قال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أحمد الخليفي: إن القطاع المصرفي بالمملكة يتمتع بمستوى عالٍ من السيولة؛ وذلك في الوقت الذي تقرض فيه البنوك المستثمرين الراغبين في شراء الأسهم في الطرح العام الأولى لشركة أرامكو السعودية.
وأضاف في مؤتمر صحفي اليوم الأحد: "القطاع المصرفي السعودي يتمتع بمستوى عالٍ جدًّا من السيولة بالمقارنة مع متطلبات بازل".
وأكد محافظ مؤسسة النقد، أن القطاع المصرفي في المملكة يتسم -ولله الحمد- بقدر كبير من الملاءة المالية والكفاءة التشغيلية والسيولة العالية، ويخضع لرقابة لصيقة وإشراف فاعل من قِبَل مؤسسة النقد؛ مشيرًا إلى أن من المهام الحيوية للقطاع المصرفي ما تقدمه المصارف من تسهيلات ائتمانية للقطاعين الخاص والعام التي شهدت نموًّا ملحوظًا في السنوات الماضية، كما أن مؤشرات السلامة المالية فيه تعتبر ممتازةً مقارنةً بمتطلبات "بازل" والمعايير الدولية في مختلف المجالات ومنها: معدل كفاية رأس المال، والقروض المتعثرة أو المشكوك في تحصيلها، ومستويات السيولة التي تُعد ضمن مستويات عالية جدًّا مقارنة بالحد الأدنى المطلوب حسب معايير لجنة "بازل".
وانطلقت اليوم الأحد في الرياض أعمال المؤتمر الأول المشترك بين مسؤولي البنوك في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذي تُنظّمه مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، بالتعاون مع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي.
وتأتي مبادرة عقد مؤتمر سنوي للبنوك بإشراف الهيئات الرقابية لتحديد التحديات والفرص في القطاع المصرفي، ضمن المبادرات المنبثقة عن لجنة المال والاستثمار التابعة لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي يهدف بشكل أساسي إلى تعزيز مصالح البلدين، وإيجاد فرص جديدة تُحقق الرفاهية للشعبين الشقيقين، وإطلاق مبادرات مشتركة ينعكس أثرها الإيجابي على جوانب الحياة اليومية لكلا البلدين.
ودُشن المؤتمر بحضور محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أحمد بن عبدالكريم الخليفي، ومحافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي مبارك بن راشد المنصوري، ومشاركة نخبة من الخبراء والمهتمين من البلدين. وسلط الضوء على أهم التحديات والفرص التي تواجه القطاع المصرفي بالبلدين في مجالات الأمن السيبراني، والتوعية المالية والتقنية المالية، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ورحّب الدكتور أحمد الخليفي، في كلمة ألقاها في بداية المؤتمر، بمحافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، كما رحّب بأصحاب المعالي والسعادة في افتتاح المؤتمر السنوي الأول للبنوك السعودية والإماراتية؛ لتحديد التحديات والفرص في القطاع المصرفي، الذي يُعَد أحد مبادرات مظلة استراتيجية "خلوة العزم" المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي تندرج تحت مظلته جميع مجالات التعاون والعمل المشترك بين البلدين الشقيقين، ضمن اتفاقية تهدف إلى إيجاد نموذج استثنائي للتكامل والتعاون على المستوى الإقليمي والعربي، عبر تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة. ولفت في هذا الصدد إلى أن المؤتمر يُعد فرصة لمسؤولي البنوك في البلدين للحوار والتعرف على أبرز التحديات والفرص في مجالات أصبحت ذات أهمية عالية على المستوى الدولي ولها تأثير على القطاع المصرفي.
وقال محافظ "ساما": إن المملكة تُعَد رابع أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة على مستوى العالم، والأول على مستوى الخليج العربي والمنطقة العربية، وقد بلغت قيمة الحوالات الصادرة إلى دولة الإمارات خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2019م نحو 71 مليار ريال؛ في حين بلغت قيمة الحوالات الواردة خلال الفترة ذاتها 20 مليار ريال.
