"الحقيل" الأديب الألمعي: من تأسيس التعريب في الجزائر إلى أمانة دارة الملك عبدالعزيز

#كانوا_معنا .. نستذكر قصته وأبرز محطاته:
"الحقيل" الأديب الألمعي: من تأسيس التعريب في الجزائر إلى أمانة دارة الملك عبدالعزيز
تم النشر في

عندما نتذكر أبرز الشخصيات التي رحلت عنّا خلال العام الماضي يبرز في الذاكرة الأديب والمؤرخ السعودي عبدالله بن حمد الحقيل، والذي انتقل إلى رحمة الله في 21 صفر 1440هـ.

ولد الأديب المؤرخ عبد الله الحقيل في محافظة المجمعة عام 1357هـ ، وتلقي علومه في مدارس دار التوحيد في محافظة الطائف، وتخرج من كلية اللغة العربية عام 1958م، والتحق بالعمل بوزارة المعارف 1959.

ثم انتقل إلى بيروت للحصول على دبلوم في التربية المقارنة والتخطيط التربوي من معهد الأمم المتحدة عام 1962، ثم ابتعث بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على درجة الماجستير من جامعة أوكلاهوما عام 1973م، في الدراسات العليا في الإدارة التربوية.

بعد ذلك انتقل إلى الجزائر للتدريس، ونقل المعرفة والقيام بدوره الوطني ليكون من أوائل المعلمين السعوديين الذين التحقوا بالعمل في الجزائر للإسهام في حركة التعريب من خلال عمله أستاذًا للغة العربية وآدابها في كلية المعلمين بوهران لمدة عامين بدأ من 1385هـ، كما انتدب لتدريس اللغة العربية وآدابها في لبنان 1389هـ – 1390هـ.

كلف بوحدة الإحصاء والبحوث والوثائق التربوية، ثم أمينًا عامًا للمجلس الأعلى لرعاية الآداب والعلوم والفنون بوزارة المعارف ثم أمينًا لدارة الملك عبدالعزيز منذ 1406هـ، وحتى تقاعده 1413هـ.

وعُرف عن "الحقيل" إسهاماته المتعددة في مجالات اللغة والأدب وأدب الرحلات، حيث صدر له العديد من المؤلفات في هذه المجالات، كما أن له مشاركات متعددة في مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، خصوصًا في العديد من الصحف المحلية وعلى مدى عدة أعوام، أسهم من خلالها في خدمة الأدب واللغة، لتزيد من رصيده الكبير في هذا المجال.

للفقيد مؤلفات مطبوعة عديدة من أهمها: المفيد في الإنشاء، وكلمات متناثرة، وفي التربية والثقافة، ورحلات وذكريات، وقصة إعداد المعلم في المملكة، وعلى مائدة الأدب، والمجمعة بين الحاضر والغابر.

كما أن للفقيد مؤلفات مخطوطة من أهمها: الدعوة الإصلاحية في مواجهة التحديات، وعلاقة نجد بالشام في الفترة من 1157 إلى 1225هـ ، ودور دارة الملك عبدالعزيز في نشر وإحياء التراث العربي الإسلامي، ومعجم منطقة عسير، وآراء في اللغة والأدب، والعلاقة بين التراث الإسلامي ونمو المدينة العربية، وكيف يتم وضع الخطة لتنمية المصادر البشرية، إضافة إلى مجموعة من البحوث والمقالات والأحاديث في الصحف والمجلات والإذاعة.

وكُرّم "الحقيل" في العديد من المناسبات الثقافية والأدبية، من قِبل الأدباء والمؤرخين، وعلى مستويات رفيعة مثل مقام الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- حين كان وليًا للعهد، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وأصحاب السمو، والمعالي، والسعادة، وذلك لإسهاماته الأدبية والثقافية والعملية.

والفقيد له حس وطني، ونظرة مستقبلية يقول في أحد اللقاءات "أخص شبابنا بكلمة، أقول فيها نحن نعيش في عصر التحدي ولن نكسب المستقبل إلا بالإبداع والطموح وإعداد الشباب وحسن تربيتهم وتفجير الطاقات لدى الناشئة والارتقاء بواقع التربية وجودتها وتحديث مضامينها، وأتمنى أن نرى جامعاتنا صورة مضيئة لمعالم النهضة في بلادنا مع الاهتمام بالبحث العلمي".

