مؤسسة التقاعد.. أنظمة هرمت ومتقاعدون يبحثون عن حلول

متخصصون: متى يتغير نظامه ومواده التي مضى عليها 65 عاماً
مؤسسة التقاعد.. أنظمة هرمت ومتقاعدون يبحثون عن حلول
تم النشر في
دعاء بهاء الدين- ريم سليمان- سبق- جدة: حالة من التفاؤل أبداها متقاعدون لتحسين مستواهم المعيشي بعد قضاء زهرة عمرهم في خدمة الوطن، عقب التصريح الأخير لمدير الجمعية الوطنية للمتقاعدين الدكتور عبدالرحمن الشريف، الذي أعلن فيه توفير المساكن والتأمين الطبي ورفع رواتب المتقاعدين إلى أربعة آلاف ريال قريباً، لكن السؤال الذي يراود الجميع: متى سيتم تفعيل قرار الشورى برفع الرواتب؟ ومتى سيتوفر سكن وتأمين طبي وعيشة كريمة للمتقاعد.
 
وتطرح "سبق" معاناة المتقاعدين آملة في إيجاد حلول سريعة لتحسين أوضاعهم، من خلال رصد ردود أفعالهم على ذلك القرار.
 
قاسم مشترك
 
يعد السكن المنزلي والتأمين الصحي هو القاسم المشترك الأكبر بين غالبية من التقتهم "سبق".
 
وقال المتقاعد فيصل عوكل لـ"سبق" عندي أمل في توفير سكن لي ولأسرتي نتيجة المعاناة التي أعيشها جراء ارتفاع أسعار الإيجارات، حيث أقطن مع أسرتي في شقة إيجارها السنوي 30 ألف ريال، وراتبي التقاعدي ثلاثة آلاف ريال فقط شهرياً، فكيف أستطيع بهذا المبلغ الضعيف أن أطعم أسرتي وأدفع إيجار المسكن، علماً أنني أستدين من أقاربي كل فترة لسداد الإيجار، وأخشى أن يأتي يوم ويكون مصيري الشارع.
 
وذكر المتقاعد محمد بخش لـ"سبق": هناك فقرة في نظام التقاعد تنص على أن الموظف الحكومي إذا توفي أو تقاعد قبل بلوغه 60 عاماً أو خدمة 40 عاماً، فإنه وورثته لا يستحقون الحصول على مكافأة نهاية الخدمة حتى وإن أمضى 39 سنة و11 شهراً و29 يوماً، ويكتفي بالمرتب الشهري فقط، وفي حالة الوفاة تصرف مكافأة شهرية متواضعة للزوجة والأبناء غير الموظفين، متسائلاً أليس هذا البند من البنود التي تعكس الإجحاف في حق الموظف وتسلبه أبسط حقوقه؟
 
ووجه المواطن أحمد عبدالله رسالته إلى حقوق الإنسان قائلاً: لماذا لا تستفيد المؤسسة العامة للتقاعد من تجارب دول الجوار والدول المتقدمة كادخار المبالغ التي تحسم من المتقاعدين واستثمارها بما يعود بالنفع عليهم في نهاية الخدمة، كما تفعل شركة أرامكو، حيث تقوم باستثمار مدخرات موظفيها ليجدوا أنفسهم في نهاية الخدمة قد تسلموا مبالغ يعتاشون منها برفاهية تتناسب وأعمارهم، فلماذا لا تغير مؤسسة التقاعد طريقة إداراتها لهذه الأموال الضخمة حتى يستفيد منها الموظف والمتقاعد.
 
إحصاءات تقاعدية
 
يشكل المتقاعدون في منطقة الرياض 29% من إجمالي المتقاعدين في المملكة، حيث بلغ عددهم فيها 101 ألف و596 متقاعداً، لحقت بها منطقة مكة المكرمة بنسبة 21% من إجمالي المتقاعدين بعدد وصل إلى 75 ألفاً و706 متقاعدين، ثم منطقة عسير حيث تشكل نسبة المتقاعدين 9% وعددهم 32 ألفاً و31 من إجمالي عدد المتقاعدين، فيما جاءت منطقة الحدود الشمالية في المرتبة الأخيرة كأقل المناطق عدداً للمتقاعدين، حيث بلغ عدد المتقاعدين فيها أربعة آلاف و292 متقاعداً يشكلون نسبة 1% من إجمالي عدد المتقاعدين في السعودية.
 
