مع استمرار احتدام المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تواصل المملكة إجلاء رعاياها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان إلى المملكة، في عملية اكتسبت طابعًا دوليًا وإنسانيًا؛ بسبب اتساع نطاقها، وتجاوزها الإطار الوطني السعودي إلى الإطار الدولي، لتشمل 26 جنسية مختلفة، فالسبت الماضي نفّذت المملكة بنجاح من خلال البحرية السعودية، المرحلة الأولى من عملية الإجلاء، التي ضمّت 91 سعوديًا، و66 من مواطني 12 دولة؛ هي: الكويت، وقطر، والإمارات، ومصر، وتونس، وباكستان، والهند، وبلغاريا، وبنجلاديش، والفلبين، وكندا، وبوركينا فاسو.
وبعد نحو يومين، نفذت المملكة بنجاح أيضًا، ومن خلال البحرية السعودية المرحلة الثانية من عملية الإجلاء، التي شملت 10 سعوديين، و189 مواطنًا من دول: الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والسويد، وإيطاليا، وقطر، وسوريا، وهولندا، والعراق، وتركيا، وتنزانيا، ولبنان، وليبيا، ليصل إجمالي من أجْلتهم المملكة من السودان منذ بدء عملية الإجلاء 356 بينهم 255 مواطنًا من رعايا 26 دولة يتوزعون على أربع قارات هي: إفريقيا، وآسيا، وأوروبا، وأمريكا الشمالية، وكما يلاحظ فإن عدد الرعايا الأجانب، الذين أجْلتهم المملكة من السودان، يزيد بمقدار مرتين ونصف عن عدد الرعايا السعوديين الذين أجلتهم المملكة.
ويتطابق الطابع الإنساني الدولي، الذي تحظى به عملية الإجلاء، مع الطابع الذي تتسم به السياسة الخارجية للمملكة، فالسعودية تعمل لخير العالم، وتسهم في إشاعة السلام والأمن بين أرجائه، وتحرص على حياة وسلامة الإنسان بمعزل عن قوميته، ومعتقده الديني، والدولة التي ينتمي إليها، وقد انعكس ذلك بجلاء في عملية الإجلاء، التي شملت إلى الآن 26 جنسية مختلفة، حرصت المملكة على توفير فرص السلامة لمواطنيها دون تفرقة، ونقلتهم بعيدًا عن الجغرافيا السودانية، التي تستعر فيها المواجهات المسلحة، ويصعب التكهّن بأمدها أو مستوى عنفها، أو الدمار الذي ستُحدِثه.
ومما يميز عملية الإجلاء، التي تنفذها المملكة لرعاياها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، تحليها بالمأمونية والتنظيم، فرغم كبر المسافة البالغة 675 كيلومترًا بين الخرطوم وميناء بورتسودان، الذي تنقل منه سفن البحرية السعودية الرعايا إلى أراضي المملكة؛ فإن مرحلتي عملية الإجلاء جرتا بتنظيم شديد وأمان تام، ولم تتعرض لأي معوقات تعرقلها أو توقفها، مثل المعوقات التي اضطرت دولًا أخرى إلى تأجيل عملية إجلاء رعاياها إلى عدة أيام، أو وقف العملية بعد بدئها؛ نتيجة الاستهداف المسلح لقوافل الإجلاء، فكما أظهرت مشاهد الفيديو، التي بثتها قناة "الإخبارية" السعودية، فإن قافلة الإجلاء كانت مؤمّنة ضد الهجمات المحتملة.