة مؤثرة تعكس شخصية المنظمة وترتبط مع الجماهير بطريقة محفزة وإيجابية ومختلفة عن المنظمات المشابهة أو المنافسة، وسبغ هذه القصة بلغة عاطفية وملهمة إلى جانب المعلومات والحقائق والمعارف، مع التأكد من أن جميع نقاط التفاعل مع الجمهور تؤكد على تلك القصة بتفاصيلها وقيمها والمشاعر المستهدف إيصالها.
وقال علي الهمامي أنه على سبيل المثال تتبنى شركة Apple رسالة "Think different" للتأكيد على أن جمهورها له قيمة مميزة وفريدة. أيضا استفادت شركة Nike من قصص الرياضيين الذين واجهوا ظروفا صعبة وأطلقت رسالتها "Just Do It" لتعزيز الإلهام عند استخدام منتجاتها.
وأكد علي الهمامي بأنه يأتي بعد ذلك، مرحلة إدارة تلك المشاعر من خلال تعزيز تجربة المستفيد، وتقديم تجربة استثنائية من خلال جميع نقاط التفاعل الشخصية والرقمية، مع تنظيم فترات التواصل وتزويد المستفيدين بمحتوى قيم وملهم يعكس أساس تلك المشاعر التي تربط الطرفين، ويعزز الهوية والقيم التي تتمتع بها المنظمة وبشكل واضح، وذلك من خلال تنظيم عملية التواصل واتساقها لتصنع التأثير المأمول لدى جماهيرها. مع الأخذ بعين الاعتبار معالجة المشاعر السلبية، بالاستماع الفعال والاستجابة السريعة للملحوظات والطلبات، والتعامل الشفاف مع تحسين مستمر للخدمات أو المنتجات.
وأوضح الهمامي أن الإبداع يعرف بأنه القدرة على توليد وإيجاد أفكار وطرق جديدة لتحسين وتطوير الأعمال، ويعرف الابتكار بأنه العملية التي تحول الإبداع إلى خلق واقع جديد في الخدمات أو المنتجات. وفي صناعة العلاقات العامة يعتمد مستقبلها بشكل رئيس على الإبداع في المحتوى، والمنتجات أو الخدمات، بالإضافة للتقدم التقني والاستمرار في الابتكار. وهذا ما أكدته دراسة ICCO التي أجريت مع 271 خبيرا في مجال العلاقات العامة من 80 دولة.
واختتم بقوله إن صناعة المشاعر وإدارتها يجب إن يردفها الإبداع والابتكار في صناعة وتقديم المنتجات أو الخدمات وحملها من خلال استراتيجية اتصالية مناسبة وبمحتوى نوعي.