جريًا على العادة.. "كسوة سنوية" للكعبة تُحاك بالحرير وتُحزَّم بالذهب والفضة

اتخذت طابعًا ووصفًا خاصًّا وكان لها العديد من الأشكال والمواصفات
الكعبة المشرفة
الكعبة المشرفة

تعد كسوة الكعبة واستبدالها سنويًا من الخدمات التي تجري بها العادة، وهي اتباع لما قام به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والصحابة من بعده، فقد ثبت أنه بعد فتح مكة في العام التاسع الهجري كسا الرسول في حجة الوداع الكعبة بالثياب اليمانية وكانت نفقاتها من بيت مال المسلمين.

وعلى مر السنين اتخذت الكسوة طابعًا ووصفًا خاصًا، وكان لها العديد من الأشكال والمواصفات ولكل حقبة وصف معين يتميز به، حتى جاء العهد السعودي الزاهر بعنايته للحرمين ومقدساته وقاصديه.

وتمر الكسوة بمراحل كثيرة حتى تتحلى بحلتها النهائية ابتداءً من الصباغة هي أولى مراحل إنتاج الكسوة بالمصنع؛ حيث يزود قسم الصباغة بأفضل أنواع الحرير الطبيعي الخالص في العالم، ويتم تأمينه على هيئة شلل خام، عبارة عن خيوط مغطاة بطبقة من الصمغ الطبيعي تسمى (سرسين) تجعل لون الحرير يميل إلى الإصفرار، ثم النسيج الآلي حيث خصص هذا القسم للكسوة الخارجية التي استخدم في تصنيعها نظام الجاكارد الذي يحتوي على العبارات والآيات القرآنية المنسوخة، والآخر أسود سادة لكي توضع عليه المطرزات.

ومن البديهي أن أي نسيج له تحضيراته الأولية من خيوط السدى، التي تختلف باختلاف النسيج من حيث كثافته وعرضه ونوعه، بدايةً يتم تحويل الشلل المصبوغة إلى كونات (بكرة) خاصة لتجهيزها على ماكينة السدى لكونها تحتوي على عدد معين من الشلل حسب أطوال الأمتار المطلوب إنتاجها. وبالنسبة لأعداد خيوط السدى للكسوة الخارجية فتبلغ نحو (9986) فتلة في المتر الواحد، يجمع بعضها بجانب بعض على أسطوانة تعرف بمطواة السدى. وتسمى هذه المرحلة (التسدية).

ثم تمر الأطراف الأولى بهذه الخيوط خلال أسنان الأمشاط الخاصة بأنوال النسيج وتوصل إلى مطواة السدى التي تلف آليًا حسب الطول المطلوب والمحدد من قبل.

وبعد الانتهاء من عملية التسدية، تنقل خيوط السدى إلى مطواة المكنة نفسها بالطول والعدد المطلوب. أما خيوط اللحمة (العرضية) فتجمع كل ست فَتَلات منها في فتلة واحدة على (كونات) خاصة تزود بها مكنة النسيج. ويُذكر أن عدد خيوط اللحمة يبلغ (66) فتلة في كل (1سم) .

وتتضح من عملية إعداد السدى واللحمة كثافة قماش نسيج الكسوة الخارجية، وذلك كي يتحمل تعرضه للعوامل الطبيعية مدة عام كامل. أما بالنسبة للنسيج الأسود السادة، المخصص لتطريز الآيات القرآنية التي توضع على الكسوة من الخارج ويثبت خياطيًا في إعداد السدى، فيبلغ نحو (10250) فتلة بعرض (205) سم. أما خيوط اللحمة فتعد لها أربع فَتَلات، لكل فتلة عدد (56 فتلة) في (1سم)، وينتج القماش السادة بعرضين: أحدهما خاص للحزام بعرض (110سم) والثاني يستخدم في إنتاج الهدايا بعرض ( 90سم ) ويتم تزويد قسم الطباعة بهذه الأقمشة لطباعة الآيات والزخارف عليها.

وبعد إنتاج الأقمشة وطباعة النسيج الأسود السادة، تبدأ عملية جديدة مختلفة عن سابقها وهي مرحلة الطباعة، فإن أهم ما يميز ثوب الكعبة المشرفة هو التطريز بالأسلاك الفضية والذهبية، وتتم هذه العملية الفريدة أولاً بوضع الخيوط القطنية بكثافات مختلفة فوق الخطوط والزخارف، مع الملاحظة الفنية في كيفية أصول التطريز، المطبوعة على الأقمشة المشدودة على المنسج الذي يشكل (إطارًا) على مستوى سطح القماش، ثم يطرز فوقها بخيوط متراصة من القطن الأصفر لما سيطرز عليه بالأسلاك المذهبة، ومن القطن الأبيض لما سيطرز عليه بالأسلاك الفضية في اتجاهات متقابلة وبدقة ليتكون الهيكل الأساس البارز للتصميم والحروف، ثم يُغطى هذا التطريز بأسلاك من الفضة المطلية بالذهب ليتكون في النهاية تطريز بارز مذهب يصل ارتفاعه فوق سطح القماش من ( 1-2.5 سم ).

وتعمل الأيدي دون ملل أو تعب وبمهارة عالية في تنفيذ تحفة فنية رائعة تتجلى فيها روعة الإتقان ودقة التنفيذ وجمال الخط العربي الأصيل.

ويتم إنتاج قماش الكسوة على هيئة قطع كبيرة (طاقة) كل قطعة بعرض (100 سم ) وبطول 14م ( 15 تكرارًا). يفصل كل جنب من جوانب الكعبة على حدة حسب عرض الجنب، وذلك بتوصيل القطع بعضها مع بعض مع المحافظة على التصميم الموجود عليها، ومن ثم تبطينها بقماش القلع (القطن) بالعرض والطول نفسهما وفيما يلي مقاسات الكعبة المشرفة بجوانبها الأربعة المختلفة المقاسات :

(1) جهة ما بين الركنين ( 10.29 ) مترًا ( 11 طاقة )(2) جهة باب الكعبة ( 11.82 ) مترًا ( 12.50 طاقة )(3) جهة الحِجْر ( 10.30 ) مترًا ( 10.50 طاقة)(4) جهة باب الملك فهد ( 12.15 ) مترًا ( 13 طاقة )

ونظرًا لثقل ستارة الباب، يتم تعليقها مباشرة على جدار الكعبة المشرفة، وقبيل تغيير الثوب تشكل لجنة من المختصين في المصنع لمراجعة وتثبيت القطع المطرزة في مكانها المناسب، وكذلك التأكد من اتصال تكرار الجاكارد والتأكد من عرض كل جنب على حدة والقطع المطرزة المثبتة عليه.

ويستهلك الثوب الواحد للكعبة نحو 670 كيلوغرامًا من الحرير الطبيعي و150 كيلوغرامًا من سلك الذهب والفضة، ويبلغ مسطحه الإجمالي 658 مترًا مربعًا ويتكون من 47 لفة، طول الواحدة 14 مترًا بعرض 95 سنتيمترًا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org