شكّل وادي "المشقر" بمحافظة المجمعة، مناظر ساحرة ولوحات جمالية طبيعية شدت الأنظار وأغرت المتنزهين؛ إذ شكّلت مياه الوادي الجارية بين النباتات البرية والنخيل الشاهقة، مَناظر تُحاكي في جمالها الأنهار الطبيعية والجداول الخلابة؛ مما جعلها مقصد الكثير هذه الأيام.
واستغل عدد من الشباب تلك المياه الوفيرة للإبحار فيها وممارسة هواياتهم واللعب بـ"الدبابات البحرية"، وسط متابعة وتفاعل من المتنزهين ومحبي البر والمناظر الطبيعية.
وتنساب المياه العذبة من سد المجمعة الذي يرتفع 15 مترًا، ويتسع لـ5 ملايين متر مكعب طيلة الشهرين الماضيين؛ مشكّلًا لوحات زاهية الجمال باهية الظلال، وصار الوادي متنزهًا يقصده الأهالي وعشاق الصحراء.
ويبدأ وادي المشقر الذي يتجاوز طوله 100 كيلومتر برياض وفياض غناء؛ إذ يتربع بعاليه روضة "المزيرعة" وعند آخره روضة تسمى "الخفيسة"؛ فهو يبدأ من المرتفعات المحاذية لمدينة "جلاجل" من جهة الغرب، ولمدينة الداهنة من جهة الشرق، وبالتحديد عند درجة العرض (٣٠- ٤٠- ٢٥)، وخط الطول (٥٢- ١٤- ٤٥)، ويجري باتجاه الشمال محاذيًا لمنحدرات طويق الغربية، وعندما يجتاز الطريق المسفلت القديم الذي يربط بين "المجمعة" وبين بلدان الوشم؛ يتسع مجراه.
ويستمر الوادي جهة الشمال، وعندما يصل مجراه إلى مكان واقع على درجة العرض (١٥- ٥٠- ٢٥) وخط الطول (١٥- ١٢- ٤٥)، يلتقي به وادي "العمار"، ووادي "الرويضة"، و"الخيس"، ثم يتجه يمينًا منحدرًا باتجاه الشرق مع ميل إلى الشمال حتى يصل سد مدينة "المجمعة"، ثم يستمر بعد السد مشكّلًا نهرًا طبيعيًّا بين نخيل ومزارع المجمعة.
وفي عالية الوادي روضةٌ تُسمى "المزيرعة" تكثر فيها الأشجار الكبيرة والنباتات بشتى أنواعها، وهي الآن مُحاطة بسياج لمنع دخول السيارات؛ وذلك للمحافظة عليها وعلى جمالها وخضرتها، ويفصل الوادي مدينة حرمة عن مدينة المجمعة، وينحدر السيل معه حتى يصل إلى رياض صبحا والخفيسة ومطربة وغيرها؛ مخترقًا ضلع المجزل من فتحة الكظيمة.
وورد اسم "المشقر" في كتاب المؤرخ عبدالله بن خميس "معجم اليمامة"، وذكر أنه وادٍ كبير من أودية سدير، يعانقه رافد يقال له الكلب، يأتي من ناحية الشمال الغربي شطر جبل حطابة، وأوضح الباحث التاريخي عبدالمحسن اللعبون، أن وادي المشقر ينحدر من أعالي سلسة جبال طويق في وسط المملكة متجهًا شرقًا مارًّا بالمجمعة وحرمة، مخترقًا جبال المجزل ومنتهيًا برياض الخفيسة عند جبال العرمة.
وتَحول الوادي بعد غزارة الأمطار إلى ما يشبه النهر الجاري بطول عدة كيلومترات، تحيط بضفافه الأعشاب والشجيرات، ويسمى باللهجة المحلية "حاير"، أي سريان مياه الأمطار فوق السطح نتيجة تشبع التربة بالمياه، وارتفاع مستوى المياه السطحية، ويتوسد "المشقر" بطن مدينة المجمعة التي تقف على أطلال موغلة في التاريخ؛ فهي ملتقى للقوافل ومجتمع تمتزج فيه الروح والحركة الثقافية والاقتصاد.
وتقع المحافظة في أقصى شمال منطقة الرياض، تحدها من الشرق محافظة رماح، ومن الغرب محافظتا الزلفي والغاط، ومن الشمال محافظتا قرية العليا وحفر الباطن، ومن الجنوب محافظات ثادق وشقراء وحريملاء، وتبلغ مساحة محافظة المجمعة 23100كم مربع تقريبًا، وتبعد عن الرياض 180 كيلومترًا، ويربطهما طريق إسفلتي سريع مزدوج.
وقد حظيت محافظة المجمعة -كغيرها من المحافظات- بعناية الدولة؛ مما جعلها مكانًا جاذبًا للاستثمار والسكن.. هذا الاهتمام رفع نسبة النمو السكاني في المحافظة وخصوصًا في عاصمتها المجمعة إلى ما يتجاوز 4%.
ووثق المصور عبدالله البرغش بكاميراته الطائرة، تلك المناظر الساحرة لوادي المشقر، بعدد من اللقطات المعبرة، وخص بها متابعي "سبق".