التدخين عادة سلبية ضارة بالصحة، لكن للشخص الذي اختار أن يدخن حقوق يجب مراعاتها طالما صرحنا قانونياً ببيع منتج التدخين، ومنها ألا يصبح ضحية منتج مغشوش، هكذا لخص عديد من الكُتاب رأيهم في قضية توحيد شكل "علبة" السجائر، وانتشار شائعة مفادها أن هناك أنواعاً من السجائر مجهولة المصنع لا تحتوي على تبغ، وارتباك بعض الجهات في تعاملها مع القضية.
ارتباك سوق الدخان
وفي مقاله "سعر الدخان 100 ريال" بصحيفة "عكاظ"، يرصد الكاتب الصحفي عبده خال؛ ما حدث في سوق الدخان والمدخنين ويقول "سوق الدخان والمدخنين في حالة ارتباك، مع توحيد شكل (علبة) كل أنواع السجائر، وفي هذا الارتباك انتشرت شائعة ممهورة بالأوراق الرسمية لوزارة الصحة مفاد تلك الشائعة أن هناك أنواعاً من السجائر مجهولة المصنع لا تحتوي على تبغ، وسجلت حالات عدة فتقاً في الرئة، ونص الخبر (المكذوب) أن الوزارة تحذر من شرائها حتى يتم مكافحة البضائع مجهولة المصدر، وبالرغم من نفي الوزارة موضحة أنه لا صحة لما يتداوله المواطنون لتلك الشائعة عبر وسائل التواصل، إلا أن النفي لم يحدث الأثر المطلوب، وعادة تكون الشائعة أكثر انتشاراً بين الناس حتى إذا تم دحضها لن يكون من السهولة إقناع من استمسك بها".
مشكلة العلبة
ويرى خال؛ أن توحيد شكل العلبة تسبب في مشكلة، ويقول "توحيد علب الدخان ساهم في انتشار الشائعة كنوع من التكهن بأن ذلك التوحيد يُمكّن المزورين من تزوير ذلك الشكل المعمم على جميع ماركات السجائر بحيث يسهل وضع مكان التبغ ما يشاؤون وضعه من أجل الإضرار بتلك الأعداد المهولة.. وإذا كان توحيد الشكل رغبة من وزارة الصحة لكف المدخنين عن مزاولة عادتهم السيئة بوضع جملة (للإقلاع عن التدخين اتصل على 937) فهي جملة كان يمكن وضعها على جميع أنواع السجائر من غير الحاجة إلى توحيد الشكل، وكان من الأولى البحث عن وسيلة جذب للتداوي بطرق أيسر من التعقيد بجمع جميع أنواع الدخان في شكل واحد؛ ولأن الحصافة غابت هنا خصوصاً أن جميع التحذيرات تذهب إلى أن التدخين يسبب الأمراض الفتاكة ومع ذلك لم تردع المدخنين عن تعاطيه، وارتفاع الأسعار لم يوقف استمرار المدخنين عن عادتهم حتى إن بعضهم يؤكد استمراره ولو أصبح سعر البكت 100 ريال.. كما أن الشكل الواحد أخفى المعلومات الضرورية للمنتج كنسبة النيكوتين في كل نوع، وهذا يتعارض مع نظام معلومات عن المنتج المستهلك".
مريض وليس شخصا منبوذاً
ويرى خال؛ أننا يجب أن نعامل المدخن كمريض وليس شخصاً منبوذاً، ويقول "أعتقد أن على وزارة الصحة التعامل مع المدخنين كحالات مرضية -وليست كحالات مكافحة منبوذة- وجربت الوزارة حلولاً عدة للتخفيف من تزايد المتعاطين، بدءاً من ذكر أنواع الأمراض الفتاكة المتوقعة مروراً بالعزل في الأماكن العامة وزيادة أسعار التبغ وصولاً إلى توحيد الشكل.. إذاً أمامنا مرضى غير مستعدين للعلاج رغم وجود نواهٍ عدة.. فما العمل مع هؤلاء المتعاطين؟.. وإذ استمر المدخنون في عنادهم فما الحل؟.. أترك الإجابة للمدخنين أنفسهم، وعلى وزارة الصحة ابتكار وسيلة للتخفيف من غير دفع المتعاطين للعناد المبالغ فيه".
هروب "التجارة" و"الصحة"
وفي مقاله "ليلة هروب الوزارتين من المدخنين!" بصحيفة "عكاظ "، يرصد الكاتب الصحفي هاني الظاهري؛ رد فعل الجهات المسؤولة على الشائعات، ويقول "الغريب أن تجاوب الجهات المختصة مع الأمر رغم خطورته (إن صح) ما زال دون الحد المطلوب، فعلى الرغم من أن المسألة تدور حول اتهامات جماعية بالغش التجاري قررت وزارة التجارة الهروب إلى الأمام عبر نفيها (بحسب ما نقلته وكالة سبوتنيك) مسؤوليتها عن عبوات التبغ الجديدة المتداولة في الأسواق، وتأكيدها أن ذلك مسؤولية واختصاص وزارة الصحة وهيئة الدواء والغذاء معلنة أن هذا الدخان مجهول المصدر، ولا يتضمن تاريخ إنتاج، ويجب تحذير الأطفال منه، ويجب أن تكون مكافحته بالطرق العلمية".
