تواصل "سبق" نشر حلقات الهجرة النبوية الشريفة، وتتناول الحلقة رقم "14" يوم الفرقان، غزوة بدر الكبرى، التي حدثت في مثل هذا اليوم من السنة الثانية للهجرة النبوية، وتُعد أولَ معركة من معارك الإسلام الفاصلة.
وقال المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة المهندس حسان بن خليل طاهر: بعد أن استقر الحال في المدينة المنورة نظير الإجراءات والسياسات العظيمة التي انتهجها النبي ﷺ , وبعد أن أرسى اللبنات الأولى لاستقرار المجتمع المسلم وتكوين دولته الأولى, هنا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم في تنظيم وإعداد الخطط الاستباقيةلحماية هذا الكيان الناشئ وتأسيس القواعد الثابتة لانتشاره حول العالم . فكانت السرايا الاستطلاعية وكانت الغزوات العظيمة في سبيل إزالة جميع العقبات التي تعترض مسار انتشار الإسلام .
وأضاف: لقد أخذ النبي ﷺ على عاتقه مشعل الدعوة وإزاحة كل العقبات التي تواجهها، لذا هيأ السرايا وشارك في الغزوات لتحقيق عدة أهداف أهمها، بسط هيبة الدولة الإسلامية في الداخل والخارج، وإظهار أن الهيمنة للحق والدين الإسلامي، وحماية الدعوة الإسلامية وتأمين انتشارها، وبسط السلام في الأرض والدفاع عن المستضعفين، ضرب مركز العدو "قريش" لتمتنع عن الوقوف في وجه الدعوة الإسلامية.
وأردف: بدأ الأمر بإطلاق النبي ﷺ السرايا وذلك بعد نزول آية الإذن بالقتال والجهاد في سبيل الله, فانتشرت السرايا وخرج النبي ﷺ قائداً لمجموعة منالغزوات, وهكذا عرف الجميع بشكل جيد أن الصحراء لم تعد ملكًا لقريش وحدهم, بل إن للنبي ﷺ نصيباً وحصة وحقاً, وسيزداد هذا الحق على مر الأيام ويكبر وينتشر النور حتى يكون له في كل بيت وفي كل قلب أثر.
غزوة بدر الكبرى
وتابع: في مثل هذا اليوم من السنة الثانية للهجرة النبوية كانت غزوة بدر الكبرى والتي تُعد أولَ معركة من معارك الإسلام الفاصلة, بعد مجموعة من السرايا الصغيرة التي كان يرسلها النبي ﷺ في أنحاء متفرقة خارج المدينة المنورة, في هذه الغزوة كان الفرقان بين الحق والباطل والانتصار من الهوان لقيم الإسلام,كان يوم بدر هو اليوم الذي جاء ليؤكد سيادة الدولة التي أقامها الرسول الكريم في المدينة المنورة عقب هجرته إليها . وقد غدا هذا اليوم حجر الزاوية في بناء الدولة الإسلامية، وممارستها لكافة أعمال السيادة في جميع شؤونها الخارجية والداخلية.
سبب المعركة
وقال "طاهر": كانت من أولى الأعمال الإسلامية في المدينة بعد استقرارها شن حرب اقتصادية على قريش وذلك بالترصد لقوافلها الذاهبة إلى الشام في رحلات الصيف, حيث كانت هذه القوافل تحمل الكثير من أموال المهاجرين المسلمين من أهل مكة والتي استولت عليها قريش ظلمًا وعدواناً. فكان أن واحدة من هذه القوافل يقودها زعيم مكة نفسه، أبو سفيان بن حرب، وكانت حمولة تلك القافلة تبلغ ألف بعير، ويتولى حراستها نفر كبير من الحراس، حيث اشتمل رأس مالها على مساهمات أهل مكة كلهم، بحيث صارت أي ضربة لتلك القافلة تمثل أمرًا خطيرًا يصيب كل فرد في مكة ويشعره بالقوة الإسلامية ودولتها الجديدة في المدينة المنورة.
