مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ينظّم ملتقى التسامح 2022م

"السبيل" يؤكّد أن فضيلة التسامح ترتبط بها قيم التعايش واحترام الغير
مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ينظّم ملتقى التسامح 2022م

نظّم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، اليوم، "ملتقى التسامح 2022م" تزامناً مع اليوم العالمي للتسامح، وذلك بمركز المؤتمرات بوكالة الأنباء السعودية في الرياض. ‏

واستهلت الجلسة الأولى بكلمة لرئيس مجلس الأمناء بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، الدكتور عبدالعزيز السبيل؛ أوضح فيها أن الأمم المتحدة قررت قبل عقدين ونيّف، أن يكون عام 1995 عاماً للتسامح في العالم وشهد معظم الدول عديداً من الأنشطة والفعاليات، تأكيداً لهذه الفضيلة الدينية والإنسانية.

وأشار إلى أن الاحتفال العالمي بيوم للتسامح بدأ عام 1996م، وتقرر أن يكون في السادس عشر من نوفمبر من كل عام.

وذكر "السبيل"؛ أن المملكة جزءٌ من هذا العالم، تتأثر فيه وتؤثر به، ومن هذا المنطق دأب مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على إقامة هذا الملتقى؛ لتأكيد مشاركتنا للعالم في العمل على تأصيل هذه الفضيلة التي أكّدها الإسلام، عبر التوجيهات القرآنية الكريمة، ومن خلال أقوال وأفعال النبي الكريم -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-.

ولفت إلى أن التسامح فضيلة كبرى ينضوي تحتها، ويرتبط بها عددٌ كبيرٌ من القيم، فالتعايش، واحترام الغير، والإنصات للرأي الآخر، وقبول الاختلاف دينياً ومذهبياً وعرقياً، قيمٌ لا تتحقق إلا بتبني وممارسة هذه الفضيلة الكبرى، التسامح.

بدوره، أكّد نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور يوسف بن محمد بن سعيد؛ في الجلسة الأولى التي حملت عنوان: "مفهوم التسامح ونماذج منه"، أن التسامح ليس أمراً جديداً على البشرية، فالناس فطروا عليه ما لم يأتِ مؤثرٌ خارجي ويغيّر هذه الفطرة.

وأوضح أن التسامح كان معروفاً عند الأنبياء جميعاً -عليهم السلام-، وما من نبي إلا وجاء به، إلى أن جاء عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وضرب أعظم المثل في هذا الأمر.

وأضاف "ابن سعيد" أن التسامح في شريعة النبي -صلى الله عليه وسلم- تمثّل في صور عديدة، منها: التسامح مع النفس، والتسامح مع الأهل، والتسامح مع غير المسلمين.

وشدّد على ضرورة بحث التسامح مع غير المسلمين، لوجود خلل ولغط في فهمه، مبيناً أن الخلل ناتج عن تعامل طائفتيْن مع المصطلح، وهما أهل الانحلال وأهل التطرف، مما أثر في مصطلح التسامح وتقبله عند الآخرين.

وأردف أن تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء واضحة وجلية في مبدأ التسامح، مستشهداً بعددٍ من الأمثلة منها، أن الدين الإسلامي نهى عن التعرُّض لدور العبادة، وإن كانت لغير المسلمين، ودور العبادة لها في الإسلام شأن، وهذا ما أكّدته وثيقة المدينة التي ذكر فيها النبي- صلى الله عليه وسلم - اليهود، والوثيقة العمرية التي ذكر فيها عمر - رضي الله عنه - أهل بيت المقدس وأهل الشام وأهل إيلياء.

وبيّن "ابن سعيد" أن القرآن الكريم أباح التعامل مع أهل الكتاب بقوله تعالى:(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ).

وضرب عدة أمثلة على تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع غير المسلمين سواء بأقواله أو أفعاله، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتجارية، وهي موجودة في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام.

من جانبه، أكّد المشرف العام على مشروع سلام للتواصل الحضاري فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، أن سياسة المملكة ارتكزت منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية، على قيم السماحة النبيلة، المستمدة من ديننا لحنيف؛ استلهامًا لتجربة أمتنا من قبل خمسة عشر قرناً؛ حيث سادت القيم الأصيلة في المودة والتراحم والتكافل والرحمة والأخوة والعيش المشترك؛ وحقق مفهوم العيش المشترك في العهود والمواثيق الشهيرة في إطار المواطنة: «لهم ما لنا وعليهم ما علينا من الحقوق والواجبات».

وأشار إلى أن السماحة تأتي كقيمة وصفة نبيلة، وركيزة أساسية في مواقف الدولة وتوجهاتها ومبادراتها نحو مختلف القضايا، بالتوازي ومع القدر نفسه من القوة والمنعة والقدرة والمهابة والمكانة.

وأوضح "ابن معمر" أن المملكة اهتمت بالاستثمار في الإنسان وتعليمه وتدريبه وتأهيله؛ ليصبح متمكنًا علميًا وفكريًا، يسهم بفعالية في قضايا العالم ومواجهة تحدياته، ومنحه الحرية والاندماج والأمن والسلام للجميع، والتعاون مع دعاة القيم الإنسانية المشتركة؛ مما استدعي غرس هذه الثقافة العالمية المشتركة في أذهان الناشئة دونما اشتراط لتخصيص وقت محدد لها أو تدريسها كمادة مستقلة، ودمج قيمها ومبادئها وأدبياتها، ضمن النشاطات التربوية والتعليمية، الصفية وغير الصفية في المؤسسات التعليمية.

وذكر أن ديننا الإسلامي أول دستور يرسّخ فكرة المواطنة وحرية الأديان في العالم، حيث تضمنت وثيقة المدينة المنورة؛ اعترافًا بـ (الآخر) كأمة مع المسلمين وأعطاه حرية الاعتقاد وممارسة شعائره من خلال تعزيز قيم التعايش، والإنصاف؛ والأمن والسلام.

وقال المشرف العام على مشروع سلام للتواصل الحضاري: مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لعب دوراً رئيساً في تعزيز هذه المفاهيم وترسيخها وجعلها ثقافة المجتمع، وذلك في عددٍ من دوراته الماضية التي تصدّت لثقافة الإقصاء ومحاولات تصنيف الناس بناء على ثقافاتهم أو انتماءاتهم.

وأكّد أن تعميم التسامح بمفهومه الشامل، المستمد من القيم الدينية والإنسانية؛ أمرٌ ذو فائدة عظمى، لإيجاد الحلول والمعالجات لصراعات العالم ونزاعاته، وعكس مفاهيمه على جميع أنظمة المجتمعات وتقدمها وتطورها والحد من نشر مفاهيم العنف ومكافحة الكراهية التي تدمّر المجتمعات؛ وبما يسهم في تحصيل الحقوق وأداء الواجبات؛ وتعظيم ثقافة احترام الاختلافات.

وشدّد على أن واجبنا اليوم كأفراد وقيادات دينية ومثقفين وباحثين ونشطاء منظمات المجتمع؛ يحتّم علينا النهوض بأدوارنا المنوطة بنا من أجل التوعية بمثل هذه القيمة الإنسانية السامية وترسيخها: مفهوماً وموقفاً وممارسة وسلوكاً وأفكاراً ونشأة وتقويماً لدى مجتمعاتنا ومجتمعات أتباع الثقافات.

يُشار إلى أن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني يُولي ومنذ إنشائه أهمية بالغة للتسامح، ويحرص على ترسـيخه سـلوكًا وثقافـة ‏وقيمـة فـي المجتمـع، حتى أضحى التسامح إحدى أهم القيم ‏التي يتبناها المركز.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org