تباينت ردود الفعل بعد أن أعلن البنك المركزي السعودي قبل أيام إتاحة خيار إصلاح المركبة، عوضًا عن التعويض النقدي لمتضرري الحوادث المرورية، وذلك ضمن تحديث بعض مواد الوثيقة الموحدة للتأمين الإلزامي على المركبات، حيث تضمنت التعديلات المدخلة على الوثيقة تعديل الملاحق وبعض التعريفات الواردة بها، بما يواكب تطورات صناعة التأمين، وتحديثًا للاستثناءات وحالات الرجوع، مؤكدًا أن ذلك يأتي لتسهيل إجراءات تسوية مطالبات أضرار الحوادث المرورية، وحفظ حقوق المؤمّن لهم والمستفيدين من التغطيات التأمينية، وفقًا للصلاحيات المسندة إليه بموجب نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني.
ونصّ التعديل على أن الشركة ملتزمة بتسوية المطالبة من خلال عرض خيارات على المتضرر الثالث، والجديد هنا هو عرض خيار إصلاح مركبة الطرف الثالث، على أن يتم ذلك خلال مدة لا تتجاوز 15 يوم عمل بحد أقصى للأفراد، و45 يومًا للشخص الاعتباري، مع بقاء إمكانية منحه مبلغ التعويض المالي إلى حسابه البنكي.
وقد تباينت ردود فعل المغردين على موقع "تويتر" مثلًا، ورأت الأغلبية أن ذلك غير منصف لأسباب -حسب رأيهم- ومنها أن ذلك سيقلل من قيمة السيارة السوقية، بحكم أن الشركة ستقوم بإصلاحها في ورش وليس في الوكالة، ورأى بعضهم أن في ذلك مراعاة لشركات التأمين التي رفعت أسعارها مؤخرًا بنسبة تفوق 100%، ورأى طرف أنه لا دخل للشركة في مستوى رغبته في إصلاح سيارته، وأنه يجب فقط الحصول على المبلغ الذي تقوم جهة "تقدير" المعتمدة بوضعه. ورأى طرف آخر أن هذا يفتح مجال استثمار جديدًا لشركات التأمين بإنشاء ورش تابعة لها والتحكم في مستوى الإصلاح، فيما طالب آخرون بالتروّي في الحكم؛ لأن القرار هو اختياري ويمكن رفضه من المستفيد.
ولرفع الخلاف اتجهت "سبق" للمستشار والخبير التأميني وليد الحميد لتوضيح واقع الأمر، وبداية شدد "الحميد" على أن التأمين مهم؛ لأنه لا يمكنك حسب الأنظمة مثلًا تجديد رخصة السيارة أو نقل الملكية دون وجود تأمين، وهذا أسهم وساعد شركات التأمين على أخذ حصة من السوق لكن هذا غير كافٍ؛ فما زال الدور على شركات التأمين التي يجب عليها أن تحافظ على هذه الحصة وتفعّلها وتحفّزها؛ من خلال تقديم حوافز وتوعية للناس، وتنفيذ حملات تسويقية للمزيد من النمو والمعدلات الإيجابية.
وتطرّق "الحميد" لنقطة عدم الوضوح لدى البعض حول قرار البنك المركزي الأخير، قائلًا: "طبعًا الشخص المتضرر يرى أنه مستفيد من التعويض النقدي، طبعًا لا يوجد شك في أن شركات التأمين تعطي تعويضات عن التقدير، وكثيرًا ما يكون الحادث يكلف ألفًا أو ألفين أو ثلاثة آلاف ريال، والمبالغ اللي تُدفع إضافية قد تكون خمس أو عشرة آلاف، هذه المبالغ تسبب الخسائر الكبرى في السوق، وهذا هو أكبر سبب في ارتفاع أسعار تأمين المركبات، وما نريد التأكيد عليه أنه كلما كان هناك عدل وتوازن ستعود العملية التأمينية للطريق الصحيحة، والهدف هو أن شركة التأمين تعيدك للحالة التي كنت عليها قبل الحادث، وليس الهدف أن تكسب أو تتربح.
وحول القرار الأخير أكد "الحميد" أن هذا الإجراء سيسهم في إيجاد مكتسبات عديدة؛ ومنها:
- رفع جودة الإصلاح فالشركات ستكون ملزمة بالتصليح في ورش فئة (A) وليس أي ورش، وتستطيع أن تضمن لك قطع غيار أصلية؛ لأنها تتمتع بخصومات كبيرة لدى وكالات السيارات وقطع الغيار.
- شركات التأمين ستتولى مسؤولية الإشراف والمتابعة عن العميل، وتكفيه عناء البحث عن الورش وشراء قطع الغيار الأصلية وكذلك نقل المركبة.
- أيضًا هذا منصف للشركات فالبعض وهذه حقيقة؛ فقد يتم إضافة تصليح صدمات قديمة مع الجديدة التي قد تضاف دون قصد.
- هذا سيدعم تخفيف الأسعار للتأمين لاحقًا، ويحل الكثير من الإشكاليات، ولكن على العملاء تفهّم حقيقة ومنطقية وعدالة مثل هذه القرارات؛ فهي لا تُتخذ بشكل عشوائي أو عاطفي.
- هذا القرار وهذا جانب مهم جدًا سيرفع التنافس بين الشركات ويحفزها لرفع خدماتها وترتيب إجراءاتها وتشغيلها وتعيد ترتيب التكلفة كما سيدفعها؛ لتعيد تفاوضها مع شركات الوكالات وقطع الغيار بحيث تحصل على خصومات أكثر.
- هذا القرار سيدفع الشركات أيضًا للتركيز على التوعية والتحفيز وبرامج الولاء، خصوصًا أن النسب ترجح أن 50% فقط من المركبات مؤمّن عليها، وشركات التأمين هنا هي التي يجب أن تنظم حملات تسويقية وتوعوية عن أهمية التأمين؛ للوصول إلى أن يكون جزءًا من ثقافة كل قائد مركبة.
وختم "الحميد" بأن سوق التأمين سوق ضخم يتجاوز حجمه أكثر من 40 مليار ريال، يسهم القطاع بنحو واحد فاصلة ثمانية وأربعين، وقد سبق وذكرت في لقاءات عديدة أنه ما زال الطموح كبيرًا، والمهمة صعبة سواء على شركات التأمين أو على كل الجهات المشرعة؛ بمعنى رفع هذه النسبة إلى 5% كما هو موجود في الأسواق العالمية أو المعدلات العالمية، وبمعنى آخر المفروض أن نصل لـ100 مليار خلال الفترة القادمة من خلال دعم وتمكين القطاع، ووجود سوق مهمة جدًا كهذه لا شك أن الدولة تعمل على التحسين المستمر لها، وقد صدرت قرارات عديدة تنظم وهي خاضعة للتطوير المستمر.