ومن جانبها: قالت عضو مجلس إدارة جمعية المتقاعدين الدكتورة "فوزية أخضر" إن المحالين للتقاعد يواجهون كل عام معاناة حقيقية مع نظام التقاعد ومواده القديمة التي مضى عليها أكثر من 65 عاماً وبحاجة إلى إعادة النظر فيها، مبينة أن هذا النظام المتبع القديم حوَّل المنتسبين من أسر متوسطة الحال إلى أخرى غير قادرة على الوفاء بمستلزماتها، وتزداد هذه المعاناة بعد وفاة المتقاعد حين يفاجأ ورثته بنقص الراتب التقاعدي إلى نسبة محددة نتيجة سقوط الأسماء للزواج أو البلوغ من "نوتة التقاعد" ليبقى من راتب الأب ما لا يسد رمقهم طول العام.
 
وترى أن المعاناة الحقيقية تكمن في وجود أعداد هائلة من الموظفين المتقاعدين يتسلمون مرتبات متواضعة جداً لا تزيد على 2500 ريال، متسائلة أين الحقوق المادية للمتقاعد؟ وأين حق المتقاعد في التأمين الصحي؟ ومن هذا المنطلق شددت الجمعية على ضرورة إعادة النظر في مسألة علاج المتقاعد، الذي بلغ من العمر مبلغاً تتكاثر فيه الأمراض، وأصبح في أمس الحاجة إلى من يرعاه ويهتم به ويقدم له رعاية طبية تليق بسنه بدلاً من تركه يصطف في طوابير طويلة داخل المستشفيات الحكومية المكتظة أصلاً بالمراجعين.
 
وتابعت بأن الجمعية تلح باستمرار على أن تكون هناك التفاتة لأحوال المتقاعد وعلاجه وسكنه، حيث إن نسبة كبيرة من المتقاعدين ليس لديهم سكن، مؤكدة أن المرتب التقاعدي مع (الغلاء) لم يعد يفي بمتطلبات الحياة ومصاعبها، خصوصاً من لديه عائلة كبيرة، وتطالب الجمعية بتيسير قروض الإسكان لموظفي الدولة من صندوق المؤسسة العامة للتقاعد، والتي قامت بحسم 9% من مرتبهم وهم لا يستفيدون من هذا المبلغ الاستفادة المثلى، وبمساواتهم بموظفي شركة أرامكو التي تحسم النسبة نفسها تقريباً من الموظف، لكنه يحصل على قرض سكني بعد مضي خمس سنوات على خدمته.
 
غياب الإحصاءات
 
وعن عدد المتقاعدين تحديداً قالت "فوزية أخضر": نحن كجمعية لا يمكن أن نحدد نسبة حقيقية وحديثة لتلك الأعداد، خاصة أن المؤسسة العامة للتقاعد لديها تحفظات لإعطاء الجمعية الوطنية للمتقاعدين أي معلومات أو أعداد عن المتقاعدين، ونظرا لندرة الإحصائيات وعدم دقتها وحداثتها فإننا لا نستطيع تحديد نسب دقيقة 100%، ولكن ووفقاً لآخر تقرير إحصاء سنوي للمؤسسة العامة للتقاعد للعام 2008 فإن عدد المتقاعدين من المدنيين والعسكريين الخاضعين لنظام التقاعد حتى نهاية العام 2008 بلغ 465 ألفاً و935 متقاعداً بزيادة قدرها 29257 عما كانت عليه في العام 2007، وبنسبة زيادة قدرها 6.7%، ما يشير إلى أنه بلغ عدد المتقاعدين في السعودية 353048 متقاعداً، مقارنة بـ328200 متقاعد للإحصاء السابق، وذلك بزيادة قدرها 24848 متقاعداً أي بنسبة زيادة 7.6%.
 
وأشارت عضو مجلس الإدارة إلى طلب الجمعية الوطنية للمتقاعدين برفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين إلى ثلاثة آلاف ريال، ويقال إن المتقاعد الذي يقل راتبه عن ثلاثة آلاف يستحق إعانة من الضمان ليصل لذلك المبلغ، مستنكرة ذلك، وقالت: هل وصل الأمر بهذا المتقاعد الذي خدم الدولة لفترة طويلة وأفنى زهرة شبابه مخلصاً للوطن أن يستجدي راتبه من الضمان الاجتماعي، وهل كل المتقاعدين تسمح لهم كرامتهم بفعل ذلك، وهو يعلم أن 9% من راتبه قد اقتطعت وأضافت عليها الدولة 9% واستثمرت الـ18% طوال فترة خدمته وتضاعفت أرباحه؟
 
وأوضح تقرير لوزارة الخدمة المدنية صدر مؤخراً أن نحو 90% من الموظفين لا يجدون وظائف إلا بعد وصولهم سن 25، وهذا ما يمنعهم من الحصول على كامل الراتب التقاعدي، لذلك أصبح أغلب المتقاعدين على درجة الكفاف، فقد يحصل عدد كبير جداً من المتقاعدين على راتب 1700 ريال لا يكفي لإعالة أسرة تتكون من شخصين.
 
