دعا الخبير والباحث التربوي الدكتور معتوق الشريف، الجهات التشريعية إلى إلغاء مفهوم "المسؤولية الاجتماعية"، واستبداله بإصدار تشريع يرسِّخ مفهوم "الشراكة المجتمعية"، وإيجاد منصَّات تبرع وطنية لإتاحة الفرصة للجهات الحكومية والأهلية والميسورين؛ للمساهمة في دعم برامج التعليم المستمر.
وقال الدكتور الشريف: "التعليم هو السبيل إلى التنمية الذاتية والمجتمعية وحجر الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات المستنيرة والمتسامِحة والمحرك الرئيس للتنمية المستدامة".
وأضاف: "دور الجهات الحكومية والأهلية في دعم التعليم المستمر لم يصل بعد إلى المستوى الذي يواكب رؤية المملكة 2030، ولم يرقَ بعد إلى مستوى ما نلاحظه من إسهامات في بعض التجارب العالمية والعربية في هذا المجال".
وأشار إلى أن رؤية المملكة 2030 ركّزت من خلال مفهومَي "الفاعلية والمسؤولية" على استثمار الإمكانيات والثروات الطبيعية والبشرية لمواكبة التطورات العالمية، لتحمُّل الجهات كافة مسؤوليتها؛ كونها جهات مستفيدة من مُخرجات التعليم المستمر.
وقال: "التعليم قضية مجتمعية يجب التعامل معها بمسؤولية وطنية بمشاركة الجهات الحكومية والأهلية كافة".
وأضاف: "التعليم هو السبيل إلى التنمية الذاتية والمجتمعية، وحجر الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات المستنيرة والمتسامِحة والمحرك الرئيسي للتنمية المستدامة".
وأوصى الشريف في ورقته التي ألقاها اليوم "الثلاثاء" في ملتقى "التعليم المستمر"، الذي تنظّمه إدارة التعليم في جدة بعنوان "دور الجهات الحكومية والأهلية في دعم برامج التعليم المستمر "دراسة مقارنة في ضوء التجارب الوطنية والعالمية"، حث الشركات العائلية والقطاع الأهلي ورجال الأعمال، على التحول من دعم الأعمال الخيرية إلى دعم الأعمال التنموية في مجال التعليم المستمر، وإنشاء مؤسسات تعليمية تشاركية ذات طابع خاص؛ مثل: جامعة شركة أناند ANAND في الهند، وجامعة شركة سبيربنك Sberbank في روسيا، جامعة شركة آبل Apple في الولايات المتحدة الأمريكية، وجامعة الهامبرغر التابعة لشركة ماكدونالدز، وأكاديمية أخبار اليوم، وجامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة في جمهورية مصر.
كما تضمّنت التوصيات: سنّ الأنظمة التي تشجع الجهات الحكومية والأهلية على إبرام الشراكات وتبنّي برامج للتعليم المستمر بالتنسيق مع المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، وهيئات تطوير المدن، وقطاع التنمية الاجتماعية في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والصناديق الاستثمارية الوقفية، ومنح أوسمة تشجيعية للجهات المبادِرة؛ للاستفادة منها عند إبرام العقود الاقتصادية والدعاية التسويقية لمنتجاتها.
وأوصى "الشريف" في ورقته التي تعدُّ أحد مخرجات مشروعه "منهج معتوق لقيادة التعليم" على نشر ثقافة التعليم المستمر لإبراز دوره في حلِّ قضايا المجتمع، وتوضيح أهمية دعمه كواجب ومسؤولية وطنية، واعتماد الشهادات التي تم الحصول عليها عن طريق التعليم غير النظامي؛ وفق المادة الأولى من لائحة الوظائف التعليمية التي صدرت عام 1443هـ، لافتقار البرامج الحالية لبرامج تتعلق بأهداف التنمية المستدامة.
وأكّد الدكتور الشريف أن الاستثمار في الإنسان هو واجب وطني على الجميع، وأنّ المجتمعات التي ترتفع فيها معدلات الشراكة المجتمعية في التعليم تنهض أسرع من غيرها، وفيها يرتقي التعليم ويتغلَّب على المشكلات التي تواجهه، من خلال تنويع مصادر التعليم وتبنّي صيغ المشاركة في الكُلفة، والاستثمار في البرامج التدريبية، بما يعمل على زيادة الموارد، وتحقق التنمية أهدافها المنشودة؛ لما للتعليم المستمر من عوائد اقتصادية، وعامل أساسي لتحقيق التنمية وسدّ الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل.
وقال: "سنّ برنامج تنمية القدرات البشرية السياسات والتشريعات، وصمّم المبادرات لتفعيل ولتحقيق تعليم مستمرّ مدى الحياة، وفق استراتيجية وطنية تعتمد على الشراكة المجتمعية لبناء ثقافة التعلُّم مدى الحياة كأولوية لسوق العمل؛ لمواكبة التغيرات والتحفيز على الاستمرارية؛ إيمانًا بأن إنتاج المعرفة من أجل التطوير والتقدم يزيد من مؤشر الدول في مجال التنمية البشرية".
من جهة أخرى، وفي إطار ورش عمل الملتقى، قدّم الدكتور الشريف، أمس "الاثنين"، ورشة عمل بعنوان "التعليم المستمر.. منهجية تغيير"، مؤكدًا على أهميته في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنمية القدرات البشرية والمجتمعات وتحقيق مشروع المدن التعليمية.
ولفت إلى أنه من أبرز استراتيجيات التغيير "استراتيجية بوسنر للتغير المفهومي"، التي تهدف إلى استبدال الفهم الخطأ بالفهم العلمي الصحيح الذي يتوافق مع المبادئ العلمية التي تعتمد على التكامل والتمييز والتبديل والتجسير المفاهيمي.
وقال: "بعض التصورات تتّسم بالمقاومة للتغيير؛ لتماسكها وثباتها، وتغلغلها في البيئة المعرفية للفرد؛ لذلك تعتبر هذه الاستراتيجية من أفضل الاستراتيجيات التي تمكن من تغيير الناس للأحسن".