تحذر الكاتبة الصحفية نجوى المطيري المواطنين من اللجوء إلى غير المؤهلين من أجل الحصول على استشارات أسرية، مؤكدةً أن هؤلاء ليسوا إخصائيين اجتماعيين أو نفسيين وتربويين، ولم يدرسوا ولا يطبقون معايير العلم وأخلاقه، ولهذا فإنهم يقدمون نصائح عبثية خاطئة، ويفضحون الأسر بنشر أسرارها، لافتةً إلى أن المشكلات تُحل داخل الأسرة أو باللجوء إلى مراكز معروفة ذات سمعة.
قواعد وأخلاق مهنة الأخصائي الاجتماعي
وفي مقالها "مخاطر تفشي الاستشارات الأسرية عبر وسائل التواصل" بصحيفة "الوطن"، تبدأ المطيري بأسس وقواعد واخلاق مهنة الاخصائي الاجتماعي والتربوي، وتقول: "مهنة الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والتربويين، من أكثر المهن التي تحمل في طياتها البُعد الأخلاقي المتأصل في السلوك الإنساني، وتشكل أساسًا للعمل المهني، حيث تتشكل ضمن علاقة ما بين الإخصائيين أنفسهم، وبينهم وبين المنتفعين، تحكمها قاعدة أخلاقية مهنية على أساس النظام الداخلي للإخصائيين.. لذلك استحقت مهنة خدمة الإخصائي ميثاقًا أخلاقيًا مميزًا، لأنها تتضمن قيم الحق والكرامة، وتفرد كل إنسان أيًا كان لونه أو جنسه أو دينه أو عرقه، وتعمل على الرُقي بهذه القيم، في حين أن هذا الدستور الأخلاقي والمهني، يُلزم الإخصائي بالأخلاقيات وبالتصرفات الأخلاقية في كل تعاملاته من ممارسات لفظية أو سلوكية، وفي حفظ أسرار العملاء وعدم إفشائها".
استشارات أسرية سريعة عبر الإنترنت
وترصد "المطيري" مشكلة انتشار الاستشارات الأسرية السريعة عبر الإنترنت، وتقول: "مع التطور الهائل لمنصات مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل أن تحصل على استشارات سريعة في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والنفسية والتربوية، وأصبحت الاستشارات عبر الإنترنت واقعًا وملجًأ لكثيرين من الأشخاص يرون فيها السهولة واليسر، ولضعف إمكاناتهم المادية، تغنيهم عن اللجوء مباشرةً لمستشارين نفسيين وقانونيين للحصول على استشارة بحلول قانونية لمشكلات يعانونها، في ضوء تدني رسوم أتعاب الاستشاريين الإلكترونية عن غيرها، فضلاً عن السرعة في الحصول عليها، عبر الجهاز الإلكتروني، مقارنة بالوقت والجهد الذي قد يبذله الفرد حال التوجه لمكتب هذا المستشار".
استشارات وفضائح.. ولا علم
وتحذر "المطيري" من هذه الاستشارات، وتقول: "بالتالي أصبحت تقدم هذه الخدمة الاستشارية أمام الملأ، وفي غضون ثوانٍ تشخّص الحالة وتقدم الحلول، دون الرجوع إلى مقاييس واختبارات ونظريات تفسر حالة العميل، وهذا ما يخالف بشكل علني بنود الميثاق الأخلاقي لمهنة الإخصائي النفسي والاجتماعي والتربوي في عدم نشر أسرار العملاء من مشكلات، وما يصدر عنها من حلول، مما يتيح لكل متصفح لمواقع التواصل الاجتماعي مطالعة ذلك كله وأن يتبناها".
التلميح لا التصريح
وتعلق الكاتبة قائلةً: "معلوم أن بعض المشكلات الأسرية قد تنطوي على حالات سلوكية شاذة وغريبة، أو منافية لما اعتاده الناس من مسلكيات شرعية واجتماعية مقبولة.. ولذا يتوجب على أصحاب هذه المواقع والقائمين عليها ألا يتسرعوا في نشر مثل هذه الحالات الخاصة، وأن يكتفوا فقط بإرسال المشورة إلى طالبيها عبر البريد الإلكتروني، أو عبر المقابلة من خلال المركز الاستشاري الذي يعمل به، دون بثها ونشرها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وإن رأوا مصلحة ظاهرة في نشر بعض القضايا والتنبيه إليها، فيمكنهم ذلك بطريقة متحفظة وألفاظ وعبارات منتقاة، فالتلميح أبلغ وأفضل من التصريح".
استشارات خطأ من غير المؤهلين
كما تحذر "المطيري" ممن هم غير مؤهلين ولا دارسين، وتقول: "من جهة أخرى هنالك من ليسو أهلاً للاستشارة، ولا يملكون ترخيصًا مهنيًا لها، ولم يتعمقوا في دراسة التخصص الدقيق حتى!!، فكل من هب ودب للأسف أصبح مستشارًا أسريًا، منهم من عين نفسه مصلحًا اجتماعيًا وقد يكون فاسدًا، وقد تكون حياته الأسرية خربة، ومنهم من عين نفسه محاميًا لجهة معينة وهو مشكوك في أمره، ويحلل المسائل والمشكلات بناءً على منظوره الشخصي، أو تجربته السابقة، وبالتالي ظهرت عبثية في الاستشارات، مما نتج عنها عواقب وخيمة لا تحمد عقباها على مستوى الأسرة تحديدًا، والمجتمع بصفة عامة".
ضعف الوازع الديني والجهل
وتواصل الكاتبة رصد الظاهرة، وتقول: "من أسباب انتشار تلك الظاهرة للأسف، ضعف الوازع الديني والجهل؛ لأنها وضعتها في غير موضعها، وبالتالي ستسمع نصيحة كل من هبّ ودبّ والجرأة الزائدة وقلة الحياء، وعدم مراقبة الله تعالى".
حل المشكلة داخل الأسرة
وتنهي "المطيري" قائلةً: "لذلك علينا أن نرفع مستوى الوعي داخل الأسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، وذلك بالتريث في حل المشكلة الأسرية والعمل على احتوائها وتفهمها قبل اللجوء إلى مستشار أسري؛ لأنه ليست كل مشكلة تحتاج إلى مستشار أسري، وفي حال عجزنا عن حلها نتوجه إلى أهل الاختصاص، ونتأكد من مصداقيتهم ومن عدم نشرهم لتلك المشكلات، والتحفظ على محتواها والاستفادة من الحلول المقدمة.. حسب التشخيص الصحيح لها".