يطالب الكاتبُ والمحلل السياسي حمود أبو طالب القمةَ العربية المنعقدة اليوم في البحرين، بأن تكون قمة قرارات لا توصيات؛ لأن الأوضاع في أجزاء كثيرة من العالم العربي وصلت حدًّا كبيرًا من الخطورة التي ستهدد الجميع إذا استمرت على ما هي عليه، وبالتالي لن تفيد كثيرًا أي مخرجات للقمة حين تأتي في صيغة توصيات غير ملزمة، راصدًا ثلاثة موضوعات أساسية يجب مناقشتها في القمة.
وفي مقاله "نريدها قمة القرارات لا التوصيات" بصحيفة "عكاظ"، يقول "أبو طالب": "القمة العربية المنعقدة اليوم في البحرين يجب أن تكون قمة قرارات لا توصيات؛ لأن الأوضاع في أجزاء كثيرة من العالم العربي وصلت حدًّا كبيرًا من الخطورة التي ستهدد الجميع إذا استمرت على ما هي عليه، وبالتالي لن تفيد كثيرًا أي مخرجات للقمة حين تأتي في صيغة توصيات غير ملزمة، ليس ذلك فحسب وإنما ما يحدث في العالم من توترات حادة، سياسية واقتصادية وأمنية، واستقطابات ومنافسة شرسة على مناطق نفوذ وإعادة تموضع للقوى الكبرى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كل ذلك أصبح يمثل تهديدًا حقيقيًّا للكتلة العربية؛ ولذلك لن يكون مجديًا تكرار العبارات المعتادة في القمم السابقة بأننا نمر بمنعطفات ونواجه تحديات؛ لأننا الآن أمام أخطار حقيقية تتكاثر وتتفاقم بشكل سريع".
ويبدأ "أبو طالب" بالشأن الفلسطيني والعدوان على غزة، ويقول: "مؤكد أن مأساة غزة ستكون أولوية في القمة، وهي رغم كارثيتها فإنها قد دفعت بالقضية الفلسطينية في مسار جديد بعد القمة العربية الإسلامية التي عُقدت في الرياض وانبثقت عنها لجنة وزارية برئاسة المملكة، ناقشت واستخدمت كل الأوراق الممكنة مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية لوقف الحرب الإسرائيلية المدمرة في غزة وتداعياتها على المنطقة، لكن إسرائيل ما زالت مستمرة في توسيع دائرة الحرب وتأجيج أوارها في ظل تهاون واضح من المجتمع الدولي، وتزداد الأزمة تعقيدًا باختطاف حركة حماس للقرار الفلسطيني؛ ما يؤكد ضرورة البدء عاجلًا في ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل وإيجاد سلطة فاعلة قادرة على تحمل المسؤولية؛ إذ لا جدوى كبيرة من مواجهة إسرائيل ولجمها بينما الطرف الفلسطيني يعاني التشظّي، ولا يساعد في الجهود الحثيثة لإقامة الدولة الفلسطينية المرجوة".
وعن الأولوية الثانية أمام القمة، يقول "أبو طالب": "ومن جانب آخر فإن الأوضاع في بعض الدول العربية تزداد سوءًا وخطرًا نتيجة غياب الدولة المركزية، وهيمنة الحركات الميليشياوية، والحروب الداخلية، والتبعية الخارجية. بنظرةٍ سريعة إلى ما يحدث في اليمن والسودان وليبيا ولبنان وسورية والعراق، نستشفّ مستقبلًا مخيفًا ينذر بالتشرذم، ويهدد الأمن العربي بمجمله، وإذا لم يكن هناك تحرك عربي مختلف في التعاطي مع هذه الأوضاع فإنها ستخرج نهائيًّا عن السيطرة".
وينهي "أبو طالب" بالملف الثالث، ويقول: "الملفات الاقتصادية والتنموية في كثير من دول العالم العربي المضطربة يصعب تحريكها بانعدام الأمن وغياب سيادة الدولة، وهذه الدول تستنزف كثيرًا من الوقت والمال والجهود لبقية الدول المستقرّة التي لديها مشاريع تنموية طموحة. ترك الساحة العربية لميليشيات وحركات وتنظيمات خارجة على القانون ومرتبطة بأجندات خارجية تهدف للسيطرة على مقدرات العالم العربي أمرٌ خطير لا بد من تداركه بأشدّ الوسائل حزمًا".