عانت المرأة صنوف الظلم والامتهان والتجريد من الحقوق في أغلب المجتمعات البشرية قبل ظهور الإسلام، فلم تكن المرأة من حيث القيمة الإنسانية تساوي الرجل، بل كان ينظر إليها على أنها في مرتبة إنسانية أدنى منه، وبتأثير هذه النظرة ظلت المرأة تابعة للرجل في كل المجتمعات، ويحق له التصرف فيها وتحديد مصيرها، ففي الحضارة الإغريقية كانت المرأة مسلوبة الحقوق، وتعامل بانحطاط وحول ذلك قال أرسطو: "ثلاث ليس لهم القدرة على التصرف في أنفسهم، العبد فليس له إرادة، والطفل له إرادة ناقصة، والمرأة لها إرادة لكنها عاجزة".
وظلت المرأة تعامل بانحطاط في عصور الحضارة الهندية، وكانت تُجرد من حق الحياة إذا مات عنها زوجها، فيحكم عليها بالإعدام في نفس اليوم الذي مات فيه، وتحرق معه وهي حية، وفي الحضارة الفارسية تنظر الديانة الزرادشتية إلى المرأة باعتبارها "سبباً للشر"، وعلى النقيض من هذا الواقع المزري، الذي كانت تعانيه المرأة في أغلب المجتمعات، جاء الإسلام فساوى بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية، وجعلها إنساناً مستقلاً يصدر لها التكليف الإلهي مثلما يصدر للرجل، وتتساوى معه في العبادة والجزاء.
ومنح الإسلام المرأة حقوق التملك والإرث والبيع والشراء والإجارة والهبة والإعارة والوقف والصدقة والكفالة والرهن، وغيرها من الحقوق السامية، التي لم تمنحها كثير من دساتير الدول في العصر الحالي للمرأة، وانطلاقاً من الحقوق التي تمنحها شريعة الإسلام للمرأة تستضيف المملكة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، اليوم (الاثنين) "المؤتمر الدولي حول المرأة في الإسلام"، الذي تنظمه منظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة، على مدار ثلاثة أيام.
ويهدف المؤتمر إلى إبراز نجاحات المرأة المسلمة، وإبراز دورها ومساهمتها في التنمية، والرد على الشبهات والمغالطات، التي تستنقص من حقوق المرأة في الإسلام، وتوضيح إنصاف التعاليم الإسلامية للمرأة، ووضع خارطة طريق للإصلاحات القانونية والمبادرات السياسية، لتعزيز العدالة وتمكين المرأة في المجتمعات الإسلامية، وتبني وثيقة شاملة بعنوان "وثيقة جدة حول المرأة في الإسلام"، كما يهدف إلى إثبات براءة الإسلام من كل أشكال التطرف والعنف والإرهاب ضد المرأة، وحقوقها المشروعة في العلم والعمل، وتقديم ما تحظى به المرأة السعودية من حقوق مستمدة من شريعة الإسلام.