"الصيدلية البرية".. تنمية ريفية مستدامة فهل سمعت بها من قبل؟

"الفريدي" استنهض همم المجتمع المحلي بـ"الداير"
"الصيدلية البرية".. تنمية ريفية مستدامة فهل سمعت بها من قبل؟
تم النشر في

تظل النباتات الطبية والعطرية من أقدم المجموعات النباتية التي عرفها واستخدمها الإنسان على مر العصور في أغراض شتى، فاستخدمت تارة كغذاء وتارة أخرى كدواء، وفي العصور الوسطى والحديثة ظهر جلياً للعيان مدى أهمية تلك النباتات، وتعددت استخداماتها ومجالات الاستفادة منها.

ويعرف النبات الطبي بأنه النبات الذي له تأثير طبي على الإنسان، ويميزه عن النباتات الأخرى وجود مواد فعالة ذات تأثير فسيولوجي على الكائنات الحية، أما النبات العطري فهو النبات الذي يحتوي على زيت عطري.

وفي ذلك الجانب، قال راضي الفريدي، عضو اللجنة الوطنية الزراعية في مجلس الغرف السعودية ومؤسس ورئيس مجلس إدارة جمعية السياحة الزراعية والريفية إن أودية وجبال المناطق الجنوبية بالمملكة زاخرة بالكثير من أصناف النباتات الطبية والعطرية البرية كالضرم، واللافندر، والعرر، والشيح، والبشام، والشذاب، وإكليل الجبل، والريحان، وغيرها الكثير والكثير من النباتات البرية التي تنمو في جبال وأودية المملكة بصورة طبيعية دون تدخل الإنسان، وخصوصاً محافظة الداير، مكونة ما يعرف بالصيدلية البرية، والدليل على أن هناك الكثير من الوصفات التراثية التي مازالت تستعمل إلى يومنا هذا من قبل سكان المنطقة.

وأشار "الفريدي" إلى أن المناطق الجبلية تضم ثروة من النباتات الطبية والعطرية، وكنوزاً غير مستغلة تنتظر من يستثمرها، نعم وبحق هي ثروة هائلة من آلاف الأنواع والأصناف التي حبا الله بها المنطقة، سواء المزروع منها أو البري الذي ينمو تلقائياً في أماكن مختلفة.

وأوضح أن تلك الثروة تشكل في مجملها قيمة اقتصادية كبيرة سوف تكون المحرك الأساسي لدعم برامج التنمية الريفية والزراعة المستدامة والمخصص لها اعتمادات مالية وصلت قيمتها لأكثر من سبعة مليارات ريال على مدى سبع سنوات، إضافة إلى مبلغ مليار و500 مليون ريال تكلفة رأسمالية للمشروع، وهذا كله في إطار توجهات الدولة، وفقها الله، لتمكين القطاع الزراعي والريفي من الاستغلال الأمثل للفرص والموارد المتاحة، وتحسين دخل صغار المنتجين الزراعيين، وتوفير فرص العمل، والمساهمة في الأمن الغذائي والتنمية المتوازنة.

وأردف: "مع ازدياد التوجه العالمي الحديث للتحول إلى كل ما هو طبيعي، ازداد الطلب على النباتات الطبية والعطرية محلياً وعالمياً.. لما تتميز به من استخدامات متعددة وفي الكثير من المجالات، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعارها وزيادة عوائد تصديرها، وأصبحت ذات قيمة اقتصادية كبيرة، وعائد تصديري مجز، وكنز المملكة الإستراتيجي من تلك النباتات بالمنطقة الجنوبية يمكن أن يحقق الاكتفاء الذاتي للمملكة من الأعشاب الطبية والعطرية بنسبة عالية إذا أحسن استثماره، وإذا ما أحسن الاستفادة من المقومات التي تتمتع بها المنطقة الجنوبية، والتي تساعد على ازدهار زراعة النباتات العطرية والطبية، بما يساهم في مضاعفة الإنتاج.

وتتمثل أهم تلك المقومات في: المناخ المناسب ووفرة أشعة الشمس على مدار العام، وبذلك يمكن إنتاج هذه النباتات على طوال العام، وتوافر أنواع مختلفة من التربة المناسبة لزراعة عدد وفير من النباتات الطبية والعطرية، وتوفر مساحات شاسعة من المدرجات القديمة القابلة للاستصلاح والتي يمكن استغلالها في مجال إنتاج النباتات الطبية والعطرية، وتوفر عدد من النباتات الطبية والعطرية التي تنمو برياً ولها أسواق متعددة.

