تنعقد القمة العربية في الجزائر في الأول من نوفمبر القادم والثاني منه، على وقع ما يعيشه الوطن العربي من اضطرابات جيوسياسية كبيرة، ومواجهة النفوذ الإيراني الذي يقلق المحور العربي، ويهدد استقرارهم. ومع تصدُّع العلاقات بين الجارتين وجَّهت الجزائر الدعوة للمغرب في محاولات للَمِّ الشمل، وإصلاح العلاقات بعد القطيعة الأخيرة.
وأنهت الجزائر الرتوشات الأخيرة لأول قمة عربية رقمية تُقام بعد قمة تونس المنعقدة عام 2019، وقد أُلغيت نسختا 2020 و2021 بسبب تداعيات كورونا. وتزيَّن الجامع الكبير بالجزائر بـ22 مجسمًا، يحكي تراث ومعالم دول الأعضاء بجامعة الدول العربية. وانتشرت الراية الوطنية وأعلام الدول العربية في الشوارع؛ لنكون على مقربة من الموعد الأخير بعد انتهاء الترتيبات والتنظيمات اللوجستية للقاء القادة العرب لمناقشة قضاياهم المصيرية.
وتسعى الجزائر لمعالجة الكثير من الملفات والقضايا بالحلول السلمية، بما فيها القضية الفلسطينية التي تدعو فيها لإحياء مبادرة السلام العربية كحل لقيام دولة فلسطين. وتضطلع الجزائر بدور دبلوماسي ملموس في هذه القمة من خلال معالجتها الملف الأمني، وما يحتويه من تعقيدات في ليبيا والأزمة اليمنية والأوضاع في سوريا، وكثير من الظروف السياسية التي تهز السودان والعراق. ويتوقَّع مراقبون أن تقود الجزائر جهودًا لحلحلة الأزمات المقلقة المختلفة.
ومن جانبه قال المحلل السياسي يحيى التليدي: "استكملت الجزائر الترتيبات الخاصة بالقمة العربية التي ستُعقد مطلع الشهر القادم، وكلها تشير إلى أنها حريصة على إنجاح القمة المنتظرة، وإعطاء هذا الموعد القيمة التي يستحقها. وقد وجَّه خادم الحرمين الشريفين بإنابة وزير الخارجية لرئاسة وفد السعودية في هذه القمة بعد اعتذار سمو ولي العهد لظرفه الصحي".
وأكد وقوف السعودية إلى جانب الجزائر، ودعمها لكل ما من شأنه نجاح القمة. ورغم التوترات السياسية بين الجزائر والمغرب فإن الرباط أكدت مشاركتها في قمة الجزائر، لكنها لم تحدد بعد مستوى التمثيل. كما سيشارك عدد من الضيوف، أبرزهم أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، وموسى فكي رئيس الاتحاد الإفريقي، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف رئيس حركة عدم الانحياز، وعادل بن عبدالرحمن العسومي رئيس البرلمان العربي.
وأكد: "العالم العربي بحاجة إلى لَمِّ الشمل، وتجاوُز الخلافات، والنظر إلى التهديدات أكثر من أي وقت مضى؛ لأن المخاطر أصبحت مُركَّبة ومعقدة، وتحتاج لرؤية عربية مشتركة. وأعتقد أن قمة العلا وما تلاها من لقاءات عربية متعددة مهَّدت الأرضية لمثل هذا التلاقي.. فكثير من الدول العربية تمرُّ بأزمات سياسية معقدة، والأمن الغذائي العربي مهدد، كما أن العلاقات العربية - العربية ليست في أحسن أحوالها".
مختتمًا: "وذلك من أزمة الصحراء الغربية وصولاً إلى الوضع المتفجر في العراق، مرورًا بأزمة مياه النيل والصراع في ليبيا والوضع في اليمن وسوريا ولبنان، والتدخلات الإقليمية، وعلى رأسها التدخلات الإيرانية.. كل هذه أخطار تستحق عملاً عربيًّا مشتركًا، وتستحق أن يعمل المضيف الجزائري لبناء قواعد ومساحات مشتركة بين الدول العربية.. وهذا هو السبيل لإنجاح قمة الجزائر المنتظرة".