عن السر الروسي.. كاتب سعودي: لهذا السبب لم تقصف الصين طائرة بيلوسي

الكاتب الصحفي هاني الظاهري
الكاتب الصحفي هاني الظاهري
تم النشر في

بتحليل سياسي عميق، يكشف الكاتب الصحفي هاني الظاهري السر الروسي في عدم قيام الصين بقصف طائرة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، أثناء توجهها إلى تايوان؛ مؤكدًا أن السياسي الصيني هو الأكثر حكمة في العالم؛ فالصينيون تجار بطبيعتهم، ومعركتهم مع الغرب اقتصادية وليست سياسية أو عسكرية.

هل خسرت الصين معركة الكرامة السياسية؟

وفي مقاله "سر روسي: لماذا لم تقصف الصين طائرة بيلوسي؟!" بصحيفة "عكاظ"، يتساءل "الظاهري": "هل خسرت الصين معركة الكرامة السياسية التي افتعلتها بالتصريحات مع واشنطن إثر عدم تنفيذها أي تهديد تجاه زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي (نانسي بيلوسي)؟.. وهل كانت الدوائر السياسية في الولايات المتحدة متأكدة تمامًا من ألا شيء سيحدث، وأن (التحذير الصيني الأخير) لا يعني شيئًا في الواقع، ولذلك أعطت (بيلوسي) الضوء الأخضر لزيارة تايوان؛ فيما كان كثير من الأمريكيين يضعون أيديهم على قلوبهم خشية اندلاع حرب عالمية ثالثة بسبب ما ظنوا أنها حماقة جديدة ترتكبها إدارة بلادهم في وقت خطير؟!".

قصة "التحذير الصيني الأخير"

ويعلق "الظاهري" قائلًا: "الإجابة عند الروس: في الثقافة الشعبية الروسية هناك مثل شعبي أو مقولة هزلية تطلق على سبيل السخرية في المقاهي وجلسات السمر هي: (Последнее китайское предупреждение)

ومعناها (التحذير الصيني الأخير)؛ وذلك عند اندلاع شجار أو تحدٍّ، وإطلاق أحد طرفيه تهديدات مدوية دون أن يكون قادرًا على تنفيذها أو ليست له نية لتنفيذها.. عمر هذا المثل الشعبي الروسي أكثر من 50 سنة فما هي حكايته؟ ومن أين جاء؟

الحقيقة أن هذا المثل الشعبي انتشر داخل الاتحاد السوفييتي خلال ستينيات القرن الماضي؛ تعليقًا على التحذيرات الصينية للولايات المتحدة بخصوص تايوان منذ ذلك الوقت.. تلك التحذيرات بدأت عام 1958م عندما أصدرت الصين (التحذير الصيني الأخير) لأول مرة بسبب تحليق الطائرات الأمريكية المقاتلة فوق مياهها الإقليمية، وألحقته بمئات التحذيرات التي تحمل نفس الوصف (التحذير الأخير) دون أي إجراء عسكري تجاه الاستفزازات الأمريكية؛ حتى إن سفينة حربية تابعة لواشنطن أطلقت دوريات عسكرية في الجزء الشمالي من بحر الصين عام 1962م، فأطلقت الصين 3 تحذيرات متتالية كلها تحمل وصف (التحذير الأخير)، دون أي تحرك عسكري يتبعها، وبحلول عام 1964م وصل عدد التحذيرات الصينية الموجهة لواشنطن إلى نحو (900 تحذير) بحسب موسوعة ويكيبيديا الروسية".

الصينيون تجار

ويمضي "الظاهري" متسائلًا ومحللًا بعمق، ويقول: "كيف يفكر السياسي الصيني؟!

إذا كانت الحكمة السياسية تقتضي عدم توريط الدولة في حروب مع دول قوية أو عظمى بالرغم من وجود الإمكانات العسكرية القادرة على منافسة الخصم، فيمكن أن يوصف السياسي الصيني بأنه الأكثر حكمة في العالم؛ فالصينيون تجار بطبيعتهم، وهم يعرفون جيدًا معنى الربح الاقتصادي بشكل دائم مهما كانت الظروف السياسية، وهذا ما دفع الصين لدخول السباق على لقب القوة الاقتصادية العظمى من لا شيء، خلال ثلاثة عقود فقط؛ رغم المحاولات الغربية المستمرة منذ 60 عامًا لاستفزازها وجرها إلى حرب عسكرية".

الصين تكسب أموال الغرب

ويصل "الظاهري" إلى صلب حقيقة السياسة الصينية ويقول: "على عكس السياسيين الروس؛ تؤمن النخب السياسية في الصين إيمانًا عميقًا بمبدأ أن تكون الشريك الأصغر سياسيًّا للغرب مقابل أن تحصل على أرباح الشريك الأكبر اقتصاديًّا؛ ولذلك هي تتعامل مع السياسة بلغة التاجر لا العسكري أو المحارب.. يعلن التاجر دائمًا عما يصفه بـ(الفرصة الأخيرة للتخفيضات)؛ لكنه مع ذلك يستمر طوال حياته التجارية في تقديم تخفيضات وعروض أقوى من تلك التي وصفها بالفرصة الأخيرة ليستمر في الربح دون أن تعني له الكلمات شيئًا، وهذا بالضبط هو الأسلوب الذي تحبه النخب السياسية في الصين".

الصين الرابح الأكبر في عدم قصف طائرة بيلوسي

ويرصد "الظاهري" الثقافة الشعبية السياسية للصين، ويقول: "ثقافة شعبية (سياسية): من هنا يمكننا أن نفهم أن الرابح الأكبر في عدم قصف طائرة بيلوسي هي الصين نفسها، وأن الرابح الأكبر لو قصفت الصين الطائرة هي روسيا التي ستكون أسعد دول العالم بدخول الأمريكيين حربًا مع قوة عظمى كالصين".

الثقافة الشعبية الروسية

ويُنهي "الظاهري" شارحًا الثقافة الشعبية الروسية وما تتمنى أن يحدث ويقول: "لعل هذا يفسر كيف أن الثقافة الشعبية الروسية تتماهى عادة مع أمنيات السياسة الروسية، وأحيانًا قد تكون الأمثال والمقولات الشعبية صناعة استخباراتية دون أن يشعر الناس، فإن كان الصيني أكثر شخص في العالم يمتلك حسًّا تجاريًّا؛ فقد يكون الروسي أكثر شخص في العالم يمتلك حسًّا مخابراتيًّا، ولا عيب في ذلك فلكل شعب ثقافته التي تَشكلت نتيجة التغيرات والظروف السياسية والاجتماعية عبر السنين".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org