امتدادًا لجهودها الرائدة في دعم ومساندة اليمن، نظّمت المملكة بالمشاركة مع الأمم المتحدة أمس، مؤتمر المانحين لليمن 2020، الذي دعت إليه 126 جهة بينها 66 دولة؛ لتعزيز الاستجابة الإنسانية لليمن في مواجهة الظروف المعقدة التي يواجهها حاليًا، ومن بينها تفشي فيروس كورونا المستجد في أراضيه مع تواضع إمكانيات منظومته الصحية عن التعامل معه، وتردي الأوضاع الإنسانية بعد توقف العشرات من المنظمات الدولية عن تقديم مساعداتها؛ نتيجة إعاقة مليشيا الحوثي لأعمالها ونهبها للمساعدات الغذائية والطبية، والمتاجرة بها في السوق السوداء، لتمويل حربها الآثمة ضد الشعب اليمني.
الانتهاكات الإجرامية
ويعود تفاقم الظروف الإنسانية التي يواجهها الشعب اليمني حاليًا إلى الانتهاكات والممارسات الإجرامية لمليشيا الحوثي؛ فقد أثرت على التزام الدول المانحة بتعهداتها المالية، التي أعلنتها في مؤتمر المانحين الخامس، الذي عُقد في جنيف في 26 فبراير 2019؛ فرغم أن المؤتمر جمع 2.6 مليار دولار؛ إلا أن الأمم المتحدة لم تحصل إلا على 474 مليون دولار فحسب، بعد امتناع الدول المشاركة عن دفع المبالغ التي تعهدت بها، جراء استيلاء المتمردين الحوثيين على المساعدات الإنسانية وعرقة عمل المنظمات الإنسانية، وابتزاز الجهات التابعة لها.
وتأثير مليشيا الحوثي على عمل المنظمات الإنسانية واسع النطاق، ويطال معظمها بشكل مباشر، فوفقًا لمنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز جراندي؛ فإن30 برنامجًا من بين 41 برنامجًا للمساعدات الإنسانية في اليمن ستتوقف في الأسابيع القليلة المقبلة، ومنها برامج قلصت أنشطتها بالفعل مثل برنامج الأغذية العالمي الذي كان يطعم أكثر من 12 مليون يمني شهريًّا، واضطر إلى تخفيض حصص الإعاشة في المناطق الشمالية إلى النصف، وكذلك منظمة الصحة العالمية التي اضطرت قبل أسبوع من الإعلان عن أول حالة إصابة بـ"كورونا" في اليمن، إلى تعليق المدفوعات المستحقة لعشرة آلاف من العاملين في القطاع الصحي.
الدور البناء
وفي مقابل الدور التخريبي للحوثيين في اليمن، تضطلع المملكة بدور بنّاء يهدف إلى إخراجه من أزماته، والتخفيف من معاناة شعبه، ويأخذ إسهام المملكة في دعم اليمن أشكالًا عدة منها المساعدات الإنسانية والتنموية، التي بلغت في الفترة من بداية انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية إلى اليوم 17 مليارًا و470 مليون دولار أمريكي، منها 500 مليون دولار أمريكي قدّمتها لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن في مؤتمر المانحين أمس، و453 مشروعًا في 12 قطاعًا غذائيًّا وإغاثيًّا وإنسانيًّا نفّذها مركز الملك سلمان للإغاثة، و175 مشروعًا في 7 قطاعات تنموية بأكثر من 150 مليونًا و520 ألف دولار أمريكي نفّذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.
فالدعم السعودي لليمن كبير وشامل، وقائم على التجاوب مع التحديات كافة، ويركز ضمن نطاقاته على التعليم والصحة والطاقة والمياه والزراعة والثروة السمكية والنقل والمباني الحكومية والرعاية الاجتماعية، ويمثل مؤتمر المانحين، الذي نجح في جمع أكثر 1.35 مليار دولار، حلقة في سلسلة الدعم السعودي التاريخي المتواصل لليمن؛ بهدف تجاوز المشاكل التي يواجهها، واستعادة أمنه واستقراره، ويعبر ذلك الدعم عن نظرة المملكة إلى اليمن كعمق استراتيجي لا يمكن التغاضي عنه، كما يترجم مقولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للشعب اليمني التي خاطبه فيها قائلًا: "نحن معكم في كل خطوة إلى آخر يوم في حياتنا، كما كنا في السابق، وكما نكون في المستقبل".