تتجه وزارة التعليم نحو تمكين المدرسة وتعزيز دور مدير المدرسة كمشرف تربوي مقيم في منظومته الصغيرة؛ مما يتطلب من المدير التحلي بعددٍ من الصفات المهنية، واكتساب عددٍ من المهارات التربوية تمكنه من تأدية هذا الدور على الوجه المطلوب.
من هنا يؤكد المستشار التعليمي والتربوي الدكتور محمد العامري لـ"سبق" أن الإدارة المدرسية تحتل مكانة متميزة، فهي على تمارس وتفاعل مباشر مع المعلمين والطلاب وأفراد المجتمع المحلي، وللإدارة المدرسية موقع حساس لدورها الأساس في التأثير على سير العمل اليومي للعملية التعليمية وتحقق أهدافها.
وأضاف أن ما يوحي بأهمية الإدارة المدرسية سيادة اتجاهات جديدة فيها جعلتها تتجاوز الدور الضيق للإدارة المدرسية المتمثل بتسيير شؤون المدرسة والمحافظة على النظام فيها ومتابعة سير الدراسة وفق جدول الدروس الأسبوعي، إلى دور ذي جوانب فنية تسعى إلى الرقي بأداء المعلمين ومستوى تحصيل الطلاب، من خلال الاضطلاع بأدوار إشرافية في المدرسة.
وزاد أنه مع تنامي قوة هذا الاتجاه واقتناع التربويين به ظهر شعار مدير المدرسة مشرف تربوي مقيم، ونفهم من هذا الشعار أن دور مدير المدرسة دور المشرف التربوي تمامًا مع أفضلية واحدة على دور المشرف التربوي هي أن المشرف زائر يأتي ويغادر أما المدير فهو المشرف المنهمك في العملية التربوية المواكب لها على أرض الواقع.
وأبان "د. محمد العامري" أن الاهتمام بالدور القيادي الإشرافي لمدير المدرسة يتنامى باعتباره مشرفًا تربويًا مقيمًا في مدرسته لأن هذا الدور يستهدف تحسين نوعية التعليم الذي يقوم به المعلمون والتعلم الذي يقوم به الطلاب.
وشدد على ما يشتمله هذا الدور لمدير المدرسة على مجموعة من المهام الرئيسة كتطوير أداء المعلمين والإشراف على تنفيذ المنهج وتطويره في بعض الأبعاد بهدف تنمية الطلاب شموليًا وتكامليًا وبشكل متوازن في شتى مناحي شخصيتهم الجسدية والعقلية والنفسية والاجتماعية والأخلاقية، أضف إلى ذلك الانفتاح على المجتمع المحلي والتفاعل معه بعقلانية في كل ما يساعد في تطوير المجتمع وتطوير المدرسة.
وأوضح أن الدور الإشرافي لمدير المدرسة معني بتهيئة جميع الظروف والأجواء واللوازم التي تؤدي إلى تحقيق تعلم أفضل يلبي حاجات المعلمين وحاجات المتعلمين وخصائصهم النمائية ومتطلبات المستقبل الذي سيعيشون، وفي هذا الإطار تؤكد فيما سنقدم ذلك على المفاهيم والأساليب والمهام التي يستخدمها المشرف لتعين المدير على أداء الدور المطلوب منه قائدًا تربويًا ومشرفًا مقيمًا في المدرسة.
وينطلق المفهوم الحديث للإشراف التربوي الذي ينبغي أن يتبناه المشرف التربوي ومدير المدرسة من الفرضية الأساسية القائلة بأن جميع المعلمين يمتلكون القدرة الكامنة على النمو المهني بالقدر الذي يمكنهم من اتخاذ القرارات المناسبة لتنظيم التعلم الفعّال وتحقيق الأهداف المنشودة، إذا توافر لهم المناخ الملائم.
وعن مهام مدير المدرسة كمشرف مقيم أوضح "د. محمد العامري" أنه ليس من السهل أن نحدد تحديدًا واضحًا بينًا لمهام مدير المدرسة في بُعد الإشراف التربوي؛ لأن نوعية هذه المهام تعتمد على مفهوم الإشراف وعلى الأهداف التي يتطلع إلى تحقيقها، وبما أن هذه (الأهداف والمفهوم) تختلف من مجتمع إلى مجتمع، ومن فلسفة تربوية إلى أخرى ومن نظام تربوي إلى آخر يغدو مفهومًا لماذا تكون عملية التحديد هذه غير سهلة.
