المؤتمر الوطني التاسع للجودة.. رحلة 20 عاماً لتعزيز ثقافة الجودة والتنمية المستدامة بالمملكة
أبرز التطور التقني الذي شهده العالم خلال الأعوام الأخيرة، أهمية التقنيات المتقدمة في تعزيز الجودة، والاستثمار في هذا المجال لتعزيز التنافسية في مختلف القطاعات وتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يركز عليه المؤتمر الوطنيّ التاسع للجودة الذي سيقام في الرياض برعاية وزير التجارة رئيس مجلس إدارة المواصفات السعودية الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، خلال الفترة 17 -19 نوفمبر الجاري، تحت شعار "الجودة في عصر التقنيات المتقدّمة".
وفي التفاصيل، يأتي المؤتمر امتداداً لجهود المملكة على مدى عقدين لتعزيز ثقافة الجودة؛ مما أسهم في مواكبة أفضل الممارسات العالمية في مجال الجودة، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية، ونشر ثقافة الجودة بين مختلف القطاعات، وتبادل المعرفة والخبرات، وتقديم حلولٍ مُبتكرةٍ للتحدّيات التي تُواجه مختلف القطاعات في مجال الجودة.
وبدأت مسيرة المملكة في رحلتها المعرفية لترسيخ ممارسات الجودة ونشر ثقافتها عام 2004م عندما أطلقت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة المؤتمر الوطنيّ الأول للجودة تحت شعار "السعي نحو الإتقان والتميّز - الواقع والطموح"، ليُمثّل علامةً فارقةً في مسيرة الارتقاء بمستوى الجودة في مختلف القطاعات، حيث سعى إلى بلورة إستراتيجيةٍ وطنيةٍ للجودة، ورفع الوعي بمفاهيمها في مختلف القطاعات التجارية والصناعية، ودعم القدرات التنافسية للاقتصاد الوطنيّ، وذلك في إطار تهيئة المملكة لمرحلة ما بعد الانضمام إلى منظّمة التجارة العالمية، وتأكيداً على اهتمام المملكة بالجودة واعتبارها هدفاً وطنياً له الأولوية في إستراتيجيات التنمية.
وبعد انضمام المملكة إلى منظّمة التجارة العالمية، عُقد المؤتمر الثاني في عام 2007م تحت شعار: "بيئة العمل وثقافة الجودة.. رؤية لمستقبل واعد" للتأكيد على أهمية الجودة ونشرها في جميع القطاعات الحكومية والخاصّة على حدّ سواء باعتبارها مطلباً إستراتيجيا يُحقّق التميّز والإبداع للخدمات والمنتجات السعودية على المستويين المحلّي والعالميّ، وركّز المؤتمر على ضرورة توفير بيئة عمل مناسبة لتأسيس ثقافة الجودة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العامّ والخاصّ، لتقديم منتجات وخدمات تُلبّي طموحات المجتمع وتُواكب المعايير العالمية، من خلال أطروحات ونقاشات حول قيادة المنظّمات وبناء وتعزيز ثقافة الجودة، والموارد البشرية، والبعد التنظيميّ، وواقع ومستقبل تطبيقات الجودة.
وتحت شعار "الجودة الطريق نحو العالمية" نظّمت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة المؤتمر الوطنيّ الثالث للجودة عام 2010م، الذي اتّسعت دائرة موضوعاته لتشمل مختلف القطاعات الحيويّة، ومنها القطاع الحكوميّ والقطاع الصحي والتعليم والطاقة والحجّ والعمرة، بهدف نشر ثقافة الجودة في مختلف القطاعات والاطلاع على التوجّهات الحديثة في مجال الجودة الشاملة، وتعزيز التطبيقات العمليّة للجودة، والتركيز على الممارسات التطبيقيّة للجودة ونشر وتعزيز ثقافة الجودة في القطاع الحكوميّ.
وشكّل المؤتمر الرابع، الذي عُقد عام 2013م تحت شعار "الجودة.. الخيار الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية" نقطة مهمة في مسيرة الجودة بالمملكة، والاهتمام بها بوصفها مطلباً وطنيّاً، لتعزيز الاقتصاد الوطنيّ، ورفع مستوى الأداء والخدمات، وتمكين المنتجات السعودية من المنافسة في الأسواق العالمية، حيث أُعلن في هذه النسخة عن إطلاق "الإستراتيجية الوطنية للجودة"، التي تهدف إلى نشر ثقافة الجودة في القطاعات كافة، وتطوير البنية التحتية للجودة، ودعم الابتكار لتحقيق التنمية المستدامة، ونوقشت الجودة في التعليم العالي والاعتماد الأكاديميّ، وجوائز الجودة الوطنية، والمواصفات القياسية ونظم الجودة، إضافة إلى الجودة في قطاع البناء والتشييد.
