نظام الجامعات الجديد الذي تم إقراره مؤخرًا أعطى استقلالية لكل مؤسسة تعليمية؛ وبالتالي من حق الجامعة البحث عن مصادر دخل لتطوير إمكاناتها البحثية والعلمية، ورفع نسبة الاستيعاب والصرف على البنية التحتية وخلافه، كما يحصل في الجامعات بالدول المتقدمة التي تعتمد بنسبة كبيرة على مصادرها الذاتية بعيدًا عن التدخل الحكومي.
جامعاتنا ليس لديها حاليًا مصادر دخل يمكن الاعتماد عليها إلا المباني الملحقة بالجامعة، وتأجيرها لجهات حكومية أو خاصة، كما هو حاصل في جامعة الملك سعود وجامعة جازان، وبعض الجامعات الأخرى.. وما عدا ذلك لا يمكن التعويل عليه. لماذا؟ لأن الجامعات لدينا (اتكالية)، تعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي، ولم تستفد من وضعها الأكاديمي وتطوُّر قدراتها لجلب مصادر دخل إضافية، تساعد على تحقيق نقلات نوعية كبيرة، تمكِّنها من تحقيق مزيد من التقدم والتطور.
من المجالات المهمة موضوع الاستشارات. وجميعنا يعلم أهمية هذا الموضوع، وما تنفقه الجهات الحكومية من مبالغ طائلة على شركات الاستشارات الخارجية لتقديم نصائح تساعدها في عملها بالرغم من أن تلك الشركات بعيدة عن البيئة المحلية؛ وهو ما يجعل استشاراتها لا تتطابق مع الواقع المحلي؛ ولذلك ستكون الجامعة بديلاً مناسبًا لعمل استشارات للجهات الحكومية في جميع المجالات بحكم وجود الأكاديميين المتخصصين في جميع المعارف والفنون. ولو تم تفعيل هذا الجانب من قِبل الجامعات أعتقد أنه سيكون مصدر دخل مهم، وسيستفيد الجميع (الجهة طالبة الاستشارة، الجامعة، أعضاء هيئة التدريس مقدمو الاستشارة). أيضًا فتح الباب لراغبي الدراسة في الجامعة من خارج السعودية برسوم سيحقق مزيدًا من الدخل الإضافي للجامعة، خاصة إذا علمنا أن على الأقل 3 من جامعاتنا من ضمن أفضل 300 جامعة عالمية، والبقية حققت مراكز متقدمة في التصنيف العالمي للجامعات؛ وهو ما يعني أن هناك رغبة للدراسة في جامعاتنا.
كذلك يمكن أن تقدم مستشفيات الجامعات خدمة العلاج للراغبين من خارج السعودية برسوم بحكم التطور الحاصل فيها مقارنة بدول المنطقة.
من ضمن المجالات أيضًا عمل دراسات وأبحاث للقطاعَيْن العام والخاص حسب الطلب في جميع المجالات، الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، بمبالغ مجزية، وتأجير المعامل والمنشآت والتجهيزات للقطاعَيْن العام والخاص برسوم، وافتتاح أكاديميات لتعليم اللغات والحاسب وبعض الأنشطة الرياضية بمبالغ معقولة، وغيرها من مصادر دخل تستطيع الجامعة الحصول عليها بدون جهد بحكم موقعها الأكاديمي، وثقة الجـهات كافة في هذا الصـرح كمؤسسة موثوقة، يمـكن الاعتماد عليها.
أعتقد أن الجامعات قادرة على تحقيق ذلك وأكثر.. وما تقدَّم مجرد اقتراحات، تتطابق مع رؤية السعودية 2030، ويمكن الأخذ بها أو تطويرها حسب الحاجة.