مصيف الملوك وحاضنة الجيش والسياسة.. ذاكرة التاريخ تفيض بعظمة الطائف

مقر لـ"الحكومة الكويتية" ووفاق للبنان وسلام لليمن.. "السبيعي" يسـرد ويـروي
الطائف
الطائف
تم النشر في

لم تكن الطائف غائبةً عن مجريات الأحداث الوطنية -محلية وإقليمية ودولية- فمنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ثم عهد أبنائه من بعده والطائف مقر ومصيف للملوك والأمراء؛ لما لها من عراقة وتاريخ، وحضارة مكان، ومقومات طبيعية واستراتيجية، ومنطلق لكثير من الأحداث والقرارات والتحولات الوطنية المفصلية.

وأوضح أستاذ التاريخ السعودي المشارك بجامعة الطائف الدكتور مترك السبيعي، أن الطائف كانت بدايةً مصيفًا للملك عبدالعزيز وأبنائه الملوك، فيه سكنوا، وتداخلت بيوتهم مع بيوت الأهالي في جهات عدة كالحزم وسط البلد، وحارات أسفل، والسلامة، وقروى، وشهار وغيرها، كما كانت المنطقة من ضاحية الحوية حتى سامودة شمال الطائف منذ العام 1343هـ/1925م متنزهًا، ومقرًا لمخيم الملك عبدالعزيز، حيث المزارع والبساتين، وما يليها من براري مليئة بأنواع الصيد من الغزلان، والأرانب، والطيور.

وفي الجانب التعليمي أمر الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بإنشاء "مديرية المعارف العمومية" عام 1344هـ لتكون النواة الأولى في إدارة التعليم في البلاد وأعقب ذلك إنشاء المدرسة السعودية في الطائف عام 1345هـ/ 1927م، حيث كان مقرها في باب الريع، وتخرج فيها العديد من أبناء الوطن الذين خدموه، ونال منهم مناصب عليا في الدولة، ثم إنشاء مدرسة الاصطياف في الطائف عام 1355هـ/ 1936م بعد ازدياد أعداد المصطافين به، وعدم استيعاب المدرسة السعودية بالطائف لهذه الأعداد الكبيرة، إضافةً لانتقال الحكومة بكامل موظفيها ودوائرها في فصل الصيف إلى الطائف، وأنشأت كذلك المدرسة الملكية في الطائف في عهد الملك عبدالعزيز عام 1358هـ/ 1939م.

كما تم تأسيس مدرسة دار التوحيد في الطائف في العام 1364هـ/ 1944م لتعليم أبناء القرى والهجر، ولأهميتها الكبرى رُبطت مباشرةً بالشعبة السياسية بالديوان الملكي لتحظى برعاية خاصة من جلالته، وفي عام 1366هـ/ 1946م افتتحت مدرسة الأمراء "النموذجية" بجهود كبيرة من الملك فيصل نائب الملك في الحجاز آنذاك حيث دَرَسَ أبناؤه وأمراء آخرون.

وبين "السبيعي" لوكالة الأنباء السعودية "واس" أنه على الصعيد السياسي والعسكري نجحت في الطائف، في عهد المؤسس مفاوضات الصلح السعودية اليمنية بتوقيع معاهدة الطائف للسلام بين البلدين عام 1353هـ/ 1934م، كما شهدت الطائف أيضاً انطلاقة البدايات الأولى للاهتمام بالقوات المسلحة السعودية وتطويرها، حيث احتضنت أول بعثة عسكرية لتدريب الجيش السعودي، وذلك في عام 1363هـ/ 1944م، ثم إنشاء جهاز إداري تحت مسمى وكالة الدفاع ومديرية الأمور العسكرية، الذي بقي إلى أن أُنشئت وزارة الدفاع عام 1365هـ/ 1945م، فبدأت النهضة العسكرية للجيش السعودي، وظلت الطائف مقرًا لوزارة الدفاع حتى انتقلت إلى الرياض في العام 1377هـ/ 1957م.

وأضاف أن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- استقبل في الطائف العديد من زعماء العالم، خاصة الدول الإسلامية منهم بعد انتهاء موسم فريضة الحج، وذلك بمقره في قصر شبرا، كما توفي المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في الطائف في يوم الاثنين الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ الموافق التاسع من نوفمبر 1953م، بعد أن أسس دولةً عظيمة بعقيدتها، وقادتها، ومواطنيها.

وأشار "السبيعي" إلى أن الطائف بقي بعد عهد المؤسس على مكانته في عهد الملوك أبنائه، وشهد العديد من الأحداث الوطنية المهمة التي سجلها التاريخ الوطني، ومنها على سبيل المثال، انعقاد جلسات "البيان الختامي لمؤتمر القمة الإسلامي الثالث" بالطائف في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي كان تحت شعار "فلسطين والقدس الشريف"، وحضره 38 من ملوك، ورؤساء، وأمراء الدول الإسلامية، وذلك في ربيع الأول عام 1401هـ/ يناير 1981م.

كما شهد الطائف في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- في 28 صفر 1410هـ/ الموافق 30 سبتمبر 1989م وبوساطة سعودية "اتفاق الطائف"، وهو الاسم الذي تعرف به وثيقة الوفاق الوطني اللبناني التي وضعت بين الأطراف المتنازعة في لبنان، منهيًا بذلك الحرب اللبنانية الأهلية وذلك بعد أكثر من خمسة عشر عامًا على اندلاعها، معيدًا بذلك توجيه لبنان ناحية العالم العربي.

ويعد من أهم وأبرز معالم الطائف التاريخية "قصر شبرا التاريخي" الذي كان مقر إقامة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- منذ توحيد الحجاز عام 1343هـ/1925م، وبه ولد بعض أبنائه، وكذلك "بيت الكاتب" الذي كان مقرًا لإقامة الملك فيصل -رحمه الله- عندما كان نائبًا لجلالة الملك في الحجاز منذ العام 1344هـ/ 1926م.

ومن الشواهد التاريخية لمحافظة الطائف أنه كان المقر الرئيسي لإقامة "الحكومة الكويتية" على أرض المملكة العربية السعودية، خلال الفترة "من أغسطس 1990م، حتى مارس 1991م"، ومنه انطلقت جهود حكومة الكويت على مختلف الأصعدة للمطالبة بحق شعبها، وتأكيد شرعيتها للعالم أجمع.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org