يأتي قصر الشيخ عبدالله عبدالوهاب الزاحم -مستشار الملك المؤسس وقاضي مدينة الرياض والمدينة المنورة- من ضمن الأجنحة المشاركة في مهرجان "موسم ملح القصب ٢" ، وللقصر دور ثقافي زاخر في تزويد زوار المهرجان بالإرث التاريخي للدولة منذ لبناتها الأولى في مراحل توحيدها على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه.
"سبق" نفذت جولة ميدانية لتسليط الضوء على جانب من حياة الشيخ الزاحم، وقصره التراثي بمدينة القصب والذي يفتح أبوابه للزوار والمهتمين بالتاريخ والتراث طيلة أيام السنة.
هو الشيخ الفاضل العالم الجليل عبد الله بن عبد الوهاب بن زاحم البقمي، ولد سنة ١٣٠٠هـ بقرية القصب شمال مدينة الرياض ١٦٠ كلم، والتابعة إداريًا لمحافظة شقراء ونشأ بها. وأجاد الشيخ الزاحم قراءة القرآن كما حفظه عن ظهر قلب، ثم رحل إلي بلدة أشيقر، وأخذ عن عالمها المؤرخ الشهير إبراهيم بن صالح بن عيسى، ثم رحل إلى مدينة الرياض وقرأ على علمائها آنذاك وعلى رأسهم العلامة الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف، ثم قرأ على الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري في بلدة المجمعة.
تولى الشيخ الزاحم رئاسة القضاء في عددٍ من مناطق المملكة، فقد عيّنه الملك عبد العزيز -رحمه الله - قاضيًا في "الداهنة" - شمال شرق محافظة شقراء - عند أميرها عمر بن ربيعان.
بعدها عيّنه الملك عبدالعزيز رئيسًا لقضاء الرياض من عام ١٣٥٧هـ حتى عام ١٣٦٣هـ، ثم عيّنه الملك عبدالعزيز رئيسًا للقضاء في المدينة المنورة من عام ١٣٦٤هـ حتى وفاته عام ١٣٧٤هـ.
وكان قبل ذلك مستشارًا وأمينًا للملك عبدالعزيز، حيث كان يستدعيه في قصره، ويأنس بمجالسته، ويستفتيه في أموره الدينية والدنيوية، وإذا انتقل إلى البر في وقت الربيع يأخذ معه الشيخ، ويأمر بأن توضع خيمة الشيخ قريبةً من خيمته الخاصة، وهذه بلا شك دلالة واضحة على المكانة الخاصة التي يحظى بها الشيخ من الملك عبدالعزيز.
ما يميّز الشيخ ابن زاحم -رحمه الله- أنه لم يكن قاضيًا ومعلمًا فحسب، بل كان شُجاعًا مجاهدًا تحت راية الموحد الملك عبدالعزيز، حيث شارك معه في كثير من المعارك التي قام بها الملك، ومن ذلك: مشاركته مع الملك في ضم حائل 1340هـ، ودخوله للحجاز 1343 هـ، وحصاره لِجدة عام 1344هـ، وانْتَدَبه مع الجيش جهة الساحل الغربي للمملكة ما بين بدر ورابغ، وكذلك جهة الليث جنوبًا، مُرشدًا ومُوجهًا.
كما شارك في معركة "السبلة" عام 1347هـ، وفي " الدبدبة" بالمنطقة الشرقية عام 1348هـ، وشارك الشيخ أيضًا في "معركة جبلة" وسط نجد في عام 1348هـ، وغيرها من المشاركات الموثقة في كتب تاريخ توحيد المملكة.
أُسّس القصر سنة ١٣٢٢هـ، ويحتوي على قسمين، القسم الأول: للضيافة، والذي هو عبارة عن دور أرضي، وروشن، والقسم الثاني للعائلة، ويحتوي على غُرف، وأعمدة وسماوة.
أُعيد ترميم القصر سنة ١٤٣٦هـ، ووضع فيه مجموعة من الوثائق، والصور التاريخية المتعلّقة بتأسيس المملكة العربية السعودية، كما اشتمل القصر على لوحات متنوعة تحكي إرثًا ثقافيًا عريقًا، وتاريخًا يوثق جانبًا مهمًا من لبنات توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه.
قدم قصر الشيخ عبدالله بن زاحم التاريخي لزوّار "موسم ملح القصب ٢" لهذه السنة ١٤٤٥هـ - ٢٠٢٤م عددًا من البرامج والفعاليّات، أهمها :
يعرض قصر الزاحم لأول مرة مكتبة نموذجية للمكتبات القديمة، إذ يتم تقديم كتب قديمة من تملّكات الشيخ عبدالله بن زاحم يعود تاريخها لأكثر من ١٠٠ سنة.
في غرفة مخصصة، يتم عرض المخطوطات الأصلية والتي هي بخط الشيخ رحمه الله تشتمل على فوائد وأوقاف وغيرها، ليطلع الزائر على قدرة الأجداد على الكتابة والإبداع، على الرغم من شُح الإمكانات وشظف العيش.
خصصت إحدى الغرف الصغيرة لعرض نموذج للمطبخ القديم، واشتمل على بعض التُحف والمنتجات القديمة، كما خصصت غرفة أخرى لنموذج لغرفة النوم القديمة والتي تُسمى بـ"الصُفّة" لمن يهتم بالتراث أكثر من التاريخ .
ترجم القائمون على قصر الشيخ الزاحم الوثائق التاريخية باللغة الإنجليزية تيسيرًا لإيصال المعلومة لغير الناطقين باللغة العربية.
كما قاموا بتقسيم الوثائق وتوزيعها، بين الغُرف والأجنحة حيث قاموا بوضع الوثائق العلمية في جناح، والوثائق المتعلقة بتوحيد المملكة العربية السعودية في جناح آخر مع وضع الصور القديمة والنادرة لجيش الملك عبدالعزيز ليطّلع عليها هذا الجيل ويحمد الله على نعمة الأمن والاستقرار والرخاء.
يحرص المشرفون على القصر على المشاركة في المناسبات الوطنية، إذ نظموا لقاءً ثقافيًا بعنوان (الأمن قبل التأسيس) تزامنًا مع يوم التأسيس، بالتعاون مع جمعية التنمية الأهلية بالقصب، والتي ألقاها فضيلة الدكتور عبدالله بن سعد أباحسين.
نفذ المشرفون على القصر مسابقتين، الأولى: جوائزها نقدية يومية، والثانية: جائزتها جوال آيفون ١٥ في نهاية الموسم، كما قاموا بوضع ركن التأسيس تزامنًا مع يوم التأسيس، لمن أراد التصوير فيه.
يقوم المشرفون على القصر بتقديم الضيافة للحضور من بعد صلاة العصر حتى الساعة العاشرة ليلاً طيلة أيام الموسم، مع تقديم توزيعات للحضور، تشتمل على تعليقة دعاء سفر،
ومسبحة إلكترونية، ومطوية من صفحة واحدة عن الدولة السعودية بمراحلها الثلاث.
ويُعرض للزائرين فيلم موشن جرافيك مدته ثلاث دقائق عن محطات حياة الشيخ مع الملك عبدالعزيز وتنقلاته بين البلدان.