أكّد المستشار علي محمد الحازمي؛ الخبير في الاقتصاديات الدولية والتخطيط الإستراتيجي وكبير المستشارين في مركز الإنمائية للاستشارات الإدارية، أن ثقافة العمل عن بُعد تتضمّن مجموعة من القيم والممارسات التي تساعد الأفراد على العمل بشكلٍ كفءٍ وفعّال خارج نطاق المكاتب التقليدية.
وقال "الحازمي": العمل عن بُعد يخضع إلى الإدارة الحديثة، وهذا يمكن أن يشمل الاتصال الفعّال، والثقة، والاعتماد على النفس، والإدارة الذاتية، والتوازن بين العمل والحياة الشخصية.
وأضاف: من المتوقع أن تتبنى المملكة العربية السعودية هذه الثقافة التي تندرج تحت تشكيل الهوية العالمية الاقتصادية والإدارية، ومن المحلية الى العالمية، ببصمة سعودية، في ظل رؤية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، بتطبيق رؤية مرنة ومميزة على مستوى عالمي؛ تقوده المملكة بثقافة مُلهمة ومتينة من حضارة مؤثرة في تشكيل الهوية العالمية.
وأردف: من ناحيةٍ مؤسسية، ثقافة العمل عن بُعد؛ تشير إلى القيم والمعتقدات والممارسات التي تحكم كيف يعمل الأفراد والفرق عن بُعد في أيّ مؤسسة، وهذا يمكن أن يشمل: الاتصال الواضح، التوقعات المحدّدة، الدعم التكنولوجي، والرفاهية العاطفية للموظفين.
وتابع: ثقافة العمل عن بُعد تشتمل على عديدٍ من الأهداف، منها: تقليل التكاليف، والتقليل من الحاجة إلى مكاتب فعلية، يمكن ذلك أن يوفر للمؤسسات الكثير من بذل المجهودات والمال، والوقت، وبالتالي الرفع من الكفاءة والفاعلية، وهذا ما يسعى اليه الكثير من المؤسسات على مستوى محلي وإقليمي وعالمي.. كذلك من الأهداف، تحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وتعزيز الإنتاجية والرفع من كفاءتها، ويوفر العمل عن بُعد أيضاً، المرونة للموظفين لإدارة وقتهم.
وقال "الحازمي": إن العمل عن بُعد يمكن أن يقلل من التشتت الذهني ويزيد من عملية التركيز. كما سوف يمد العالم بالكفاءات، بحيث يمكن للمؤسسات التوظيف من أي مكان في العالم وبرواتب أقل، وهذا يعني أن العالم أصبح قرية ولا توجد هناك حدود، وهذا سوف يوسّع نطاق البحث عن المواهب.
وأضاف: المملكة تهتم بالمواهب وتوفير البيئة المناسبة مع اكتشاف المواهب من خلال برنامج تنمية القدرات البشرية؛ أحد برامج رؤية 2030 الطموحة والمرنة، ومن الأهداف المهمة الحفاظ على البيئة، والعمل عن بُعد يقلل من الحاجة إلى السفر والتنقل المكلّف، مما يقلل من الانبعاثات الكربونية، والمملكة إحدى الدول التي تهتم بالبيئة والطاقة المتجدّدة النظيفة.
وأردف: كما من سمات أهمية العمل عن بُعد، المرونة التي تمكّن الموظفين من تحديد جدولهم الخاص والعمل في الأوقات التي يجدونها الأكثر إنتاجية، وكذلك التوازن بين العمل والحياة الشخصية، ويمكن للموظفين قضاء مزيدٍ من الوقت مع عائلاتهم وتجنُّب السفر والتنقل المرهق أحياناً، والاستدامة ودعم وتعزيز التنمية المستدامة من خلال استغلال الموارد البشرية والموارد الطبيعية والموارد التقنية بصورة مُثلى وبكفاءة وفعالية أعلى.
وتابع: العمل عن بعد له العديد من الفوائد، ومنها: المرونة: والتوازن بين العمل والحياة والوصول بشكل أكبر للمواهب بكفاءة وفعالية، والشركات يمكنها توظيف الأفراد من أي مكان في العالم، وتوفير التكاليف، والشركات يمكنها تقليل التكاليف المرتبطة بالمكاتب الفعلية، وتحقيق الاستدامة.
وقال "الحازمي": هناك نقاط قوة ونقاط ضعف وفرص وتهديدات في تطبيق ثقافة العمل عن بُعد، ونقاط القوة تكمن في المرونة في العمل وتوفير الوقت والمال المستغرق في السفر والتنقل والقدرة على التوظيف من أي مكان في العالم، كما ذكرنا سابقاً، أما نقاط الضعف فتكمن في أنه قد يكون من الصعب بناء الروابط الفردية والثقة بين الفريق الواحد، وقد يكون التواصل أكثر تحدياً، ومن الصعب فصل العمل عن الحياة الشخصية، إذا عدنا إلى الفرص المقدّرة على الوصول إلى مجموعة أكبر من المواهب والقدرة على العمل في أوقات مرنة.
وأضاف: التهديدات تكمن في تحديات التقنية، وأيضاً قد يكون من الصعب التحقّق من إنتاجية العمل، ومن الممكن أن يكون العاملون والموظفون البعيدون أقل انتماءً للشركة.
وأردف "الحازمي": لتطبيق ثقافة العمل عن بُعد بتحديد الأهداف والمتطلبات مسبقاً، يجب أن يكون لدينا فهمٌ واضحٌ لما يتعيّن على الفريق تحقيقه.
وأوصى بالاتصال الفعّال واستخدام الأدوات الرقمية للتواصل والتعاون المشترك بين فريق العمل والتعاون مع الرؤساء، مع توفير التدريب وتوعية العاملين والموظفين بكيفية العمل بكفاءة وفعّالية من المنزل، وبناء الثقة من خلال التشجيع على التفاعل الاجتماعي والتعاون بين أعضاء الفريق والرفاهية، والتأكد من الفصل بين العمل والحياة الشخصية، مع تقييم الأداء من حين إلى آخر، وتقديم الدعم عندما تكون هناك حاجة ملحة مع التقدير والاعتراف بالإنجازات والجهود التي يبذلها أعضاء الفريق، وتوفير دعم فني مستمر، والتأكّد من أن الجميع لديهم الأدوات والمعدات اللازمة للعمل بكفاءة وفعالية، ويجب على الجميع اتباع جدول زمني محدد.
وتابع: يجب أيضاً السماح ببعض المرونة وتشجيع الابتكار بالبحث المستمر عن طرق جديدة لتحسين العمليات وتحقيق الأهداف، وأهم نقطة الراحة والصحة: بالتأكّد من أن الجميع يأخذون فترات راحة منتظمة، ويهتمون بصحتهم، وأيضاً يجب على الجميع احترام الآخرين وأوقاتهم والثقافات المختلفة، في ظل تشكيل الهوية العالمية التي ستكون فيها المملكة العربية السعودية نموذجاً رائداً يُحتذى به، في ظل قيادة حكيمة ورشيدة، وفي ظل رؤية مرنة وطموحة.
واختتم "الحازمي"؛ بالقول: أوصي بالاهتمام بثقافة العمل عن بُعد من خلال الاهتمام بالبحث والدراسة من قِبل مراكزنا البحثية المتقدّمة، ومنها الجامعات الصانعة للعقول البشرية.