تُعدُّ حالات العنف والتنمُّر في المدارس واحدة من أهم القضايا التي تشهدها الساحات التعليمية. وتتجدَّد التحذيرات وطرح الحلول حول هذه القضية دوريُّا، وتتزامن أحيانًا مع الأحداث المشابهة.
وعلى المستوى المحلي قال المستشار التربوي عبداللطيف الحمادي لـ"سبق": "أثبتت العديد من الدراسات المسحية وجود حالات تنمُّر وعنف بين طلاب التعليم العام، وأكد كثير من الطلاب والطالبات تعرُّضهم للعنف والتنمُّر، سواء كان جسديًّا أو لفظيًّا داخل المدارس، بل وصلت بعض الحالات للوفاة، وبعضها إصابات خطيرة كما شهدنا مؤخرًا".
واستشهد "الحمادي" بدراسة مسحية مُعدَّة من برنامج الأمان الأسري الوطني بوزارة الحرس الوطني، بالتعاون مع وزارة التعليم، أُعدت عام (2013م) على طلبة المرحلة الثانوية، وأظهرت نتائجها أن نسبة ما يقارب (32.9%) من الطلاب يتعرضون للعنف والتنمُّر من الأقران.
وقال "الحمادي" إن هناك أسبابًا مشتركة بين المدرسة والأسرة وأسلوب التربية الذي يتلقاه الطالب. فالأسرة وأساليب التربية الخاطئة لأبنائها تشكل تأثيرًا قويًّا في العدوانية من خلال تغذيتهم أبناءهم بمفاهيم خاطئة، كأخذ حقه باستخدام اليد والضرب، وتلقينه أنه لا يمكن أن يترك حقه، وأنه ابن عائلة أو قبيلة معينة، لا أحد يستطيع المساس به، وإثارة العنصرية القبلية والتعصب.
وأبان أنه من خلال الرصد والبحث لدى بعض المدارس في مثل تلك القضايا وعلاجها اكتشفت بعض المدارس أن الأسرة هي من شجعت وغذت هذا السلوك العدواني لدى أبنائهم. وأيضًا من الأسباب غياب ولي الأمر عن متابعة أبنائه وسلوكهم ومستواهم الدراسي داخل المدارس.
وأشار إلى أنه من جانب آخر ما يحدث داخل الأسرة هو طريقة تربية الأبناء والتعامل معهم بعنف وقسوة، واستخدام أسلوب الضرب بالتربية، وحرمان الأبناء من حقوقهم.. كل هذه الأسباب تولد العدوانية والغيرة بين أقرانهم من الطلاب داخل المدارس.
وتابع: "أما دور المدرسة فهناك أسباب، أولها انعدام الصلة بين المدرسة والأسرة، وعدم تفعيل مجالس الآباء والأمهات داخل المدارس، الذي هو مقرر من وزارة التعليم لأنظمة مدارس التعليم العام. علمًا بأن مجالس الآباء لها دور كبير في متابعة الأبناء والتعرُّف على سلوكهم وعلاقاتهم مع معلميهم وأقرانهم الطلاب. وهذا غاية في الأهمية لمعرفة سلوك الأبناء ومستواهم الدراسي. وأيضًا هناك دور على المدرسة، والموجِّه الطلابي بالخصوص، في توعية الطلاب، ومتابعتهم، ورصد حالات التنمُّر اللفظي والجسدي".
وقال: "إن من الأسباب أيضًا التي تقع على المدرسة ومنسوبيها ضَعْف المتابعة والإشراف داخل المدرسة، وترك بعض الحصص الدراسية دون معلم أو مراقب؛ ما يتيح فرصة لبعض الطلاب للتفرد بزملائهم، وإثارة العنف الجسدي أو اللفظي تجاههم".
وأضاف: "من الأسباب أيضًا التي تقع على المدرسة عدم حل وإنهاء النزاعات والخلاف بين الطلاب في وقتها حتى لا يتطور الأمر وتحدث المشاجرات الكبيرة. كذلك يجب على المدارس الاستعانة بكاميرات مراقبة داخل وخارج المدرسة، وأيضًا داخل الفصول الدراسية، وتكون تحت إشراف ومتابعة إدارة المدرسة؛ للحد من السلوكيات العنيفة والمشاجرات".
واختتم حديثه قائلاً: "أخيرًا لا يخفى على كل مُربٍّ ومُعلِّم وربِّ أسرة الأثر النفسي الذي يقع على الأبناء بسبب التنمُّر، وما يترتب عليه، ويؤثر في شخصياتهم، ويصيبهم بالخوف والقلق وعدم رغبتهم في الذهاب للمدرسة بسبب كثرة التنمُّر".
وأكد أنه لا بد من الحرص على الأبناء والبنات بالتربية الحسنة، وتربيتهم على الثقة بالنفس، وحُسن التصرف في مثل تلك الحالات السلبية.