وفي الحديث عن المجالات التي أصبحت ذات أهمية عالية، تَطَرّق الدكتور "الخليفي" إلى مجال قطاع تمويل المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر؛ موضحًا أن مؤسسة النقد سنّت تشريعات للبنوك العاملة في المملكة؛ بهدف تشجيع تمويل تلك الفئة، ومن جهود المؤسسة لتعزيز تمويل هذا القطاع، تشكيل لجنة تهدف إلى دراسة سبل دعم القطاع ورفع التوصيات التي من شأنها تعزيز دور المؤسسات المالية التي تشرف عليها المؤسسة، إضافة إلى توحيد التعريف بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، واستحداث قطاع آخر يكتسب أهمية كبيرة (متناهية الصغر)؛ مبينًا أن حجم التسهيلات المقدمة إلى قطاع المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر خلال الربع الثاني لعام 2019م، بلغ نحو 113 مليار ريال.
أما في مجال الأمن السيبراني؛ فقد أكد المحافظ أن هذا المجال يُعد أحد أهم أولويات مؤسسة النقد، وأن النهج الذي تتبعه في هذا المجال، أدى إلى رفع درجة التزام المملكة ونظامها المالي بمتطلبات ومعايير الأمن السيبراني؛ حيث ركزت "ساما" على طرق الوقاية والحماية، إضافة إلى الإجراءات المستمرة للفحص وتقييم المخاطر.
وحول أهم جهود مؤسسة النقد في تعزيز الشمول المالي والتثقيف المالي؛ لفت الدكتور الخليفي إلى تدشين مبادرة شاملة تحمل اسم "ساما تهتم"، وتستهدف ثلاثة محاور أساسية وهي حماية العملاء، والثقافة المالية، والشفافية والإفصاح، وقد تَضَمّنت هذه المبادرة إطلاق نظام آلي لإدارة علاقات العملاء، ورفع مستوى الثقافة المالية للأفراد، وتعزيز ثقافة الادخار، وتوعيتهم بحقوقهم ومسؤولياتهم. كذلك تم تدشين مبادرة تقديم الخدمات المصرفية عبر الوكلاء (Agent Banking) لزيادة مستوى الحصول على الخدمات المالية، وتنويع قنوات الوصول إليها. وتابع الخليفي أن من أهم الأهداف التي تسعى مؤسسة النقد إلى تحقيقها ضمن إطار برنامج تطوير القطاع المالي؛ ما يتمثل في تقليل الاعتماد على تداول النقد، من خلال التطوير المستمر للبنية التحتية لأنظمة المدفوعات الوطنية؛ بهدف تسهيل التحول إلى بيئة رقمية للمدفوعات، وهو ما يصب -بشكل مباشر- في تشجيع التوجه نحو مجتمع غير نقدي.
كما أشار المحافظ إلى تشجيع الابتكار في القطاع المالي من خلال دعم مبادرة "فنتك السعودية" التي أطلقتها مؤسسة النقد العام الماضي؛ لتكون حافزًا لتطوير قطاع التقنية المالية وتمكينه بشتى الوسائل، لتصبح المنطقة منصة ابتكارية ومركزًا رئيسيًّا للتقنيات المالية حول العالم، بوجود منظومة ناجحة يقودها أصحاب المصلحة المحليون والدوليون؛ وذلك من خلال جمع الجهات الحكومية والخاصة التي ستشجع ثقافة الابتكار.
وفي الختام، قال الدكتور الخليفي: إن مجلس التنسيق السعودي الإماراتي تم إنشاؤه ضمن اتفاقية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في شهر مايو ٢٠١٦، وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات؛ حرصًا على توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين ورغبتهما في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني والعسكــــري. وترتكز رؤية المجلس على إيجاد نموذج استثنائي للتكامل والتعاون بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على المستويين الإقليمي والعربي، عبر تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة من أجل سعادة ورخاء شعبي البلدين.
من جانبه، قال محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة مبارك راشد المنصوري، في كلمة افتتاح المؤتمر: إن الارتباط العميق بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية؛ من شأنه أن يعزز من تطوير مبادرات استراتيجية مشتركة، تهدف إلى استمرار التعاون والتكامل في العديد من المجالات بين البلدين؛ بما فيها التمويل والاستثمار والأنشطة المصرفية وغيرها.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر يستهدف ترسيخ التعاون بين البنوك الإماراتية والسعودية، وتسليط الضوء على التحديات وسبل مواجهتها في مجال الأمن السيبراني، والتقنية المالية، ودعم وتمويل المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، كذلك اغتنام فرص التمويل والاستثمار في كلا البلدين فيما ينتقلان باقتصادهما إلى حقبة "ما بعد النفط"؛ حيث تتشارك الدولتان الرؤى بعيدة المدى؛ لخلق مستقبل أكثر إشراقًا وفق رؤية الإمارات 2021، ورؤية المملكة 2030.