نجحت إيران في اكتساب عداوات دول العالم في فترة وجيزة من حكم الملالي؛ وذلك بعدما وضعت نفسها في رأس حربة الإرهاب والتطرف العالمي، وسمحت لنفسها بأن تتدخل في شؤون الدول الأخرى، وبخاصة الدول العربية، ضمن مخطط كبير ومعروف بشق الصف العربي، ونشر الإرهاب في كل دول المنطقة، وهي ما نجحت فيه طهران إلى حد ما حتى الآن، ولكن يومًا بعد آخر تنكشف المخططات الإيرانية؛ لذا قررت دول عدة أن تضع حدًّا للإرهاب الإيراني، وتتخذ موقفًا معاديًا لها متهمة إياها بدعم التطرف، ونشر الاضطرابات والفتن على نطاق واسع تحت حجج واهية.
وأعلن المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران بسبب الدعم العسكري الذي يقدمه حزب الله لجبهة "البوليساريو" الانفصالية، وفقًا لما قاله وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أمس.
وغادر السفير الإيراني في الرباط المغرب، كما طلبت الحكومة المغربية من عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين مغادرة البلاد.
وأكد المغرب أنه يمتلك "أدلة واضحة" على تقديم حزب الله دعمًا عسكريًّا لجماعة البوليساريو، التي تقاتل ضد الحكومة المغربية في الصحراء الغربية للمغرب منذ سبعينيات القرن الماضي.
ولم يكن قرار المملكة المغربية مستغربًا، وإنما جاء عطفًا على السياسة الإيرانية التي تتبعها منذ بدأ حكم الملالي في عام 1979م؛ إذ رأت الرباط أن طهران دولة تصدِّر الشر إلى العالم، ولا تراعي حرمة الدول الأخرى وخصوصياتها؛ فما كان منها إلا أن تجنبت طهران بقطع العلاقات معها.
إجماع عربي
هناك إجماع عربي وعالمي على أن إيران دولة داعمة للإرهاب بشكل مباشر وصريح، فضلاً عن أنها تسخِّر إمكاناتها كافة في تقديم صور شتى من هذا الدعم للعصابات والمليشيات حول العالم. وترى هذه البلاد أن مجانبة إيران أمرٌ فيه الكثير من الفائدة، أما الاقتراب منها فيعزز الضرر الواقع عليها، وهو ما أقدمت عليه مملكة المغرب أمس.
ولعل المملكة العربية السعودية من أبرز الدول التي قررت أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران؛ وجاء هذا بعد قيام مجموعة من الإيرانيين بالهجوم على مقر سفارة الرياض في طهران والقنصلية السعودية في تجاوز كبير وخطير للتقاليد والأعراف الدولية، قبل أن يقع من دولة أخرى.
ولقي قرار الرياض قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران كل الترحاب والتفهم من دول العالم، التي رأت في الوقت نفسه أن إيران دولة لا عهد لها، ولا تحترم المواثيق والقوانين، ولا تصون حق الجوار، إلى جانب أنها تمارس سياسة عدائية ضد الجميع من أجل تحقيق أجندة سياسية، تعتمد على نشر الاضطرابات والإرهاب في كل بقعة في العالم، وبخاصة منطقة الشرق الأوسط، والتحكم في هذه الاضطرابات عن بُعد، ومن ثم التباهي أمام العالم بأنها الدولة الوحيدة القادرة على وقف هذه الاضطرابات أو تغذيتها.
نصف مليون قتيل
تعتمد إيران في سياستها الخارجية على أمر مهم للغاية، هو نقل المعركة خارج أراضيها، وفرض نفوذها على بؤر الصراع. ويظهر ذلك بشكل جلي في تحكُّمها الكبير والعلني بالمشهد السياسي داخل سوريا من خلال دعم نظام الأسد؛ إذ أرسلت طهران أفضل قواتها وعدادها إلى دمشق للوقوف بجانب النظام هناك، ومساعدته في قتل أكثر من نصف مليون سوري على مدى 7 سنوات مضت.
وتكرر المشهد نفسه في العراق، الذي تتحكم فيه إيران من خلال دعم الطائفية هناك. ووصل الأمر إلى مصادرة القرار العراقي لصالحها، والرهان على بث الرعب والقلق في كل شبر بالعراق، من خلال مليشياتها الإرهابية المنتشرة، وإذكاء الطائفية هناك.
وتكرر المشهد للمرة الثالثة في دولة لبنان، التي تكتوي اليوم بالنيران الإيرانية، من خلال مليشيات حزب الله ذات السلطة القوية، التي تناطح سلطة الحكومة اللبنانية، وتعمل على مصادرة قرار الشعب اللبناني، والتحكم في مصيره؛ وهو ما أضعف لبنان، وجعلها تتأخر عن الركب، ومزقها إلى أطياف سياسية مشتتة التفكير.
قرارات مماثلة
إذا كان قرار المغرب قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران هو أحدث تلك القرارات إلا أنه لن يكون الأخير؛ ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من القرارات المماثلة، ليس على نطاق الوطن العربي والإسلامي، وإنما العالمي، بعدما يثبت أمام الجميع حقيقة مخططات النظام الإيراني وتوجهاته الإرهابية. وسوف يساعد على ذلك توجُّه الولايات المتحدة الأمريكية لوقف العمل بالاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات على طهران الساعية إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل لتهديد جيرانها، وفرض نفوذها على العالم عنوة.