أفاد رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة، بأن سماء السعودية والوطن العربي تشهد في منتصف شهر نوفمبر من كل عام، ذروة نشاط زخة شهب الأسديات، ويُتوقع أن تقدم عرضًا مذهلًا للغاية هذا العام.
وأوضح أبو زاهرة أن شهب الأسديات تنشط سنويًّا في الفترة من 6 إلى 30 نوفمبر، ومصدرها الجزئيات الغبارية من المذنب (تمبل- توتال)، وهي من الشهب المتوسطة حيث تنتج في المعدل عند ذروتها في 17 و18 نوفمبر ما بين 10 إلى 15 شهابًا في الساعة؛ ولكن يُتوقع -بحسب دراستين مستقلتين- فرصة حدوث تساقط غزير لها في فجر اليوم التالي 19 نوفمبر؛ حيث يتوقع رصد ما يصل إلى 250 شهابًا في الساعة، في ظل ظروف مثالية عند حوالى الساعة 09:00 صباحًا بتوقيت مكة (06:00 صباحًا بتوقيت غرينتش).
وأضاف: محليًّا يتم محاولة رؤية شهب الأسديات في الساعات قبل شروق شمس السبت بمراقبة الأفق الشرقي من موقع مظلم بعيد عن أضواء المدن لرؤية الشهب الخافتة، إضافة إلى أن القمر سيكون تأثيره محدودًا حيث سيكون في طور هلال نهاية الشهر المتناقص.
وأكد أبو زاهرة أن التساقط الغزير لشهب الأسديات مجرد احتمال؛ لأنه حتى في العصر الحديث ومن خلال النماذج الحاسوبية المتقدمة لا يزال من الصعب التنبؤ بدقة نشاط زخات الشهب؛ ولكن سيكون من الرائع إذا تحققت النظرية في الواقع.
وتحدُث زخات الشهب في نفس الوقت سنويًّا عندما تعبر الأرض خلال الحطام الذي خلّفه مرور المذنبات (الأجسام الصخرية والجليدية الصغيرة المتبقية من تكوين النظام الشمسي).
وعندما تشق المذنبات طريقها نحو الشمس من الأعماق الباردة والمظلمة للنظام الشمسي؛ تبدأ في التسخين، ثم يتصاعد الجليد حيث ينتقل من الحالة الصلبة إلى الشكل الغازي وتطلق جزيئات صلبة وكثير منها بحجم حبة الرمل أو حبيبات القهوة.
وتابع: تقوم قوى الجاذبية والرياح الشمسية وحتى الضغط من فوتونات ضوء الشمس، بتجميع الحطام في تجمعات تدور حول الشمس على نفس المسار المداري مثل المذنب الأصلي.
وأحيانًا تعبر الأرض خلال ذلك التجمع الكثيف من الحطام، وعندما تدخل الجسيمات إلى غلافنا الجوي فإنها تسخن كثيرًا بحيث تتبخر في وميض من الضوء، وتحترق الجسيمات الأكبر سطوعًا على ارتفاع من 70 إلى 100 كيلومتر تقريبًا وتكون مرئية لفترة أطول حتى عدة ثوان تُعرف باسم الكرات النارية، وغالبًا ما تنتجها شهب الأسديات.. ومع ذلك فإن هذه الشهب بارزة لسببين آخرين؛ أحدهما هو إنتاجها للعواصف الشهابية بشكل منتظم، والآخر هو أهميتها التاريخية في مساعدة علماء الفلك على اكتشاف الطبيعة الحقيقية لزخات الشهب.
ولفت أبو زاهرة إلى أن مصدر شهب الأسديات هو المذنب (تمبل- توتال) الذي يعود إلى الجزء الداخلي من النظام الشمسي مرة واحدة كل 33 عامًا، وينتشر حطام غباري جديد في كل مرة، وفي غضون عامين من الحضيض الشمسي (أقرب مسافة له من الشمس)، نرى عادةً عاصفة شهابية؛ حيث ينطلق العديد من الشهب عبر السماء في دقائق.
وتشير التقارير المعاصرة التي وثّقت العاصفة الشهابية للأسديات عام 1833، إلى سقوط 100.000 شهاب في المتوسط كل ساعة، وقد سجل بعد ذلك في عامي 1866 و1867 آلاف الشهب في الساعة، ومن المثير للدهشة أن فترة 33 عامًا تقريبًا لعواصف شهب الأسديات ليست مرتبطة مباشرة بعودة المذنب؛ فغالبًا ما تحدث العواصف الشهابية للأسديات بسبب مسارات الحطام الكثيف التي تم تشكيلها قبل أكثر من مائة عام.
وأكمل: بشكل عام لا يُتوقع حدوث عاصفة شهابية هذا العام؛ فقد حدثت آخر مرة بين 1999 و2001، وعلينا الانتظار أكثر من 10 سنوات لحدوث العاصفة الشهابية التالية، ومع ذلك هناك فرصة لتفاعل الأرض مع تجمع كثيف من الحطام الغباري كما ورد من خلال منظمة الشهب الدولية؛ إلا التنبؤ بنشاط زخات الشهب أمرٌ صعب للغاية؛ لذلك ليس هناك ما يضمن حدوث ذلك لكن الفرصة قائمة.
وأكد أبو زاهرة، أن رصد شهب الأسديات لا يحتاج إلى معدات خاصة؛ حيث ستشاهَد تظهر عبر جميع أجزاء السماء ولكن فقط يجب السماح للعين بأخذ 20 دقيقة للتكيف مع الظلمة؛ من أجل أفضل فرصة لاكتشاف أضعف الشهب.
ويُرصَد إلى جانب شهب الأسديات في سماء الفجر، نجوم لامعة مثل: (قلب الأسد، والشعرى، والدبران، والعيوق، ونجوم الجوزاء، ونجوم الثور، وعنقود الثريا).
جدير بالذكر أن مراقبة نشاط الشهب يساعد العلماء على فهم أفضل للكويكبات والمذنبات التي تعبر مدار الأرض، وكيف أثّرت تلك الأجسام السماوية على كوكبنا، ويمكن أن تساعد أيضًا في حماية المركبات الفضائية والأرض من الاصطدامات المحتملة بمثل هذا الحطام السماوي.