استثمارات بالمليارات
 
وتساءل الكاتب عبدالله الجميلي ماذا قدمت مؤسسة التقاعد للمتقاعدين في عمرها المديد لأكثر من 59 سنة؟ مبدياً أسفه لنسيان غالبية المتقاعدين والتنكر لهم وقد أفنوا عمرهم في خدمة وطنهم، وقال: أولئك المساكين يعيشون في فَـقْـر، بل بعضهم تحت خَـط الـفَـقـر؛ لأن أغلب مكونات رواتب الموظفين والعسكريين (مجَـرّد بَدلات) تسقط بإحالتهم للـتَّـقاعد؛ وبالتالي يصبح (المَـعاش التقَـاعدي) عاجزاً عن الوفاء بلقمة العيش.
 
وتابع: إن المتقاعدين لهم حقوق على وطنهم ومجتمعهم، لكن لن تأتي بها (جمعية متقاعدين) تقودها شَـخْـصيات اعتبارية؛ معاشاتهم التقاعدية تصـل لعشرات الألوف من الريالات، ويسكنون القصور والفِـيـلات، ويقضون إجازاتهم في أرقى المنتجعات؛ وقال: إنهم لَـن يشعروا بآلام وحاجَـة البؤساء من المتقاعدين، وربما اقتصر دورهم على الإفادة من عضوية إدارة الجمعية في حضور المؤتمرات والمناسبات، وفي (الـتـرزز أما الكاميرات والفلاشات).
 
وبسؤاله عن مطالب المتقاعدين أجاب: إن أكثر المتقاعدين يبحثون منذ سنوات عن (زيادة المعاش التقاعدي بحيث لا يقِـل عن 5000 ريال، وعن علاوة سنوية تواكب غلاء الأسعار، وينشدون سكناً أو بَـدَلاً عنه، ويريدون تأميناً طبّـياً بعد أن قدموا صحتهم لخدمة وطنهم، ويطلبون التقدير والتخفيضات من المؤسسات الحكومية والخاصة؛ مطالباً بإعفائهم من رسوم الـخدمات المرورية والجوازات والبلدية، والتخفيضات في شركات الطيران والنقل الجماعي، وجميع شركات تأجير السيارات بالأَمْـر، وليس بالاختيار)!
 
وأوضح أن استثمارات المؤسسة العامة للتقاعد تحقق المليارات سنوياً، والمتقاعدون شركاء فيها، باعتبار ما يُـقْـتَـطَـعُ من رواتبهم شهرياً عندما كانوا على رأس العَـمَـل، متسائلاً لماذا لا يكون لهم نصيب من تلك المليارات؟
 
ورأى عضو مجلس الشورى السابق طلال بكري أنه من غير المنطقي أن تحدد رواتب التقاعد وينبغي أن يكون راتب التقاعد على ما كان راتبه الأساسي، مشيراً إلى أن أغلب المتقاعدين في حاجة إلى تصحيح وضعهم ومراعاتهم بشكل أفضل مع أهمية وجود تأمين مناسب، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 750000 أسرة تستفيد من مساعدات الضمان الاجتماعي.
 
وقال: لابد من التوجه إلى البرامج المنتجة مع المتقاعدين وتشجيعهم وإعطائهم فرص عمل تلائم وضعهم، مشيراً إلى أن مؤسسة التقاعد لها الكثير من المميزات الخارجية، وهي بالأساس تعمل بمالهم، ولابد أن يستفيد المتقاعد منها.
 
وأكد أنه ينبغي أن يأخذ كل فرد بقدر ما ترك وليس بالشكل التكافلي، كما أنه لابد من عمل دراسات جادة ومتعمقة للتعرف على قدرة الدولة على الإيفاء بهذا الأمر، وقال: هناك حلول عديدة، والسوق بات مفتوحاً للجميع، ومن الأفضل دعوتهم لممارسة الأعمال الموجودة في السوق.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org