وقال عبدالله بن إبراهيم الحقيل المستشار الإعلامي ومدير عام العلاقات العامة بدارة الملك عبدالعزيز سابقًا: العم عبدالله كانت له مكانة في نفسي، حيث يعد بمثابة الوالد لي تعلمت منه خصالاً كثيرة واستفدت من تجاربه ومواقفه الخيرة والمتعددة في كل المجالات".

ويضيف "الفقيد - رحمه الله - على مستوى الأسرة كان حريصًا على تلبية الدعوات والمشاركة في الأفراح ويحرص على لم الشمل والتواصل والترابط بين أفراد الأسرة، وكان من الداعمين لاجتماع الأسرة السنوي ويحث عليه ويتابع ويُسهم في نشر مجلة الأسرة السنوية".

ويتابع "تشرفت بالعمل مع الفقيد في دارة الملك عبدالعزيز ١٠ سنوات لم أجد منه لي وللزملاء معي إلا كل ود ونصح وتوجيه وإرشاد، ولم أحضر مجلسًا أو مناسبةً إلا ويذكر بالخير وتذكر مناقبه وجهوده المباركة".

ويضيف الحقيل قائلاً "من المواقف التي استحضرها عن الفقيد، واستفدت منها حرصه على العربية كتابة وتحدثًا ، كان رحمه الله لا يقبل أن يعرض عليه خطابات وهي تحمل خطأً لغويًا أو إملائيًا وكان يصحح ويعلم مكمن الخطأ لعدم تكراره، كنت أسعد بالجلوس معه في أي مجلس داخل الدارة أو خارجها لأنني أجد منه الفائدة خلال حديثه الشيق، ولم أسمع منه حديثًا عن أحد بغيبة أو نميمة ، وكان يستثمر حواراته وزياراته بأبيات من الشعر يستوحيها من الواقع الذي أمامه".

ويردف: المؤرخ والأديب والشاعر والمثقف والإداري عبدالله الحقيل مارس كثيرًا من المهام وقام بأعمال متفرقة لخدمة دينه ووطنه وأسهم بخدمة مجتمعه وأهله، فقد كان من المؤسسين في إدارة المدرسة الثانوية بالرياض التي تخرج فيها العديد من رجالات الدولة ومثقفيها، وشارك ضمن البعثة التعليمية في الجمهورية الجزائرية في الثمانينيات الهجرية، ومارس العديد من المهام المتعددة داخل المملكة بصبر وجد وإخلاص".

ويضيف "المؤرخ الحقيل له جهود موفقة في تاريخ الوطن والمحافظة على تراثه، وأسهم في المشاركة في كثير من المجالات الثقافية والأدبية وأصدر عددًا من المؤلفات تجاوزت ٢٠ كتابًا".

ويتابع "كان مكتب الفقيد مقصدًا لنخبة من المثقفين والعلماء الذين يفدون للدارة، يقول الشيخ محمد العبودي: عرفت عبدالله الحقيل ظاهر الحضور في الساحة الثقافية ويناقش في المسائل الأدبية وهو ذو قلم رشيق، ويقول عنه الدكتور عبدالله العسكر: تجد في كتاباته وأحاديثه ومحاضراته الركائز الثلاث: الوضوح والقوة والجمال"، وتقول حنان آل سيف: أديب أريب فذ في فن الرحلات، ألمعي كريم خبير بهذا النوع من الأدب".

ويستطرد الحقيل قائلاً "بعد تقاعد الفقيد - رحمه الله - كان حريصًا على تلبية مناسبات الدارة وفعالياتها ويحرص على المشاركة والحضور والتواصل مع الزملاء ومما كتبه رحمه الله عن الدارة شعرًا قصيدة طويلة من أبياتها:

دار بها قلبي يجيش ويخفق

وبذكرها يشدو اللسان وينطق

يا در فيك من الحياة جلالها

ساحاتها روض جميل مونق

والدارة المثلى لسان ناطق

بثقافة ببلادنا تتدفق

تاريخنا عبدالعزيز ضياؤه

في الخافقين له سناء يشرق

سلمان دمت موفقًا ومسددًا

لك في القلوب محبة تتألق

صرح على أفق الثقافة شامخ

تتحدث الدنيا به والأعصر

توفي المؤرخ الحقيل يوم الثلاثاء ٢١ صفر ١٤٤٠هـ الموافق 30 أكتوبر 2018، وصُلِّي عليه عصر يوم الثلاثاء في جامع الملك خالد بأم الحمام، ودفن في مقبرة العود بالدرعية، رحم الله الفقيد وجزاه الله خيرًا على ما قدم وأسكنه ووالدينا فسيح جناته.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org