وقال راضي الفريدي: "في الوقت الذي تتحرك فيه الدولة نحو بناء اقتصاد قوي وفقاً لروية المملكة 2030م، يستثمر كل إمكاناته بفكر متطور وخلاق، كان لابد أن نمعن النظر ونلفت الانتباه إلى مقوماتنا ومواردنا الموجودة بكل منطقة من مناطق بلادنا الثلاث عشرة، من أجل قيام تنمية ريفية مستدامة تهدفُ إلى تطوير الحياة في الريف، والتحسين من نوعيتها، وتقديم الدعم الاقتصادي للأفراد الذين يعيشون في المناطق الريفيّة وبناء مجتمعٍ ريفي يعتمدُ على مجموعةٍ من الأُسس تهدفُ إلى نموِ الريف في العديدِ من المجالات كالتعليم، والرعاية الصحيّة، والبنية التحتيّة، وغيرها".

وأضاف أنه لابد من حصر كافة الموارد الطبيعية المتاحة في الأرياف بكافة المناطق، والتعامل معها واستغلالها برؤية جديدة وفكر متطور يتفق وأهداف رؤية المملكة، وأن يتحول هذا الأمر لمشروع اقتصادي متكامل يفتح المجال لإقامة العديد من الصناعات التي ترتبط بهذه المنتجات الزراعية، ويسهم في توفير فرص عمل كبيرة للشباب، خاصة وأن الوطن يمتلك الكثير من مقومات التوسع في هذا المجال.

وأبان أن أهمية استثمار النباتات الطبية والعطرية في برامج التنمية الريفية والزراعة المستدامة عامة والسياحة الزراعية والريفية خاصة، ترجع لإمكانية استخدامها في العديد من المجالات، والتي يأتي من أهمها: تحضير بعض الأدوية الطبية، وإنتاج الزيوت الثابتة التي تدخل في تركيب بعض المستحضرات الطبية، وتجهيز الأغذية الخاصة بعلاج بعض الامراض، وتحضير مساحيق التجميل وكريمات الشعر والصابون، وصناعة الروائح والعطور، وتصنيع المبيدات الحشرية، وأخيراً صناعة التوابل أو البهارات أو المشروبات الصحية والمكملات الغذائية.

وأشار إلى أن ذلك التعدد في الاستخدامات ساهم في خلق سوق كبيرة للنباتات الطبية والعطرية، التي يتجاوز حجم تجارتها في الأسواق العالمية سنوياً نحو ‏60‏ مليار دولار.‏

مزايا اقتصادية متعددة.. ومورد واعد مستدام للوطن والمواطن
وختم الفريدي قائلاً: "أخيراً.. يمكننا القول إن مشروعات زراعة النباتات الطبية والعطرية هي مشروعات ذات مزايا متعددة سوف تساعد في تحقيق برامج التنمية الريفية والزراعة المستدامة إذا ما تم إعطاء هذه المشروعات الأولوية.. خاصة وأن لهذه النباتات التي حبا الله بها البلاد مميزات تتمثل في قلة تكاليف عمليات الإنتاح وسهولة معاملات ما بعد الحصاد نسبياً والقابلية للتخزين لفترات طويلة نسبياً بالمقارنة بمحاصيل الخضار والفاكهة، وكذلك لسهولة تسويقها محلياً وعالمياً، هذا بالإضافة إلى قلة حاجتها لمياه الري وعوائدها المجزية وعدم وجود سقف تصديري لمنتجاتها ،وهي أسباب كافية حتى يقبل على زراعتها ملاك المساحات الصغيرة والكبيرة في الكثير من محافظات المناطق الجنوبية الغربية".

وكان فندق الرؤية بمحافظة الداير استضاف دورة متخصصة عن صناعة العطور الريفية برعاية جمعية أعمال للتنمية الأسرية وصناع السياحة، واستهدفت المجتمع المحلي هناك، وحضرها السكان من الجنسين، وتزامنت مع مهرجان البن السابع.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org