خروج النبي والمسلمين من المدينة
وأضاف: الرسول الكريم خرج على رأس رجال الدولة الإسلامية لترصد قافلة قريش وذلك في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثانية للهجرة، وكانت قوات المسلمين في غزوة بدر لا تمثل القدرة العسكرية القصوى لهم ذلك أنهم إنما خرجوا لاعتراض القافلة واحتوائها فقط، ولم يكونوا يعلمون أنهم سوف يواجهون قوات قريش وأحلافها مجتمعة للحرب وقد كلف رسول الله ﷺ عبدالله بن أم مكتوم بالصلاة بالناس في المدينة عند خروجه إلى بدر, وعين أبا لبابةأميرًا على المدينة المنورة.
وأردف: خرج المسلمون من المدينة في طريقهم إلى ملاقاة عير أبي سفيان، وقد وصلوا إلى منطقة تعرف الآن بمسجد السقيا داخل متحف سكة حديد الحجاز في المدينة المنورة حاليًا , فعسكروا فيها، واستعرض الرسول ﷺ من خرج معه فَرَدَّ من ليس له قدرة على المضي والقتال من جيش المسلمين، ثم أرسل اثنين منأصحابه إلى بدر طليعة للتعرف على أخبار القافلة، فرجعا إليه بخبرها.
وتابع: دفع النبي ﷺ لواءَ القيادة العامة إلى مصعب بن عمير، وكان هذا اللواء أبيض اللون، وقسم جيشه إلى كتيبتين، كتيبة المهاجرين، وأعطى علمها علي بنأبي طالب، وكتيبة الأنصار، وأعطى علمها سعداً بن معاذ، وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش- وظلت القيادة العامة في يده ﷺ .
خروج قريش من مكة
وقال "طاهر": أبو سفيانَ بلغ خبرُ خروج النبي ﷺ بأصحابه من المدينة المنورة بقصد اعتراض قافلته واحتوائها، فبادر إلى تحويل مسارها إلى طريق الساحل،كما أرسل ضمضم بن عمرو الغفاري الكناني إلى قريش ليستنفرهم لإنقاذ أموالهم وليخبرهم أن النبي عرض لها في أصحابه، فتحفز أهل مكة سراعاً لسماعهم الخبر، وقالوا: «أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟ كلا، والله ليعلمن غير ذلك»، فخرجوا جميعهم ولم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، فقد عوض عنه رجلاً كان له عليه دَين، ولم يتخلف من بطون قريش إلا بني عدي، فلم يخرج منهم أحد، وكان قوام جيش قريش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل في بداية سيره، وكان معهم مئة فرس وستمائة درع، وجِمال كثيرة لا يُعرف عددُها بالضبط، وكان قائد الجيش العام أبا جهل عمرو بن هشام المخزومي القرشي، وكان معهم القيان يضربون بالدفوف، ويغنين بهجاء المسلمين.
وأضاف: عندما تأكد أبو سفيان من سلامة القافلة أرسل إلى زعماء قريش وهو بالجحفة يخبرهم بنجاته والقافلة، والطلب منهم بالعودة إلى مكة، إلا أن أبا جهل قام فقال: «والله لا نرجع حتى نرد بدراً، فنقيم بها ثلاثاً فننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف لنا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبداً»، لكنَّ بني زهرة عصوه وانشقوا عن الجيش أيضاً وعادوا إلى مكة, وكانت بنو عدي قبلهم قد تخلفت عن الخروج، أما غالبية قوات قريش وأحلافهم فقد تقدمت حتى وصلت بدر.
خروج قريش للمسلمين
وأردف: لما بلغ رسول الله صلى خبرُ نجاة القافلة وإصرار زعماء مكة على قتال المسلمين استشار أصحابَه في الأمر, وقد أجمع قادة المهاجرين على تأييد فكرة التقدم لملاقاة العدو، ومنهم أبو بكر وعمر بن الخطاب والمقداد بن الأسود.
