في 20 مارس 2024م أقرّ مجلس الوزراء أن تكون الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة هي الجهة المشرفة على مشروع مركز خادم الحرمين الشريفين لعلوم الكون ورصد الأهلة، وساعة مكة، ومراصد الأهلة الداخلية والخارجية، ومن أبرز مهماتها، إدارة وتطوير مشروع المركز، وساعة مكة، ومراصد الأهلة الداخلية والخارجية، بما يضمن رفع كفاءتها التشغيلية وتحسين جودتها والتوسع في خدماتها، واتخاذ ما يلزم حيال معالجة وضع مراصد الأهلة الداخلية والخارجية -بالتنسيق مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية- بما يضمن تحقيق الغايات من إنشائها.
المركز الذي يعد الأبرز في مجاله يعكس مدى الاهتمام الكبير للمملكة بجانب رؤية الأهلة؛ وذلك لاعتبارات عادة تثير الكثير من الجدل والأخذ والرد حولها في المشهد المحلي والعالمي، وترتبط أغلبها بعملية تحري ورصد دخول الأشهر الهجرية؛ وفقًا للسنة القمرية، حيث المعمول به رسميًا وحاليًا أن تكون عن طريق المحكمة العليا التي تضمن موثوقية الترائي بعدد من الضمانات، منها المعيار الطبي لفحص حدة النظر لدى المترائين؛ حيث تجمع بين رؤية الهلال بالترائي والاستعانة بالمراصد الفلكية، في أماكن مناسبة لترائي الهلال خلال الأوقات المحددة لرصده بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من الأشهر القمرية.
يُعتبر مركز خادم الحرمين الشريفين للأهلة وعلوم الفلك واحدًا من أهم المراكز العالمية في مجاله لما يضمه من أجهزة متطور وخبراء وسعي مستمر لتوفير أحدث الممارسات التقنية في مجاله، ويمكن القول باختصار إنه يعد أكبر وأضخم مركز في مجال علوم الفلك في العالم ويقع بمكة المكرمة وتحديدا في قلب أضخم ساعة في العالم بجوار بيت الله الحرام.
المركز الذي بدأ العمل به عام 2003، ويتكون من عدة أجزاء وأقسام، منها متحف ساعة مكة المكرمة، وشرفة مطلة على بيت الله الحرام و30 معلما من معالمها المقدسة، كما يعتبر أكبر وأدق مرجع للعالم الإسلامي للوقت والمواقيت.
ووفقًا لتقارير إعلامية المركز يضم أكبر شبكة مناظير في العالم لرصد الأهلة والفلك في سبع دول عالمية تمتد من إندونيسيا شرقا إلى تشيلي غربا ونيوزيلاند جنوبا إلى إسبانيا شمالًا، وقد تم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله تزويده بأكبر شبكة مناظير عالمية وآلية التحكم بتقنية تعتبر الأفضل عالميًا لرصد الأهلة والفلك، ومع جهات عالمية المستوى مثل ناسا وإيسا وجامعات مرموقة مثل أم أي تي وهارفارد وكامبردج، كما تم فتح قنوات تعاون ميداني وعلمي في مجال المراصد الأرضية والفضائية.
تجربة المركز رائدة وتواكب وتستفيد من أحدث الممارسات العالمية في مجاله ومن ذلك أن لجانه التي تضم في عضويتها أصحاب معالي من المشايخ وأبرز الفلكيين والمهندسين والمختصين في علوم الفلك تقوم بزيارات دورية لأبرز المراصد العالمية في أكثر الدول تقدمًا في المجال ولديه شراكات مرموقة في المجل، وبالتالي فهناك تحديث مستمر في تطوير ورفع عدد شبكات المناظير والساعات الذرية (نسبة خطأ 1 ثانية لكل 3 ملايين سنة).
كما تشمل آلية عمل المركز منظومات محطات الأهلة الفريدة والمرتبطة بمركز الأهلة، وكذلك قسم مركز الفلك الذي هو في تواصل مستمر ما كل الوكالات الفضائية والجهات ذات العلاقة، فيقدم رسالة قوية حول تطور المملكة في هذا المجال.
الكثير من روائع المركز كشفها المشرف العام عليه د. ياسين المليكي في ظهور إعلامي في أوقات مختلفة حيث أبرز كيف أن المركز يعد مرجعا وطنيا وعالميا يخدم الأمة الإسلامية في التوقيت والمواقيت، وكذلك في البعد الإيماني العلمي التاريخي، فمن منطلق أن مكة هي قبلة المسلمين ومهبط الوحي، كان من أهداف الحكومة الرشيدة توحيد الأمة من خلال أرقى نظام رصد آلي، ومن خلال شراكات بحثية عالمية في مجال بحوث الأهلة، حيث توضح المعروضات في معرض الفلك عظمة الخالق بآلية تربط بين كتابه المنظور "الكون" وكتابه المسطور "القرآن الكريم".
المركز يعد من مستهدفات رؤية 2030م والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد ودعم قطاعات العلوم والتكنولوجيا، ويسعى المركز إلى أن يكون مركزًا رائدًا في مجال علوم الفضاء على مستوى العالم العربي والإسلامي، وأن يسهم في تعزيز التعاون العلمي والتقني بين الدول في المنطقة، كما أنه وبالإضافة لما ذكر أعلاه يعمل بشكل حثيث على إدخال تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتحسين عمليات الرصد والتحليل، كما يقدم الخدمات الاستشارية للجهات المعنية في مجال علوم الفضاء ورصد الأهلة، ويوفر الاستشارات الفنية والعلمية والتقنية للمؤسسات الحكومية والخاصة.
حاليًا وكما هو مشهور فإن الجميع يتجه لمتابعة أشهر المراصد في المملكة مع كل حالة لرصد ذلك حيث يبرز مرصدًا "سدير" و"تمير"، فيما تشمل القائمة مراصد أخرى قد لا تكون بنفس الشهرة في مدن متعددة من المملكة، غير أن الجميع يلتقي عند حسم الأمر لدى المحكمة العليا. كما وفرت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مراصد موزعة في عدد من مناطق المملكة منها الثابتة في مكة المكرمة "مرصد أم القرى" وفي تبوك " الوجه، وحالة عمار" والباقي متحركة في كل من الرياض "سدير، وتمير، وشقراء"، والقصيم، والدمام، والمدينة المنورة، وحائل؛ فيما يخضع اختيار مواقع هذه المراصد لمعايير جغرافية، وعلمية، وفلكية؛ تُسهِّل عملية الترائي للوقوف على دقة هذه المراصد من رؤية للهلال أو عدمها.
وتتمثل آلية ترائي الأهلة؛ وفقًا لتقرير موسع من (واس) من خلال تولي المحكمة العليا ندب قضاة في مواقع الترائي بالمراصد المنتشرة في أنحاء المملكة، تحت إشراف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وبحضور عدد من المتخصصين في علوم الفلك ورصد الأهلة؛ فيما يتم اختيار مواقع الترائي عبر عدة معايير؛ لتسهيل عملية الترائي بدقة، حيث يكون الترائي بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من الشهر الهجري القمري فإذا رؤي الهلال بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين ولو بدقيقة واحدة فيكون الشهر ناقصًا أي 29 يومًا، وتكون تلك الليلة ليلة الشهر التالي.