الممارس الصحي (موظف) مثل غيره؛ له حقوق، وعليه واجبات.. فإن أردنا تقويمه فحدودنا معايير الأداء. أنا تعلمت خلال عشر سنوات معهم المغامرة، والتصبر، مع الثقة بالنفس.. لديهم قيم مهنية رفيعة؛ فالطبيب جاهز على الدوام للتعامل مع أي حالة في أي مكان.. في الطائرات حيث خُصصت لهم حقائب طبية، لا يفتحها إلا طبيب معتمد برقمه الوظيفي الشخصي.. إذ لا دوام ثابتًا له، ولا مكتب.. في الأرض، البحر تحتاج إلى طبيب، في الجو تأتيه استغاثة من حيث لا يدري. حكمة مأثورة تقول: "إذا لم تكن قد أعطيت الناس (نفسك) فأنت لم تعطهم شيئًا"..
الطبيب المحترف أخلاقه تجارية.. دمث.. متواضع.. مثقف.. ودود مع الصغير والكبير، تحسبه من أهلك من فرط إحسانه وعنايته.. وهو ليس منهم. في مستشفى خاص وجدت أطباء يحوّلون مرضاهم إلى عياداتهم في "الحكومي"، حتى لا تثقل عليهم فاتورة العلاج. أولئك لهم وزنهم وسمعتهم في أرقى المشافي العالمية.. بصورة خاصة كي لا تدفع كشفًا جديدًا؛ فقد قيل لي في أكثر من دولة "كيف تأتي إلينا للعلاج ولديكم الطبيب (فلان)، لديه بمشفانا عيادة، ويعمل عندكم للمستشفى (العلاني)!!".
معظم الممارسين ملتزمون مع مرضاهم رغم ارتباطاتهم.. لا يبالغون في قيمة الكشف، كما يجرون العمليات في المستشفيات الحكومية؛ ليجنبوا المرضى تكاليفها..
بعض الأطباء ومَن في حكمهم لديه طاقة جسدية عالية؛ فيرتبط بمهام تطوعية ـ وان كنت أخشى عليهم الاحتراق الوظيفي ـ فهم نماذج ملهمة عظيمة.
سطرت مواقف بطولية في مناطق خطرة، منهم معروف بالاسم كالراحلَين الدكتور عبدالرحمن السميط والدكتور محمد مشالي (طبيب الفقراء). وآخرون لا يعلم إحسانهم إلا الله.
لا شك أن أغلب المبالغات في أسعار الخدمات الطبية تفرضها المؤسسات الصحية الخاصة. ليس للطبيب الزائر أو المتعاون يدٌ فيها، كذلك بعض العمليات التجميلية أصبحت تُجرى بطلب خاص من العميل بدون دواعٍ طبية.
اللافت أن مثل هذه المؤسسات الصحية السعودية تقبل فقط علاجًا لمرضى بتأمين طبي فئة A وأعلى، وتفرض قيمة عالية للكشف والعمليات، مقابل خدمات فندقية VIP. تلك الفندقة لها عملاؤها ورغباتهم.. بيد أن أيديهم طاشت في الصحة؛ فشبكت الكادح المعوز مع الميسور.
في كل الأحوال، "الطبابة" إحسان بأجر، يرجوه الطبيب، ويدفعه المريض.