"قدرات لفظي لوجه الله".. قبلة على الرأس تروي "قصة مؤثرة لمبادرة معلم"

كشفت "سبق" تفاصيل المبادرة التي قام بها أحد المعلمين بإحدى مدارس المرحلة الثانوية بجدة؛ لتدريب الطلاب على اختبار القدرات مجاناً في خارج الدوام منذ سنوات على الرغم من مرضه بالتهاب الأعصاب الطرفية، الأمر الذي دفع مدير التعليم بجدة إلى تقبيل رأس المُعلم لمبادرته.

وتفصيلاً، قال صاحب فكرة مبادرة تدريب الطلاب المعلم عبدالله الدغريري لـ"سبق"، إن فكرة هذه المبادرة ليست وليدة اللحظة، بل بدأت الفكرة منذ أكثر من ست سنوات منذ حصوله على دورات بشهادات معتمدة في مجال تطوير الذات، وكذلك إستراتيجيات التفكير الإبداعي نظرية "TRIZ" وحصوله في اختبار المعلمين في تخصص اللغة العربية على درجة (97.6) ضمن الاختبارات التي يقدمها المركز الوطني للقياس والتقويم التي أثمرت بانتقاله من تدريس اللغة العربية في المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الثانوية ليستفيد الطلاب من هذا العلم.

وأضاف: "بادرت حينها بتدريب جميع طلاب المدرسة -ثانوية مجمع النور التعليمي- وكنت أطبع لهم نماذج لأسئلة القدرات غير محلولة وأدربهم على إستراتيجيات لحل تلك الأسئلة وهم يطبقونها ويقومون بحل جميع الصفحات، وظهرت نتائج تلك الدورات سريعاً -بفضل الله- وتحسنت نتائج الطلاب وكانوا يبشروني بذلك حتى أنني أفرح كثيراً لأجلهم وكأني أنا مَن اختبر وليس هم".

وتابع: استمررت على ذلك الأمر أكثر من عامين وأنا أقدم تلك الدورة في كل فصل دراسي لجميع الفصول ولجميع طلاب الصف الثاني والثالث الثانوي حتى جاءت جائحة كورونا وجاء الحجر، حينها بدأت أقلق على طلابي ومستقبلهم فكيف سأصل إليهم؟ وكيف سيحضرون الدورات؟ فجاءت البداية بفكرة استغلال "قروب" المادة الدراسية على تطبيق الواتساب ومن خلاله كنت أجيب عن أسئلة أي طالب في القدرات، وبعد ذلك أشار أحد طلابي علي بإضافتي إلى "قروب" للقدرات العامة فيه مجموعة من الطلاب والطالبات من مختلف مناطق المملكة الذين بحاجة إلى من يساعدهم ويقدم لهم دورة القدرات العامة، فما كان مني إلا الموافقة على الفور.

وأردف: بفضل من الله وتوفيقه قدمت دورة القدرات "إستراتيجيات في اختبار القدرات" على "واتساب" حيث كان عدد المنضمين في "القروب" الأول 240 طالباً وطالبة و"القروب" الثاني 119 وكنت أقوم بشرح الإستراتيجيات وتصوير الشاشة فيديو وإرسالها في "القروبين" وبعد انتهاء شرح صفحة من ملخص الإستراتيجيات أستقبل أسئلتهم وأجيب عنها.

وبين: إلى هنا، قدّم لي بعض الطلاب فكرة إنشاء قناة في "تليجرام" وتقديم الدورة فيها لكي يبقى الشرح محفوظاً ويمكن الرجوع إليه ويستطيع أن يستفيد منه أكثر من شخص، خاصة من لم يستطع أن يحضر الدورة، فوافقت على الفور وأنشأت قناة في تطبيق "تليجرام" وأطلقت عليها اسم "قدرات لفظي لوجه الله" وجعلتها صدقة جارية لي ولكل مَن يقوم بنشرها، فوضعت فيها ملخص الإستراتيجيات وشرح كل صفحة فيه، وكذلك وضعت ما يفيد الطلاب والطالبات في اختبار القدرات.

واستطرد: لكنني لم أكتفِ بذلك بل قدمت الدورات بشكل مباشر عن بُعد باستغلال برنامج "تيمز" في فترة تعليق الدراسة وكنت أقدمها كلما احتاج إليها الطلاب لأن هذا حق لهم وواجب علي وأمانة على عاتقي؛ ولهذا لم يمنعني قلة عدد الحضور من تقديمها، وفي إحدى المرات قدّمتها لثلاثة طلاب ومرة قدمتها لطالب واحد، فلم أهتم بكثرة الحضور علماً بأن مدة الدورة كانت تستمر لأربع ساعات متواصلة، وبفضلٍ من الله استفاد الطلاب والطالبات من هذه المبادرة عن بُعد أثناء فترة تعليق الدراسة حضورياً وبعد العودة كذلك استمررت في تقديم دورة القدرات حضورياً داخل المدرسة لطلابي، وكذلك أقدمها عن بُعد للطلاب والطالبات في مختلف المدارس".

وأشار "الدغريري"، إلى أنه عندما يرى أثر ذلك العمل وسعادة الطلاب بالتحاقهم في الجامعات والكليات يشعر بسعادة عظيمة تجعله ينسى المرض ـ التهاب الأعصاب الطرفية ـ الذي أصابه وأضعف من حركتي كثيراً أمام الطلاب.

وفي نبأ سعيد، جاء تكريم "الدغريري" ضمن مبادرة تكريم المعلمين المتميزين بالشراكة مع جمعية المبادرات المتميزة في المسؤولية الاجتماعية لفعالية "كلنا نقدرك"، وبحضور المدير العام للتعليم بمحافظة جدة الدكتور نايف بن عابد الزارع؛ حيث قرر الحضور وكان جالساً على عربة متحرّكة وأراد الوقوف على قدميه مستنداً إلى عكازين فرفض مدير التعليم حينها فوقف خلفي تواضعاً منه وتقديراً لي.

وأختتم: "بعد انتهاء حفل التكريم توجّهت لمدير التعليم وأردت الوقوف على قدمَي احتراماً وتقديراً، وكانت المفاجأة أن يقوم مدير التعليم بجدة بتقبيل رأسي فأبيت ورفضت لكنه زاد إصراراً وتمسكاً وقبّل رأسي وكأنها قبلة على رأس كل معلم يؤدي رسالة التعليم ويحرص على مصلحة أبنائه الطلاب".