التبغ المغشوش جريمة
ويضيف الظاهري "أما وزارة الصحة فاعتبرت أن شكاوى الدخان الجديد ليست من اختصاصها وإنما من اختصاص هيئة الغذاء والدواء (بحسب ما نقلت عنها مصادر إخبارية).. ولم يصدر حتى لحظة كتابة هذه المقالة أي تصريح عن (هيئة الغذاء والدواء) بخصوص القضية وهو أمر مثير للقلق بحق، فإن كانت اتهامات الغش التجاري الموجهة لوكلاء التبغ وموزعيه صحيحة فذلك يعني أننا أمام جريمة خطيرة لاستهدافها أكثر من 20% من سكان المملكة وهم فئة المدخنين، بحسب بعض الإحصاءات".
عادة ضارة لكن للمدخن حق
ويعلق الظاهري؛ قائلاً "بالطبع التدخين آفة مضرة ونتمنى أن يقلع كل المدخنين عنه اليوم قبل الغد، لكن هذا لا يصادر حق المدخن كإنسان ومواطن في حمايته من التسميم الجماعي بالمنتجات الرديئة، كما أن إقبال أي إنسان على التدخين لا يمنح أحداً الحق في حصر الخيارات المتاحة له بمنتج رديء أو مغشوش قد يقتله خلال أشهر، وطالما أن النظام يسمح ببيع التبغ فعلى جميع الجهات ذات الاختصاص أن تحرص على ألا يدخل إلى المملكة إلا منتج عالي الجودة لتقليل نسبة الخطر المترتبة على تعاطيه، وإلا فهي شريكة في عملية زيادة أعداد المرضى والوفيات الناتجة عن التدخين".
تحذير من التلاعب بمكونات التبغ
وفي مقالها "(الدخان الجديد).. والمغلوب على أمره!" بصحيفة "عكاظ"، تحذّر الكاتبة الصحفية خلود الغامدي؛ من التلاعب بمكونات التبغ في ظل الشكل الجديد للعلبة وتتساءل "مَن الذي يتلاعب بشكل أكبر بصحة مستهلك اختار سلعة انتقائية كالتبغ؟.. اختيار المستهلك لمنتج ضار مسموح قانوناً ويدفع عليه ضريبة تُعد الأعلى عالمياً يعني من حقه وجود منتج صالح وجيد أيضاً ومكتوب عليه جميع المواصفات.. هل الحجة وراء هذا كله حماية صحة المدخن؟ أم تدميره نفسياً وجسدياً دون أدنى مراعاة لحقوقه؟.. جميع المدخنين يعلمون جيداً مضاره ويدخنون بقناعة ويدفعون ضريبة عالية جداً جداً؛ من يريد الإقلاع سيُقلع طواعية لا إجباراً".
وتضيف الغامدي "إن كانت وزارة الصحة لا تريد علاج المدخنين بسبب أمراض (قد) يُصابون بها بسبب التدخين لا الجينات الخاصة بالمريض، يمكنها وضع تأمين صحي خاص بالمدخن يدفعه وفي حال مرضه بسبب التدخين (النادر) يُستخدم.. الثأر والكراهية ضد المدخنين لا يعني ارتكابهم لجرم يُعاقب عليه القانون، من حقهم اختيار ما يناسب حياتهم دون فرض غير المنطقي واللا إنساني عليهم.
إساءة حقيقية في استخدام الصور البشعة على (الباكيت) وإساءة حقيقية للمستهلك في إزالة معلومات المنتج والتلاعب بالمكونات.. وماذا بعد؟!".
سرعة انتشار الشائعات
وفي مقاله "سلامة المدخنين" بصحيفة "عكاظ"، يرى الكاتب الصحفي خالد السليمان؛ أن القضية دليل على سرعة انتشار الشائعات، ويقول "زوبعة الفنجان الخاصة بالسجائر الضارة هذه الأيام أصبحت مثالاً على سرعة اشتعال الشائعات واختناق المجتمع بدخانها، حتى مَن عافاهم الله من ابتلاء التدخين، لم يسلموا من ضجيجها تماماً، كما لم يسلموا من ضرر التدخين عند الجلوس في مجالس المدخنين!".
يتوقفون عن التدخين
وفي النهاية يرصد السليمان؛ نتيجة جميلة للقضية، ويقول "الجميل أن حالة الهلع عند بعض المدخنين دفعت بعضهم إلى التوقف عن التدخين حتى انجلاء الدخان الخانق، رغبة في الحفاظ على سلامتهم الصحية، وهذه مفارقة ساخرة عندما تستمع لمدخن يعلن أنه توقف عن تدخين السجائر المغشوشة حفاظاً على صحته التي تدمرها السجائر غير المغشوشة!".