أوضح أستاذ الإعلام السياسي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن العساف أن السعودية لم تكن يومًا إلا قريبة من اليمن الدولة والإنسان، مشيرًا إلى أن اليمن الجار المستقر الآمن المزدهر أفضل مليون مرة من يمنٍ يعمّه الخراب والفوضى والاحتراب ليس لليمنيين فقط بل وللسعوديين والإقليم والعالم.
وتفصيلًا، قال "العساف" لـ"سبق": إن السعودية تقول بكل صراحة وشفافية إنها تسعى لمنطقة متطورة ومتمدنة، حيث أطلق ولي العهد أمنيته بأن تتحول هذه المنطقة من العالم إلى أوروبا جديدة، حلم القيادة السعودية لا يقتصر على السعوديين، بل يشمل الجميع، وبلا شك اليمن على رأسها وهي الدولة الشقيقة والجارة.
وأوضح أن المنطقة تعبت من الفوضى والفشل، وهذا الحراك السياسي السعودي هو جزء من إحساس القيادة السعودية بدور بلادها التاريخي في تأسيس منطقة مزدهرة، وتخفيض إن لم يكن تصفير الخلافات قدر ما يمكن وتحويلها لفرص، فقيادة المملكة تسعى إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة، والانتقال بها من مرحلة النزاعات والاقتتال الداخلي، إلى مرحلة يسودها الاستقرار والأمن والتركيز على تحقيق تطلعات شعوب المنطقة نحو مستقبل أفضل من الرخاء والازدهار والتكامل الاقتصادي.
وأضاف: إن ذلك ما أكدته شواهد التاريخ البعيد والقريب، ولعلنا نستذكر زيارة الوفد السعودي لصنعاء في إبريل من العام الحالي، للتباحث حول سبل حل القضايا الخلافية والتوصل إلى إيقاف إطلاق نار دائم، واستمرارًا لجهود المملكة التاريخية في تشجيع الحوار مع جميع المكونات اليمنية فستستضيف وفدًا يمثل المكون اليمني الحوثي؛ بهدف استكمال المباحثات الرامية لإيجاد حل سياسي شامل والانتقال باليمن من مرحلة النزاعات، إلى مرحلة يسودها الاستقرار والتنمية والإعمار.
وقال "العساف": إنه تلوح اليوم في أفق اليمن السعيد فرصة اتفاق سلام تاريخي، ويتحتّم على المكونات اليمنية جميعها الاستفادة منه وتقديم الأولويات الاقتصادية والتنموية على الخلافات والنزاعات العسكرية، عبر الحوار ولا شيء غير الحوار والاتفاق؛ للتوصل إلى حل سياسي شامل يحقق أمل شعب أضنته الحروب والاقتتال والفقر.
وأبان أن صوت المملكة العربية السعودية كان واضحًا في المحافل الدولية وفي الخطاب الرسمي السعودي بأن الحل للأزمة في اليمن حل سياسي، ولا يمكن تحقيقه إلا بتوافق المكونات اليمنية، وإن النجاح في ذلك يعد انتصارًا لليمن، واليوم أصبحت الفرصة مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق السلام بين الأطراف والمكونات اليمنية كافة، وقد حان أن يستفيق اليمن من غفوته المؤقتة، وينهض من تلك الآلام، وينظر بعين الوطنية الواسعة نحو الأولويات الوطنية.
وحذّر اليمنيين من التيارات والمؤامرات الهادفة إلى إدامة الأزمة في اليمن، فالمملكة كانت ولا تزال منحازةً لليمنيين والشرعية اليمنية، ولا يمكن أن تتخلى المملكة عن دعم المجلس القيادي وجميع مكوناته في ضوء ما تحقق من منجزات بعد تشكيله، ويعكس تأكيد صاحب السمو الملكي وزير الدفاع استمرار المملكة في دعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني في اتصاله برئيس مجلس القيادة اليمني هذا الأسبوع، حرص المملكة الدائم لدعم كل الجهود للتوصل إلى حلٍّ سياسي شامل للأزمة اليمنية، يُحقق الأمن والاستقرار لليمن وشعبه الشقيق.
وشدد أستاذ الإعلام السياسي على أن رحلة السلام السعودية في اليمن لم تكن سهلة بل محفوفة بالمخاطر والصعاب، ومع ذلك خاضتها الرياض من أجل اليمن واليمنيين، رحلة سلام بدأت منذ العام 2011م، عندما أقنعت الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح بالتنازل عن السلطة وتوقيع المبادرة الخليجية بين الأطراف اليمنية في الرياض، كما قامت في عام 2016 بإقناع الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المشاورات "اليمنية- اليمنية" في الكويت تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأردف أنه إضافة إلى دعمها مشاورات ستوكهولم التي أدّت إلى الاتفاق بشأن الحديدة 2018، بالإضافة للإعلان عن مبادرة الرياض لإنهاء الأزمة في اليمن والوصول لحل سياسي شامل في عام 2021؛ والتي تضمّنت أربعة محاور؛ هي وقف إطلاق النار وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق ستوكهولم، وفتح مطار صنعاء، وبدء مشاورات الحل السياسي بين الأطراف اليمنية.
وبيّن "العساف" أن المملكة تحرص على مراعاة قضية الجنوب في أي حل مستقبلي في اليمن وتولي اهتمامًا بإدراج قضية شعب الجنوب في أجندة المفاوضات، ضمن مراحل التسوية السياسية الشاملة في اليمن ووضع إطار تفاوضي خاص لها في عملية السلام الشامل، وفق مخرجات المشاورات اليمنية- اليمنية التي عُقدت في الرياض في 2021، واليوم واستمرارًا لجهود المملكة التاريخية في تشجيع الحوار مع جميع المكونات اليمنية فستستضيف وفدًا يمثل المكون اليمني الحوثي؛ بهدف استكمال المباحثات الرامية لإيجاد حل سياسي شامل والانتقال باليمن من مرحلة النزاعات، إلى مرحلة يسودها الاستقرار والتنمية والإعمار.
وأكد أن فرصة اليمنيين ليست في الهدنة المؤقتة، بل في التوصل إلى اتفاق تاريخي تذكره الأجيال اليمنية، يخرج البلاد من حالة الحرب إلى المستقبل والانشغال بالتنمية والاستفادة من مشاريع الإعمار التي دعت إليها المملكة والتي لم تنقطع حتى أثناء العمليات العسكرية وأن ينحاز السياسيون إلى السلام والازدهار بدلًا من الحرب والشتات.
وأضاف أن ما يحدث اليوم هو بداية لنهاية للحرب ورسم لواقع سياسي وعسكري واجتماعي وتنموي جديد سيتشكل على الأرض فاتفاق اليمنيين المرتقب برعاية المملكة، على خارطة طريق سياسية تنهي الاقتتال السياسي وتعالج المسائل الخلافية عبر الحوار الداخلي دون تدخلات خارجية، هو تأكيد على ما نادت به المملكة دائمًا.
واختتم "العساف" مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد لحل الأزمة اليمنية هو أهمية أن تراعي كل القوى اليمنية مصلحة اليمن وشعبه الكريم على أي اعتبارات أخرى؛ فالكثير من العلامات تدعو للتفاؤل، هذه المرة؛ لأنَّ الإعلان عن السلام في اليمن جاء مقرونًا بالعمل، وهذه بداية سلام قوية في هذا الركن المهم من عالمنا، فللجميع مصلحة في أن يستتب الأمن، ويسود السلام وتنتهي المأساة اليمنية وننزع فتيل الخطر.