وأردف أن من أبرز أهم المهام التربوية التي تناط بمدير المدرسة باعتباره مشرفًا مقيمًا، مجال الإشراف على عمليات التخطيط لسائر العمليات المدرسية، ومجال الإشراف على تطبيق المنهج، ومجال الإشراف على تفعيل الموقف الصفي وفعاليّاته، ومجال الإشراف على تنمية المعلمين مهنيًا، ومجال الإشراف مجال المناخ المدرسي، ومجال التقويم.
وحول نصائح إلى المدير المدرسة أثناء قيامه بالعمليات الإشرافية قال "د. محمد العامري" إن المدير الفعّال شخص مهني يفهم عمله وقادر على التواصل والتفاعل مع المعلمين والتأثير فيهم بشكل يجعلهم يتبنون التغيير ويسعون إلى التطوير وتحسين أدائهم وأداء طلابهم، وهو قادر على قيادة المعلمين نحو تحقيق الأهداف المطلوبة بأقصى درجة من الفاعلية والإتقان، ويقوم بعمله هذا كله في مناخات التواصل الإنساني الفاعل القائم على التشارك.
وقال إن المدير الجيد قدوة حسنة ومثال يُحتذى به في الأداء والحكمة واتخاذ القرارات وعرض النماذج والأمثلة الواضحة والمقنعة، إنه مربٍ إنسان يعلم الآخرين كيف ينتمون إنسانيًا في عملهم وعلاقتهم مع زملائهم وطلبتهم كذلك، فالمدير الفعال:
1-إنساني يحرص على العلاقات الإنسانية.
2- يحترم أفكار الآخرين ومشاعرهم ويؤمن بالمشاركة البناءة.
3- شمولي النظرة من حيث المسؤولية في تحقيق النمو المتكامل للمعلمين والمتعلمين وتحسين المناخ التعليمي والتعلمي.
4- مخطط يحدد الأهداف ويعد خطة العمل ومشروعات النمو المهني.
5- قائد متطور يتعامل مع المعلمين في جو من الأمن والثقة والاحترام.
6- مقوّم تربوي يقوم الخطط والبرامج حسب معايير موضوعية لهذه الغاية، ويتابع ما يترتب على التقويم.
7- مؤمن بعمله وبمستقبل عمله، وملتزم بأخلاق مهنة التربية.
8- معني بتطبيق المنهاج أي تطويره وتنفيذه وتقويمه.
9- مثقف يوجه العاملين معه للاهتمام بالثقافة والقيم الثقافية.
10- ينمي لدى المعلم شعورًا بعدم الرضا عن بعض ممارساته التعليمية الصفية ورغبة في تغييرها بما يحقق له الرضا الذاتي.
11- يشجع المعلم إلى القيام بحوار داخلي بينه وبين نفسه يناقش فيه عمله ويحلله باتجاه تطويره وتعديله بالاتجاه المرغوب فيه.
12- يساعد المعلم على تعزيز ثقته بنفسه وتحقيق ذاته المهنية.
13- يساعد المعلم المستهدف على اتخاذ القرارات المتصلة بعمله ونموه المهني بثقة وانفتاح وموضوعية وليس على تنفيذ القرارات دون مناقشة.
واختتم المستشار التربوي والتعليمي "د. محمد العامري" بأهمية دور مدير المدرسة وأهمية وظيفته في العملية التعليمية وفي نهضة المجتمع، مما يتطلب من جميع الجهات العناية ببذل التقدير الكافي لمدير المدرسة نظير ما يقوم به من دور حيوي ومهم، والحرص على تعزيز قدراته وتمكينه وتحفيزه لتقديم الأفضل، مقدمًا الشكر أجزله والتقدير أجله لكل مدير مدرسة فعّال، فهم بحق فرسان الإدارة التربوية وحراس المنهج، ومن أبرز المساهمين في بناء الإنسان المحقق لرؤية 2030.