يؤكد الكاتب الصحفي محمد الساعد، أن اختيار سمو الأمير محمد بن سلمان أثينا لتكون بوابته لأوروبا؛ هو رسالةٌ بالغة الوضوح، أن السعوديين لا ينسون أصدقاءهم الحقيقيين، الذين يظهرون وقت المحن؛ مُذَكّرًا بما فعلته اليونان، عندما قامت الإدارة الأمريكية الحالية بسحب بطاريات باتريوت من السعودية؛ لافتًا إلى أن العلاقات السعودية اليونانية ستكون علامة فارقة في الغرب؛ حيث ستكون اليونان بوابة النفط والغاز السعودي إلى أوروبا خلال العقود القادمة، وستعلو كلمة اليونان في الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية.
وفي مقاله "اليونان.. من رخام الحرم إلى الباتريوت!" بصحيفة "عكاظ"، يبدأ "الساعد" بقصة رخام الحرم الشهير الذي يأتي من اليونان ويقول: "عرف السعوديون اليونان من خلال رخام (التاسوس)، الذي يُعد واحدًا من أنقى الأحجار الطبيعية في العالم وأكثرها صلابة، ويمتاز بقدرته على مقاومة الحرارة والاحتفاظ بالبرودة؛ مما جعله الرخام المفضل لفرش أرضيات الحرمين الشريفين به وخاصة صحن المطاف حول الكعبة المشرفة، ويأتي رخام التاسوس من جزيرة تاسوس شمال اليونان".
ويؤكد "الساعد" أن علاقات البلدين ذهبت أبعد من رخام الحرم، ويقول: "لقد لامس السعوديون وملايين المسلمين الآخرين أرض اليونان واقتربوا من جودة حجرها الأملس في أقدس أقداسهم، وبقيت العلاقة هكذا لا تتجاوز تجارة الرخام وبعض الأغنياء الذين يزورون الجزر اليونانية صيفًا؛ لكن السعوديين واليونانيين أدركوا أن ما يجمعهم أكثر من ذلك بكثير، فكلاهما ينطلق من إرث حضاري وغزارة نادرة، فالسعودية بيت الحكمة العربية، واليونان مهد الفلسفة الإنسانية".
ويضيف "الساعد" قائلًا: "لخّص الأمير محمد بن سلمان طموحات البلدين في كلمته أمام رئيس الوزراء اليوناني عندما قال: لقد وعدتكم أني لن آتي بيدين خاليتين.. بالفعل جاء الأمير وطاقم إدارته ومعهم سلة استثمارية ومشاريع كبرى ستحول العلاقة بين البلدين إلى استراتيجية، كما أكد البيان الرسمي الذي صدر نهاية الزيارة".
ويروي "الساعد" موقفًا رائعًا لليونان لا ينساه السعوديون، ويقول: "لم يكن اختيار الأمير محمد بن سلمان أثينا لتكون بوابته لأوروبا إلا رسالة بالغة الوضوح، فالأصدقاء الحقيقيون يظهرون وقت المحن، والمصالح تتقدم على المجاملات، والسعوديون لا ينسون أصدقاءهم الحقيقيين.. لقد قدمت اليونان نفسها للسعوديين واحدة من أنبل أصدقائها، فعندما قامت الإدارة الأمريكية الحالية (المتطرفة) بسحب بطاريات باتريوت من السعودية فور تَسَلمها سُدة الحكم بحجة الحياد في الحرب على الحوثيين؛ وهي للتذكير بطاريات دفاعية وليست هجومية مهمتها إسقاط الصواريخ الإيرانية الحوثية القادمة باتجاه الأعيان المدنية والمدن المكتظة والمطارات بل والحرم المكي الشريف، وليست هجومية تطلق باتجاه المدنيين اليمنيين؛ قامت اليونان النبيلة بإرسال منظومتها من بطاريات الباتريوت مع أطقمها ونشرتها في السعودية للمشاركة في التصدي للإرهاب (الحوثي الإيراني)؛ على الرغم من أن اليونان تعيش هي الأخرى في تحديات عسكرية في محيطها الجغرافي، ومع ذلك كانت مبادرة شجاعة، فعل عكسها مَن كان حليفًا في البيت الأبيض".
ويعلق "الساعد" قائلًا: "العلاقات السعودية اليونانية ستكون علامة فارقة في الغرب، فاليونان بلاد بكر وجاهزة لأن تكون منصة استثمارية سعودية متقدمة في أوروبا، وهي بخلاف تركيا أو فرنسا أو ألمانيا، ليس لديها عقد أيديولوجية سياسية، كما أنها تمتاز بتواضعها ولا تحمل في سياساتها تعالي أوروبا المعروف وتنمرهم على جنوب البحر الأبيض المتوسط".
ويُنهي "الساعد" قائلًا: "السعوديون يملكون الطاقة والطموح والاستثمارات المالية الضخمة، واليونانيون يملكون الأراضي الصالحة والموقع الاستراتيجي والنبل السياسي النادر هذه الأيام؛ ولذلك ستكون اليونان بوابة النفط والغاز السعودي إلى أوروبا خلال العقود القادمة، وستعلو كلمتها في الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية، بعد أن كانت مجرد دولة متلقية للتبرعات الألمانية وبعض مساعدات الجيران".