وتابع: هؤلاء القادة الثلاثة الذين تكلموا كانوا من المهاجرين، وهم أقلية في الجيش، فأحب الرسول ﷺ أن يعرف رأي قادة الأنصار، لأنهم كانوا يمثلون أغلبيةالجيش، ولأن بيعة العقبة الثانية لم تكن في ظاهرها مُلزمةً لهم بحماية الرسول ﷺ خارج المدينة، فقال: «أشيروا عليَّ أيها الناس، فأدرك الصحابي سعد بنمعاذ وهو حاملُ لواء الأنصار مقصد الرسول من ذلك، فنهض قائلاً: «والله لكأنك تريدنا يا رسول الله»، فقال الرسول ﷺ: «أجل ، فقال: لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، ... الخ فقال الرسول ﷺ: «سيرواوأبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم".
التخطيط للمعركة
وقال "طاهر": نزل الرسول ﷺ والمسلمون عند أدنى ماء من مياه بدر، فقال الحباب بن المنذر: «يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل؟ أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أننتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟»، قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة»، قال: «يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فانهض يا رسول الله بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله ونغور ما وراءه من الآبار، ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه ماءً ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون»، فأخذ الرسول برأيه ونهض بالجيش حتى أقرب ماء من العدو فنزل عليه، ثم صنعوا الحياض وغوروا ما عداها من الآبار.
وأضاف: بعدها اقترح سعد بن معاذ على الرسول بناء عريش له يكون مقرّاً لقيادته ويأمن فيه من العدو، فأثنى عليه الرسول خيرًا ودعا له بخير، ثم بنى المسلمون العريش على تل مشرف على ساحة القتال، وكان معه فيه أبو بكر الصديق، وكانت ثلة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ يحرسون العريش.
وأردف: بات المسلمون تلك الليلة، ليلة المعركة وقد أنزل الله تعالى عليهم النعاسَ والطمأنينة، فقد جاء في قوله تعالى: "إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ".
وتابع: بدأ الرسول ﷺ بالتخطيط للمعركة، فصفَّ المسلمين واستقبل المغرب وجعل الشمس خلفه ليستقبل أعداؤه الشمس، حتى تؤذي أشعتها أبصارهم. كما أخذيعدل الصفوف ويقوم بتسويتها لكي تكون مستقيمة متراصة، ثم بدأ بإصدار الأوامر والتوجيهات لجنده، فأمرهم برمي الأعداء إذا اقتربوا منهم، وليس وهم على بعد كبير، كما نهى عن سل السيوف إلى أن تتداخل الصفوف، كما أمر الصحابةَ بالاقتصاد في الرمي، وقد كان لتشجيع الرسول لأصحابه أثرٌ كبيرٌ في نفوسهم ومعنوياتهم، فقد كان يحثهم على القتال ويحرضهم عليه، ومن ذلك قوله لأصحابه: «قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض»، ومن تشجيعه أيضاً أنه كان يبشر أصحابه بقتل صناديد قريش، ويحدد مكان قتلى كل واحد منهم، كما كان يبشر المسلمين بالنصر قبل بدء القتال، وكان يدعو فيقول: «اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني".
بداية المعركة:
وقال "طاهر": بدأت المعركة بخروج رجل من قريش هو الأسود بن عبد الأسد المخزومي قائلاً: «أعاهد الله لأشربن من حوضهم، أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه»، فخرج إليه حمزة بن عبدالمطلب، فلما التقيا ضربه حمزة فأطَنَّ قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض، فوقع على ظهره تشخُب رجلُه دماً نحو أصحابه، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه، يريد أن تُبَرَّ يمينُه، ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى أتت عليه وهو داخل الحوض.
وأضاف: ردّاً على ذلك، خرج من جيش قريش ثلاثة رجال هم: عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة، وطلبوا المبارزة، فقال ﷺ قم ياعبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي»، وبارز حمزة شيبة فقتله، وبارز علي الوليد وقتله، وبارز عبيدة بن الحارث عتبة فضرب كل واحد منهما الآخر بضربة موجعة، فكرَّ حمزة وعلي على عتبة فقتلاه، وحملا عبيدة وأتيا به إلى الرسول محمد، ولكن ما لبث أن تُوفّي متأثراً من جراحته، وقد قال عنه الرسول محمد: "أشهد أنك شهيد".
