لا شك أن ما تشهده مملكتنا من اتساع عمراني مطرد، وتطور اقتصادي في جميع مجالات الحياة، يؤدي إلى زيادة الطلب على المياه والطاقة، وهذا –بدوره- يؤدي إلى إيجاد تحديات بيئية غير قليلة؛ ومن هنا فإن السعودية تهتم اهتمامًا كبيرًا بحماية البيئة، ومواجهة تحدياتها المختلفة. وقد حقق وطننا تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - أيده الله - نقلة نوعية في مجال حماية البيئة، وتقليل نسبة التلوث البيئي والانبعاثات الكربونية. وفي هذا الاتجاه تأتي مبادرة (السعودية الخضراء) التي أعلنها مؤخرًا سمو سيدي ولي العهد لزراعة 10 مليارات شجرة خلال السنوات القادمة.
ولا يمكن لأحد أن ينكر جهود المملكة العربية السعودية في حماية البيئة، وحل مشكلة المناخ العالمي؛ فقد نفّذت العديد من مشاريع حماية البيئة. ومن أبرز جهودها إنشاء صندوق لأبحاث الطاقة والبيئة، كما قامت بتنفيذ أكبر مشروع إعمار بيئي في التاريخ، وهو مشروع ترميم وإصلاح البيئة بعد حرب الخليج. وهذا المشروع وحده كلف أكثر من 1.1 مليار دولار أمريكي!!
ويدرك الجميع أن بيئة السعودية بيئة صحراوية قليلة الأشجار؛ بسبب ندرة الأمطار، ولكن حكومتنا الرشيدة في سبيل التغلب على ذلك أنشأت مركز الزراعة الصحراوية الذي يعمل على تطوير أنظمة الزراعة المستدامة التي تستخدم مياه الري بطرق تقنية حديثة، وكفاءة عالية، دون أي هدر لإنتاج الأغذية والحبوب والمحاصيل الزراعية المختلفة التي تتناسب مع البيئة الصحراوية.
وقد أطلقت السعودية مؤخرًا مبادرتا (السعودية الخضراء) و(الشرق الأوسط الأخضر) استمرارًا للقيام بدورها الريادي في حماية البيئة، والمحافظة عليها، والمساهمة في إيجاد حلول نوعية لأزمة المناخ العالمي؛ وذلك انطلاقًا من كونها إحدى أهم الدول المصدرة للنفط على مستوى العالم.
ولا يظن أحد أن اهتمام السعودية بحماية البيئة أمر نادر، بل هذا يمثل مسلكًا دائمًا لها؛ فهناك جهود كثيرة في هذا الصدد، مثل حماية الحياة الفطرية، والعمل على تطور وسائل التنمية المستدامة في جميع مناطق السعودية. وفي سبيل تحقيق ذلك استعانت السعودية بالخبراء والمتخصصين في هذا المجال من الاتحاد العالمي لصون الطبيعة، وتم إجراء الكثير من الدراسات العلمية والمسوح الميزانية الإحيائية اللازمة لإعداد منظومة متميزة للمناطق المحمية فيها.
وتحرص حكومتنا الرشيدة على حماية البيئة، وتهتم بإصدار الأنظمة التي تحافظ على المناطق المحمية للحياة الفطرية والنباتية، وتنظم عملية صيد الحيوانات والطيور البرية والاتجار بالكائنات الفطرية ومنتجاتها، وخصوصًا الفصائل النادرة منها أو المهددة بالانقراض.
وفي عام 1991م تم إعداد وثيقة "منظومة وطنية للمحافظة على الحياة الفطرية والتنمية الريفية المستدامة في المملكة العربية السعودية"، وعلى أساسها أُقيمت منظومة المناطق المحمية، التي تم تحديثها مؤخرًا وفقًا للمستجدات البيئية. واقتُرح حماية 75 منطقة، منها 62 منطقة برية، و13 منطقة ساحلية وبحرية (المصدر: المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية).
وفي عام 2005م تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية للمحافظة على التنوع الأحيائي للمملكة بهدف ضمان المحافظة على التنوع الأحيائي وتنميته. وتشمل هذه الاستراتيجية خطط دراسة الوضع الراهن للتنوع الأحيائي، والتهديدات التي تواجهه، وسبل المحافظة عليه وتنميته.
وفي مارس 2019م أصدر مجلس الوزراء الموقر قرارًا بإنشاء (المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية) بهدف الإشراف على المناطق المحمية وإدارتها، وحماية الحياة الفطرية البرية والبحرية في السعودية، والعمل على إنمائها، وإعادة الأنواع المهددة بالانقراض إلى مواطنها الطبيعية.
صفوة القول: إن مملكتنا الحبيبة تثبت للعالم أجمع يومًا بعد يوم أنها مملكة الخير والمحبة والسلام، وأنها تقدم للبشرية الخير دائمًا، ليس فقط في مجال المساعدات الإنسانية الحيوية، بل تقوم بدور بالغ الأهمية في حماية البيئة، والمساهمة في حل أزمة المناخ العالمي.