
روى المواطن علي المطرودي فصول الرعب التي عاشوها في السودان، وقلقهم المتزايد من تهديد حياتهم، وخطر زحف المتشابكين إليهم، والربكة الأمنية، حيث أصوات النيران المدوية والانفجارات تهز البنيان، وآثار الحرب التي لمسوها هناك من ارتفاع أسعار الطاقة، وانقطاع الكهرباء، وشح الدقيق، وتعطُّل شبكة الإنترنت بشكل متواصل، وتعثُّر سلاسل الإمداد الغذائي بسبب عمليات السرقة وضياع الأمن.. لقد مكثوا تحت ضغط القلق قرابة ١١ يومًا يترقبون الفرج.
وشهدت رحلة الصيد التي ذهبوا إليها تحولاً دراماتيكيًّا سريعًا على وقع الصراع العسكري المفتوح، حتى كتب الله لهم حياة جديدة بإجلائهم البارحة مع مجموعة سعوديين ورعايا دول أخرى، ضمن عمليات تفويج العالقين هناك؛ إذ كانت السعودية من أولى الدول التي سجلت حضورها في المشهد الإنساني، فنقلت مواطنين سعوديين وغيرهم.
وقال "المطرودي" لـ"سبق": "نحن مجموعة سعوديين نذهب لـ(مقناص) كل عام، وذهبنا هذه المرة يوم ٢٢ رمضان للسودان، ونزلنا بالخرطوم، وأقمنا يومًا واحدًا، وكان واضحًا أن البلد يعيش حالة غليان من مشاهد رجال الأمن والاستعدادات، ثم توجهنا لجنوب السودان، ونبعد عن الخرطوم نحو ٣٧٠ كيلومترًا، وبعد خروجنا وصلتنا أخبار الانفجار المسلح".
وأردف: "توسع نطاق المواجهات العسكرية لأم درمان وبحري، ولم تصلنا بشكل مباشر، لكن لمسنا آثارها، وكنا تحت وطأة الخوف، نخشى أن تمتد لنا؛ فعشنا أوقاتًا عصيبة؛ فالطيران متوقف، والنقاط الأمنية بكل مكان، ولا تعرف من هم، ولأي معسكر يتبعون، وبدأ مسلسل السلب، وتأثرت الحياة الاجتماعية بشكل متزايد".
وعن قصة تجاوب السفارة ونقلهم قال: "تواصُل السفارة كان فوريًّا، وعلى مدار الساعة. وجَّهونا لطرق آمنة حتى أننا في طريقنا للفندق المخصص كنا نبرز الجواز السعودي فنعبر بسلام؛ لأن السفارة أمَّنت لنا الطرق، وضمنت سلامتنا، بعد توفيق الله سبحانه وتعالى".
وزاد: "حتى وصلنا لبورتسودان، وكان هناك فندق مجهز من قِبل السفارة، ووصلنا أول العصر، وقالوا لنا إن الإجلاء قريب، فمكثنا فيه، وقدموا لنا واجب الضيافة، وعندهم كتب الله لنا حياة جديدة".
واستدرك: "بعد المغرب انتقلنا للميناء حيث التشديدات الأمنية السعودية، وقوات مستعدة نفخر بها. حملونا على زوارق، ثم على البارجات، وكانت المعاملة إنسانية وراقية لنا نحن السعوديين، ولغيرنا".
واختتم قائلاً: "أبحرنا صوب جدة حتى وصلنا بعد نحو ١٦ ساعة. وطوال الرحلة قدموا لنا طعامًا وسكنًا وغرفًا بحفاوة استقبال، حتى نزلنا هناك، وضيفونا في فندق خاص، وكان بانتظارنا مندوب وزارة الخارجية الذي سلَّم كل مواطن غرفته. وحقيقة، ما قدموه محل فخر واعتزاز، وهو مبدأ سعودي، لا تحيد عنه هذه الدولة المباركة".