
"طموحنا أن نبني وطنًا أكثر ازدهارًا، يجد فيه كل مواطن ما يتمناه.. فمستقبل وطننا الذي نبنيه معًا لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم، بالتعليم والتأهيل، بالفرص التي تُتاح للجميع، والخدمات المتطورة، في التوظيف، والرعاية الصحية، والسكن، والترفيه.. وغيرها".. بهذا الاقتباس وضع ولي العهد الأساس الذي بُنيت عليه رؤية 2030، والقاعدة التي انطلقت منها نحو ثالوث التطوير: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.
فقد انتصفت مسيرة انطلاق الرؤية منذ أن وضع سمو ولي العهد رئيس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، لبنتها الأولى في إبريل من عام 2016م، محققة عددًا من الإنجازات والإصلاحات التي لم يكن يحلم بها أشد المتفائلين للمملكة؛ فقد رآها الجميع غير ممكنة أو بعيدة، إلا عراب الرؤية ومهندسها؛ فقد رآها قريبة وممكنة.
ولا شك أن رؤية السعودية هي رؤية طموحة لشعب طموح، تعمل قيادته ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ليلاً ونهارًا على التخطيط للمستقبل، وذلك من خلال استثمار مكامن القوة السعودية، من موقع استراتيجي متميز، وقوة استثمارية رائدة، وعمق عربي وإسلامي؛ إذ تولي القيادة لذلك كل الاهتمام، وتُسخّر كل الإمكانات لتحقيق الطموحات.
وتعتمد رؤية السعودية 2030 على مكامن قوة محورية، تتمثل في أن السعودية هي أرض الحرمين الشريفين، أطهر بقاع الأرض، وقِبلة أكثر من مليار مسلم؛ وهو ما يجعلها قلب العالمين العربي والإسلامي. كما تطوع السعودية قوتها الاستثمارية لخلق اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة، إضافة إلى أنها تسخر موقعها الاستراتيجي لتعزيز مكانتها كمحرك رئيسي للتجارة الدولية، ولربط القارات الثلاث: إفريقيا وآسيا وأوروبا.
وقد وضعت هذه الرؤية الطموحة حجر الأساس بتحديد 3 محاور رئيسية، هي: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح. وتتفرع تلك المحاور إلى 96 هدفًا استراتيجيًّا، يتم تحقيقها عن طريق برامج تحقيق الرؤية، وهي: برنامج تنمية القدرات البشرية، وبرنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية، وبرنامج التخصيص، وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج التحول الوطني، وكذلك برنامج خدمة ضيوف الرحمن، وبرنامج تطوير القطاع المالي، وبرنامج تحول القطاع الصحي، إضافة إلى برنامج الإسكان، وبرنامج الاستدامة المالية، وبرنامج جودة الحياة.
تتعدَّد وتتنوَّع الإنجازات الحسية والمادية للرؤية خلال 7 سنوات من عمرها في القطاعات والمجالات المختلفة، إلا أن أكبر إنجازاتها إرساؤها عوامل التمكين الاقتصادي، وتحفيزها للمواطنين والمواطنات على الإبداع والتطوير، وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم، ومن ثم استدامة هذا التطوير.
وشهدت السعودية خلال السنوات الماضية إصلاحات هيكلية على الجانب الاقتصادي والمالي؛ وهو ما يعزز من رفع معدلات النمو الاقتصادي، مع الحفاظ على الاستقرار والاستدامة المالية.
ويظهر هذا جليًّا في تحسن بيئة الأعمال في السعودية، والسعي المستمر لتمكين القطاع الخاص لدعم التنويع الاقتصادي عبر تحسين بيئة الأعمال، وتذليل المعوقات؛ لجعلها بيئة أكثر جاذبية، إضافة إلى الاستثمار في القطاعات غير المستغلة سابقًا، وكذلك تحسين البيئة الاستثمارية، وزيادة جاذبيتها للمستثمرين المحليين والأجانب.
ونجحت السعودية منذ إطلاق الرؤية في تنفيذ العديد من المبادرات الداعمة والإصلاحات الهيكلية؛ لتمكين التحول الاقتصادي. وشمل هذا التحول جهودًا رئيسية عدة، متمحورة حول بُعد قطاعي، يشمل تعزيز المحتوى المحلي والصناعة الوطنية، وإطلاق القطاعات الاقتصادية الواعدة وتنميتها. وبُعد تمكيني، يهدف إلى تعظيم دور القطاع الخاص والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز استدامة المالية العامة.
وأسهمت هذه التحولات الهيكلية في تعزيز قدرة اقتصاد السعودية على تجاوز جائحة كوفيد-19 في عام 2020م بثبات، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية الأخيرة في أكثر من بقعة حول العالم.
ويُتوقع أن تستمر وتيرة هذا التحول الهيكلي نحو نمو اقتصادي مستدام في السنوات المقبلة، وخصوصًا في ظل عدد من المبادرات الاستثمارية والعملاقة تحت مظلة صندوق الاستثمارات العامة، والشركات الرائدة. كما يُتوقع أن تتسارع عجلة توطين المعرفة والتقنيات المبتكرة.