كثيراً ما يتحدث الغرب عن المرأة في عالمنا العربي والإسلامي منتقدين وضعها الاجتماعي والسياسي ومطالبين بحرية أكبر للمرأة ومساواة بالرجل في شتى المجالات، معتبرين أنهم الأنموذج الذي يجب أن يُحتذى في هذا المجال.
وهذه في الحقيقة ليست سوى خديعة كبرى كغيرها من الخدع التي يحاول الغرب ترويجها، مستغلاً وسائل الإعلام والميديا التي تسلط الأضواء على المرأة الغربية لتبدو وكأنها ملكة متوّجة على عرش التقدم والرقي الغربي!
وينبري بعض السذج في بلاد العرب والمسلمين؛ فيتلقون هذه الخدع بعقول العصافير، ويدافعون عنها؛ بل ويجاهدون جُل طاقتهم في الترويج لها باعتبارها مفتاح الولوج لعالم اليوم الحديث المتقدم!
والصدمة المروعة لهؤلاء وهؤلاء تأتي من ديار الغرب ذاتها وبشهادتهم على أنفسهم، ومن داخل أعتى المؤسسات، ومن أعلى المسؤولين السياسيين في بلاد الغرب ذاتها.
فحينما ترصد موظفة واحدة في البرلمان الأوروبي "50 حالة تحرش ضد النساء خلال 3 سنوات"؛ فهذا لا يمثّل سوى جبل من الصمت على التحرش المنتشر كالوباء في بلاد الغرب. (بي بي سي ـ 26/10/2017).
وهذا الوباء طال رئيس أكبر دولة في العالم المتقدم؛ حيث طالبت أكثر من 50 مشرعة ديمقراطية بمجلس النواب الأمريكي "الكونجرس"، بإجراء تحقيق في شكاوى التحرش الجنسي التي تَقَدّمت بها عدة نساء ضد الرئيس دونالد ترمب. وقالت المشرعات في رسالة مكتوبة: "لا نستطيع تجاهل العديد من النساء اللاتي تَقَدّمن باتهامات ضد السيد ترامب". (العربية ـ 12/12/2017).
وخلال العامين الأخيرين اتهمت أكثر من 12 سيدة، ترامب بالتحرش الجنسي في السنوات التي سبقت دخوله المعترك السياسي، وجاء في الرسالة التي أُرسلت إلى لجنة التحقيق الرئيسية بالمجلس، أن هناك ما لا يقل عن 17 شاكية، وأوردت أسماءهن.. والعجيب أن الشاكيات لا حيلة لهن في محاكمة الرئيس الأمريكي؛ بسبب سيطرة الجمهوريين على جدول الأعمال في الكونجرس!
وكم كانت الفضيحة مدوية حينما لاحقت الاتهامات الرئيسَ الأمريكي الهرم العجوز بوش الجد، في قضايا تحرش جنسي بفتيات في سن الأحفاد!! ثم يأتي منه الاعتذار بدم بارد!!
وغني عن البيان الحديثُ عن هذا الوباء في المستويات الأدنى؛ حيث خلُصت دراسة حديثة إلى أن نحو ثلث الفتيات المراهقات في بريطانيا يتعرضن للتحرش الجنسي من ذكور من نفس السن. وأشارت الدراسة، التي أجرتها مؤسسة "تشيلدنت" الخيرية، إلى أن نحو 31% من الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 13 إلى 17 عاماً، قد تَعَرّضن للتحرش الجنسي، مقارنة بـ11% للفتيان. وقال 10% من الفتيات الـ1559 اللاتي شاركن في الدراسة: إنهن تلقين تهديدات بالاعتداء الجنسي؛ بما في ذلك الاغتصاب.
عجيب أن يحدث كل هذا وأكثر منه في بلاد الغرب، ثم يتهموننا هم بهضم حقوق المرأة والانتقاص من قدرها! في حين أن المرأة في بلادنا يُمكّن لها في سوق العمل، وفي غيره من المجالات؛ حتى بدأت تطرق باب الإفتاء، دون أن تصل إلى حد الابتذال والإذلال الذي تعانيه في بلاد الغرب.
فأي الفريقين أحق بصفة التقدم والرقي والحضارة؟! الذي يمكّن للمرأة في الحياة ويحفظها بسياج العفاف والطهر، أم الذي يخرجها من بيتها ليمارس معها التحرش والعهر؟!