يتساءل الكاتب الصحفي فهد الأحمدي، لماذا يحب كأس العالم، وهو الذي لا يتابع كرة القدم ولا حتى الدوري المحلي؟ وبعدها يكشف الكاتب عن أربعة أسباب جعلته يحب كأس العالم.
لماذا أحب كأس العالم؟
وفي مقاله "العرس العالمي الأخضر" بصحيفة "الاقتصادية"، يقول الأحمدي: "منافسات "كأس العالم" أصبحت بمنزلة عرس أممي يتكرر كل أربعة أعوام. تنسى خلاله شعوب الأرض خلافاتها، وتستبدله بجو من الفرح والتواصل، لا يقارن بأجواء الكآبة والإحباط التي تسببها مكائد السياسة، وعزلة كورونا، وتداعيات حرب أوكرانيا.. كـتبت هذا المقال بعد أن طرحت على نفسي هذا السؤال: لماذا أحب كأس العالم وأنـا الذي لا أتابع حتى الدوري المحلي؟".
يجمع أمم الأرض في مناسبة سلمية
ويكشف "الأحمدي" عن أول الأسباب، ويقول: "اكتشفت أن متابعتي هذه المناسبة لا تعود فقط لأنها قمة المنافسات العالمية، بـل لوجود معان راقية في التقاء المنتخبات الوطنية ذاتها. اكتشفت أنني أحب كأس العالم، لأنه يجمع أمم الأرض ضمن مناسبة سلمية لا قتل فيها ولا دمار. لأنه يلبي رغـبتنا البدائية في الغلبة والتفوق دون أن يضر فعلاً بالطرف المهزوم. لأنه يمنح البشر فرصة التعارف والالتقاء دون الحاجة إلى لغة مشتركة غير قوانين كرة القدم. لأنه ينهي (ولو مؤقتًا) مظاهر التناحر الوطني والعقدي ويستبدلها بمظاهر التسامح والمحبة. لأنه المناسبة الوحيدة التي تلتقي فيها دول وشعوب تفصل بينها محيطات شاسعة ومسافات جغرافية هائلة، (فأين يمكن أن تلتقي قـطر والإكوادور، والسعودية والأرجنتين، وفرنسا وأستراليا، إلا في كأس العالم 2022)؟".
يـظهر الوجه الراقي للشعوب
وعن السبب الثاني يقول "الأحمدي": "أيضًا أحب كأس العالم، لأنه يـظهر الوجه الراقي والجميل للشعوب والثقافات العالمية. فـفي كأس العالم الأخيرة "في روسيا" قدمت الجماهير اليابانية دروسًا في النظافة والشعور بالمسؤولية وعدم المغادرة قبل تنظيف المدرجات. أما الجماهير الكولومبية فكانت توزع الورد وترفع أعلام الدول التي تلعـب ضدها قبل كل مباراة. حتى الروس "الذي عانيت جلافتهم في رحلة سابقة"، أصبحوا لطفاء ومبتسمين ولا يترددون في خدمة الجماهير التي تزور بلادهم".
اللاعـبون المسلمون عدلوا النظرة إلى الإسلام
ويضيف الكاتب: "من جهة أخرى، لا ننسى أن 102 لاعـب مسلم أسهموا في تعديل النظرة إلى الإسلام في كأس العالم الماضية، "حين كانت مذابح داعش على أشدها" ولا يزالون يسهمون في إظهار الوجه الإيجابي للمسلمين. اللاعبون المسلمون في المنتخبات الفرنسية والألمانية والبلجيكية لا يزالون يتحملون العـبء الأكبر، ونجحوا حتى الآن في الحد من مشاعر العنصرية وكـره الديانات الأخرى في أوطانهم".
التقريب بين الشعوب والقلوب والأفكار والمعتقدات
وينهي "الأحمدي" قائلاً: "باختصار شديد أحب كأس العالم، لأن التنافس الرياضي الشريف قادر على التقريب بين الشعوب والقلوب والأفكار والمعتقدات. يفعل ذلك دون انتصارات حربية كاذبة، أو خسائر بشرية فادحة، أو التسبب في مآس وأحقاد إنسانية يعجز عن محوها التاريخ".