طالَبَ المختص في الموارد البشرية بندر السفير، الجهات المعنية والمسؤولة عن المتقاعدين وهي المؤسسة العامة للتقاعد وكذلك المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ببناء برنامج تأهيلي للمتقاعدين يحضّرهم ويُهيئهم لهذه المرحلة الجديدة من حياتهم؛ بدلًا من تهميشهم وركنهم على رفوف النهايات، والبرنامج التأهيلي كنوع من التكريم أو التقدير المعنوي نظير التفاني في العمل لعشرات السنين.
وفي التفاصيل، أوضح بندر السفير في حديثه لـ"سبق" أن البرنامج يبدأ بالتأهيل في السنة الأخيرة من حياة المتقاعد العملية، من خلال تخفيض ساعات عمل المتقاعد إلى 4 ساعات مثلًا بدلًا من 8 ساعات؛ ليعتاد جسده ولتتقبل نفسيته ولتتبرمج ذاته على الأعمال الجزئية، وليدخل الفراغ إلى حياته تدريجيًّا، كذلك زيادة عدد أيام إجازته السنوية للسنة الأخيرة لتصبح 60 يومًا مثلًا بدلًا من 30 يومًا، إضافة إلى إخضاعه لدورات متخصصة في تهيئة المتقاعدين لما بعد التقاعد من الناحية الاجتماعية والصحية، وكذلك الاستثمارية في حال رغبته في ممارسة بعض الأعمال التجارية، وغير ذلك الكثير من البرامج التي يقررها المختصون الاجتماعيون والنفسيون في هذا الشأن.
وقال السفير: يُعتبر الاستثمار الفعلي للموارد البشرية بكافة أنواعها وفئاتها في أي أمة، إحدى السمات الأساسية لحضارات الأمم وتقدمها، فما هي الطريقة لتأهيل المتقاعدين، والاستفادة من خبراتهم؟.. أكثر من ثلث المتقاعدين وبنسبة 34% ينهون حياتهم المهنية بالتقاعد المبكر؛ بينما 69% من نسبة إجمالي المتقاعدين تقل أعمارهم أو تساوي 54 عامًا، وهي نسبة توضح أن أغلب المتقاعدين يُنهون حياتهم العملية ويتقاعدون في عمر يسمح لهم بالعطاء أكثر، وقد يتمتع أغلبهم بوضع صحي جيد.. وما يلفت انتباهنا أن نسبة نمو المتقاعدين تزداد سنويًّا وبشكل كبير، وهذا يوصلنا لتساؤل مهم، وهو: لماذا لا تتم الاستفادة من ملايين السنين من إجمالي الخبرات "التراكمية" التي يتمتع بها المتقاعدون؟ حيث إن كل متقاعد يمتلك ما لا يقل عن 25 سنة خبرة أي ربع قرن في تخصصات مختلفة؛ ولكنه يترجل بكل هدوء إلى بداية النهاية.. لماذا لا تتم تهيئتهم تهيئة علمية صحيحة لمرحلة ما بعد التقاعد؟ خاصة وأن المتقاعدين فئة ليست بقليلة وتزداد سنويًّا وتحيط بنا بشكل أو بآخر.
وطالَبَ السفير ببناء قاعدة بيانات دقيقة ومتاحة للجميع، توضح أعداد وتخصصات ومرجعية المتقاعدين وأوضاعهم الصحية، ومدى رغبتهم في مواصلة العمل بشكل جزئي بمقابل رمزي أو معنوي، كذلك الوقوف على إمكانياتهم وجودة ما يملكونه من خبرات وكيفية الاستفادة منها؛ وذلك من خلال تصميم بوابة إلكترونية متاحة لأي جهة ترغب في الاستفادة من خبرات المتقاعدين أو تتواصل معهم لسبب أو لآخر.
كم من المتقاعدين لا يزال يتمتع بصحة جيدة؛ خاصة في ظل تقاعد ثلثهم بشكل مبكر حسب الإحصائيات؛ فمنهم من يمتلك خبرات عريضة يمكن الاستفادة منها، ومنهم من لديه الرغبة في الاستمرار في العطاء؛ فلماذا لا نستفيد من هذه المراجع ونسخّرها للمصلحة العامة ولخدمة الدين والوطن ولخدمة المتقاعدين أنفسهم؟ فهذه دعوة لمن يهمه الأمر لتأهيل جميع المتقاعدين والمتقاعدات لمرحلة ما بعد التقاعد، لاستهدافهم والاستفادة من خبراتهم.