وأطلقت هيئة المواصفات والمقاييس والجودة النسخة الخامسة من المؤتمر عام 2015م تحت شعار "الجودة.. الخيار الإستراتيجي لتحقيق الاستدامة وتعزيز التنافسية"، لتأكيد دور "المواصفات السعودية" وجهودها في تأصيل وترسيخ مفاهيم الجودة وتطبيقاتها في قطاعات الأعمال المستهدفة بالتزامن مع الانتهاء من المسوّدة الرئيسية للإستراتيجية الوطنية للجودة الهادفة إلى بناء إطار وطنيّ شامل لمعايير الجودة يتماشى مع النظم الدولية، لتمكين جميع القطاعات المشاركة في هذه الإستراتيجية من تقديم منتجات وخدمات ذات جودة عالية تُنافس مثيلاتها على المستوى العالميّ، وتحقيقاً للرؤية المستقبلية للجودة في أن تكون المملكة بخدماتها ومنتجاتها معياراً عالمياً للجودة والإتقان.
وانطلاقاً من الدور الحيويّ للجودة في الرقيّ بالاقتصاد الوطنيّ وتنميته، كونها أصبحت خياراً إستراتيجيا لتقدّم الأمم، وواحدةً من أهمّ الدعائم لتطوّر الاقتصادات، وأحد المعايير المؤثّرة في تعزيز تنافسيّته، وتماشياً مع مستهدفات رؤية المملكة الطموحة 2030، واصل المؤتمر الوطنيّ للجودة مسيرته عام 2017م بنسخته السادسة، تحت شعار "الجودة.. الطريق نحو التميّز والريادة" بهدف نشر ثقافة الجودة في مختلف قطاعات المجتمع، والاطلاع على أحدث التوجّهات والتطبيقات في مجال الجودة الشاملة، وتسليط الضوء على دورها في تعزيز الاقتصاد الوطنيّ وتحقيق التنمية المستدامة.
وعُقدت النسخة السابعة من المؤتمر الوطني للجودة عام 2020م تحت شعار "الجودة في عصر التحول والتغيير"، لتعكس أهمية تبني مفاهيم وبرامج الجودة الحديثة لمواجهة التحديات الحالية والتوجهات المستقبلية للمنشآت الوطنية في عصر يشهد العديد من المتغيرات، والتطورات التقنية الكبيرة التي أحدثتها الثورة الصناعية الرابعة، والمتطلبات الطموحة لرؤية المملكة 2030.
وانتهت هذه النسخة من المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات والمُقترحات لتعزيز دور الجودة في تحقيق التميز المؤسسي بمُختلف القطاعات، من أبرزها تعزيز الوعي بأهمية الجودة والتّميّز المؤسسي، وتطوير الكوادر الوطنية في مجال الجودة، تطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال الجودة، وتسخير التكنولوجيا لتعزيز الجودة، ودعم الابتكار في مجال الجودة.
ولتأكيد أهمية تطبيق ممارسات الجودة، والارتقاء بجـودة الحياة، بصفتها أحـد المستهدفات الرئيسة لرؤية المملكة شهد عام 2022م انعقاد النسخة الثامنة من المؤتمر الوطني للجودة تحت شعار "جودة مستدامة.. لوطن طموح"، بهدف تبني منهجيات وأدوات الجودة الحديثة في برامج ومبادرات المنشآت الوطنية، للإسهام في تحقيق تنمية مستدامة ذات جودة عالية في المجالات والقطاعات كافة، وتسليط الضوء على أهمية الجودة في التنمية المستدامة، وتعزيز دور تطبيقات الجودة والتميز المؤسسي في تحسين أداء الأعمال وقيادة التغيير والتحول، من خلال استعراض أفضل الممارسات المحلية والدولية. إلى جانب إبراز دور الجودة في تحقيق الميزة التنافسية المحلية والدولية للمنتجات والخدمات، وكذلك تعزيز ثقافة الجودة لدى الفرد والمجتمع، إضافة إلى مناقشة أبرز التحديات والتوجهات المستقبلية في مفاهيم الجودة وتطبيقاتها.
وركّز المؤتمر على الإبداع والابتكار بوصفهما قيمتين محفزتين وممكنتين لتطبيق الجودة على أرض الواقع، إضافة إلى إبراز دور الشباب في تحقيق الجودة والتميز في مختلف المجالات، حيث خُصص عدد من المحاور التي تعزز هذا الجانب.