تتمتع الرياض وأثينا بعلاقات متينة على المستويات كافة وطدتها زيارات لمسؤولين يونانيين رفيعي المستوى إلى الرياض في الآونة الأخيرة، حيث يسعى الطرفان للوصول بالعلاقات الثنائية إلى مرحلة التكامل، لا سيما وأنهما يتشاركان عضوية "منتدى الصداقة" الهادف إلى تعزيز التعاون بين أعضائه والمساهمة في توطيد السلام والاستقرار والأمن في منطقتي البحر المتوسط والخليج العربي.
ويُعد الجانب العسكري من بين تلك الجوانب التي تحظى باهتمام ورعاية القيادتين السعودية واليونانية؛ لما لذلك من أهمية استراتيجية في ظل تعاظُم حجم التحديات والأزمات التي تواجه المنطقة، وهو ما يتطلب التعاون وزيادة في التنسيق العسكري والاستراتيجي بين الحلفاء؛ لإرساء أسس التنمية والأمن والسلام.
التعاون العسكري في ظل التحديات.
حظيت علاقات التعاون العسكري السعودي- اليوناني بعددٍ من الصور والأشكال في الآونة الأخيرة، وحمل عام 2021 تطوراً لافتاً في تلك العلاقات العسكرية.
ففي مارس من العام الماضي شهدت جزيرة كريت اليونانية وصول طائرات مقاتلة من طراز F-15 تابعة للقوات الجوية الملكية السعودية وطاقمها والفنيون المساندون؛ لإجراء تدريبات "عين الصقر 1" فوق البحر الأبيض المتوسط بقاعدة سودا الجوية لمدة 10 أيام، في مثال من شأنه أن يؤكد على التعاون المتنامي بين البلدين.
وعملت القوات السعودية واليونانية على تنفيذ عدد من الطلعات الجوية التدريبية التي اشتملت على سيناريوهات متعددة.
وفي مطلع يونيو من العام نفسه، اختتمت القوات الجوية الملكية السعودية والقوات الجوية اليونانية مناورات تمرين "عين الصقر 2" في نسخته الثانية التي استمرت أسبوعين في قاعدة الملك فيصل الجوية بالقطاع الشمالي بالمملكة؛ لتتبادل القوتين الجويتين الزيارات؛ لصقل المهارات والخبرات.
وفي حينها، أكدت وزارة الدفاع السعودية في بيان، أن المناورات اشتملت على عمليات تكتيكية مضادة بنوعيها الهجومي والدفاعي، وعمليات الإسناد الجوي والمناورات الجوية.
فيما وصف قائد قاعدة الملك فيصل الجوية اللواء الطيار الركن ناصر بن سعيد القحطاني "عين الصقر 2" بـ"التمارين الجوية الثنائية الواعدة للقوات الجوية السعودية ونظيرتها اليونانية".
ولم تتوقف المناورات العسكرية المشتركة عند حدود الجو، بل شملت البر أيضاً، ففي سبتمبر من العام نفسه شاركت مجموعة من القوات البرية الملكية السعودية، تضم قوة من وحدات المظليين وقوات الأمن الخاصة في مناورات على أرض اليونان أطلق عليها "التمرين الرباعي للعمليات الخاصة"، رفقة مصر والإمارات أيضاً.
وأوضحت وكالة الأنباء السعودية "واس" حينها أن الهدف من التمرين "تعزيز التعاون المشترك بين الدول الشقيقة والصديقة وتبادل الخبرات والمفاهيم ورفع مستوى الجاهزية القتالية لمواجهة التحديات الإقليمية بالمنطقة".
ووصلت تلك الشراكة الثنائية إلى مرحلة الذروة مع إرسال أثينا لبطاريات منظومة "باتريوت" الدفاعية في سبتمبر الماضي، وأوضح حينذاك رئيس الأركان العامة في اليونان كونستانتينوس فلوروس، في تغريدة على "تويتر"، أن مهمة القوات اليونانية هي الحفاظ على السلام والاستقرار، بخاصة في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط.
وجاء تزويد اليونان للسعودية بالمنظومة الدفاعية على سبيل الإعارة بموجب اتفاق جرى توقيعه بين البلدين في أبريل 2021، وأوضح المتحدث باسم الحكومة اليونانية، ستيليوس بيتساس، في تصريحات أن "صفقة صواريخ باتريوت تهدف إلى حماية البنية التحتية الحيوية للطاقة في السعودية".
فيما وصف وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس الاتفاق آنذاك بـ"الخطوة الكبيرة" للمساهمة في أمن مصادر الطاقة للغرب، وقال: "هي بداية تعاون مع دول الخليج".
فما حملت الخطوة اليونانية دلالات مهمة، وكتبت سطراً جديداً في علاقات التعاون العسكري السعودي- اليوناني المتنامية، وإيذاناً بمرحلة جديدة من التكامل بين البلدين الصديقين.