وأردف: غضبت قريش وبدأت على المسلمين هجومًا عامًا، فصمد وثبت لهم المسلمون، وهم واقفون موقف الدفاع، ويرمونهم بالنبل كما أمرهم الرسول ﷺ وكانشعارُ المسلمين: «أَحَد أَحَد»، ثم أمرهم الرسول بالهجوم قائلاً: «شدوا»، ومما زاد في نشاط المسلمين واندفاعهم في القتال سماعهم قول النبي ﷺ الآية الكريمة:سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ.
وتابع: لقد ابتكر الرسول ﷺ في قتاله مع أعدائه يوم بدر أسلوبًا جديدًا في مقاتلة الأعداء، لم يكن معروفًا من قبلُ عند العرب، فقاتل بنظام الصفوف، وهذاالأسلوب أشار إليه القرآن في قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ"، واتبع الرسولُ أسلوب الدفاع ولم يهاجم قوة قريش، وكانت توجيهاته التكتيكية التي نفذها جنوده سببًا في زعزعة مركز العدو، وإضعاف نفسيته، وبذلك تحقق النصر على العدو برغم تفوقه.
وقال "طاهر": يؤمن المسلمون أن الله تعالى قد ألقى في قلوب أعدائهم الرعب في غزوة بدر، كما يؤمنون أنه تعالى قد أنزل الملائكة تقاتل معهم، وأن إمداد الله عز وجل للمؤمنين بالملائكة أمر قطعي ثابت لا شك فيه، فقد جاء في قوله تعالى: "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ" .
وأضاف: بدأت أمارات الفشل والاضطراب تظهر في صفوف قريش، واقتربت المعركة من نهايتها، وبدأت جموع قريش تفِرُّ وتنسحب، وانطلق المسلمون يأسرون ويقتلون حتى تمت على قريش الهزيمة وقُتل القائد العام لجيش قريش، وهو عمرو بن هشام المخزومي المعروف عند المسلمين باسم أبي جهل، فقد قتله غلامان من الأنصار هما معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح.
بعد المعركة
وأردف: انتهت المعركة بانتصار المسلمين انتصاراً عظيماً على قريش، وكان قتلى قريش 70 رجلاً، وأُسر منهم سبعون آخرون، وكان أكثرهم من قادة قريش وزعمائهم، واستشهد من المسلمين 14 رجلاً.
وتابع: لما تم النصر أرسل النبي ﷺ عبدالله بن رواحة وزيد بن حارثة ليبشرا المسلمين في المدينة بانتصار المسلمين وهزيمة قريش.
وقال "طاهر": مكث الرسول في بدرٍ ثلاثة أيام بعد المعركة، ووقف على القتلى من قريش فقال: «بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني ونصرني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس ثم أمر بهم، فسحبوا إلى قليب من قلب بدر فطُرحوا فيه، ثم وقف عليهم فقال: «يا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، ويا فلان، ويا فلان، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا»، فقال عمر بن الخطاب: «يا رسول الله! ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟»، فقال: «والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم".
نتائج المعركة:
واختتم "طاهر" سرده بالقول: لقد نصر الله عز وجل المسلمين في هذه المعركة نصراً عظيماً، فظهرت فيها التجليات الإلهية وقوة الروح الإيمانية والعزيمة الإنسانية، لقد قويت شوكة المسلمين، وأصبحوا مرهوبين، وعلى صوت الحق وانتشر صدى الانتصار في كافة الأرجاء معلنا عن بزوغ فجرٍ جديد من العدالة الإسلامية والنور المبين، لقد خسرت قريش في هذه المعركة وهم قوة العرب خسائر فادحة فقد قتل فيها جلّ زعمائهم الذين كانوا من أشد القرشيين شجاعةً وقوةً وبأسًا، ولم تكن غزوة بدر خسارة حربية لقريش فحسب، بل خسارة معنوية أيضاً، ذلك أن المدينة لم تعد تهدد تجارتها فقط، بل أصبحت تهدد أيضاً سيادتها ونفوذها في الحجاز كله.