أكدت المواطنة هدى إبراهيم العبيداء، التي تخرجت في جامعة حائل هذا العام وعمرها 62 عامًا؛ أن عودتها للدراسة للثانوية بعد 40 سنة من الانقطاع، جاءت من حبها للعلم الذي تميزت به عائلتها.
وأوضحت العبيداء لـ"سبق"، أن جدها لأبيها الشيخ عثمان العبيداء أحد علماء الجزيرة العربية ونجد البارزين الذين يشار إليهم بالبنان في علوم القرآن والحديث والفرائض، وجدها لأمها الشيخ عبدالكريم العبيداء القاضي وأحد كبار معلمي القرآن الكريم الذين اكتنز بهم تاريخ حائل، وإخوانها: الدكتور محمد العبيداء المشرف على إدارة الجمعيات العلمية بجامعة الملك سعود وعضو المجلس المهني لطب الأسنان بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وأخوها اللواء الركن الدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم العبيداء مساعد مدير عام الإدارة العامة للمساحة سابقًا الذي يحمل الدكتوراه في هندسة المساحة وعلوم الأرض، والدكتور ياسر بن إبراهيم العبيداء المدير العام للشؤون التنفيذية في مستشفى قوى الأمن بالرياض سابقًا ومساعد مدير عام الشؤون التنفيذية ومدير إدارة الجودة في ذات المستشفى وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية لجودة الأداء وإدارة المخاطر في المنشآت الصحية سابقًا.
وأضافت: توقفت الـ40 عامًا الماضية ليس لعدم مقدرتي على مواصلة الدراسة، بل رغبة مني في تدريس أولادي، فبالرغم من حصولي على شهادة المتوسطة، إلا أن سعة علمي ومتابعتني لأبنائي جعلتني أستفيد من مناهجهم حتى سهلت علي دراسة الثانوية وتخرجت بتفوق، وحققت 83% في اختبار القدرات العامة، وبعد إنهائي السنة التحضيرية -مسار إنساني- أُتيح لي تخصص إدارة الأعمال باعتبار أن معدلي عالٍ جدًّا، إلا أنني فضلت تخصص "علم النفس" ولأترك مقعد تخصص "إدارة الأعمال" لطالبة في مقتبل العمر تستفيد بالتوظيف؛ حيث وقتها كان تخرجي المتوقع فوق عمر الستين سنة، وهو عمر التقاعد في القطاعين الحكومي والخاص.
وتابعت: اختياري لـ"علم النفس" جاء بعد ملاحظة سلوك من حولي من المجتمع الذين يرددون عبارات مثل "أنا طفشان" و"أنا مُكتئب"؛ الأمر الذي جعلني أصرّ على دراسته والتعلم للمساهمة في حل مشاكل من يعاني من ذلك.
وأردفت: لن أنسى أول يوم تقدّمت فيه للجامعة، عندما راجعت القبول والتسجيل مع ابنتي المتزوجة؛ الأمر الذي جعل موظفة القبول تسألني عما استصعب علي بأمر ابنتي لكي تساعدنا، لتجيبها ابنتي أن الطالبة هي أمي وليس أنا؛ الأمر الذي جعل موظفة القبول لم تنسَني منذ دخولي الجامعة.
وعن المعوقات التي واجهتها خلال دراستها الجامعية، أشارت إلى أنها لم تواجه أية معوقات، بل جميع عضوات هيئة التدريس وزميلاتها الطالبات، في خدمتها؛ إذ يتسارعن بعض زميلاتها الطالبات في نفس القاعة في حمل حقيبتها، حتى مقعدها في القاعة، مشيرة إلى أن ألم رجليها أحيانًا يجعلها تمشي ببطء حتى وصولها لقاعة الدراسة.
وأبانت "العبيداء" أن تنافسًا شرسًا بينها وبين أبنائها: "عمر" الذي يدرس بالجامعة تخصص "إدارة أعمال"، و"محمد" الذي يدرس الثانوية في بداية عمرها الجامعي، والعام الحالي في "السنة التمهيدية - مسار صحي"؛ وذلك للحصول على الدرجة الكاملة في الاختبارات، مشيرة إلى أنها تتفوق عليهم أحيانًا؛ الأمر الذي جعل ابنَيْها يسعيان للتفوق الذي انعكس على معدلاتهم العالية في الجامعة ولله الحمد.
وأكدت على الدور الكبير لزوجها عبدالكريم ناصر عبدالكريم العبيداء، وجميع إخوتها في تشجيعها على مواصلة الدراسة، فيما لم تنسَ فضل قائدة المدرسة الثانوية التي درست فيها "انتساب" منيرة الحجيلي، التي سمحت لها بحضور بعض الحصص الدراسية عند رغبتها.
وعلى نقيض التشجيع، أشارت "العبيداء" إلى أنها واجهت انتقادًا من بعض أبناء المجتمع المحيط الذين استخدموا المثل الشعبي: "بَعْدَمَا شَابْ وَدّوه اَلْكُتَّابْ"؛ عبارات تتكرر أمامها كثيرًا؛ الأمر الذي جعلها في يوم تخرجها وأمام أمير حائل تقول: "الله ينصرك"؛ في إشارة إلى تشجيعه لها بأن ذلك نصر لها على كل من أحبطها.
واختتمت: أن بعضاً ممن شجعها بعد انتشار خبر تخرجها استخدموا لها المثل الشعبي: "جَاءَ يُطِلّ غَلَبَ الْكُلّ"؛ في دلالة على أنها سبقتهم في العلم والإصرار عليه بعد هذا العمر. وأكدت أن كلمات أمير منطقة حائل خلال استقباله لها في حفل التخرج، كانت بمثابة المُحفز لها لمواصلة الاستزادة من العلم".
يذكر أن "العبيداء" هي البنت الوحيدة لوالديها، وزوجها عبد الكريم بن ناصر العبيداء مالك إحدى أكبر مزارع البرتقال في حائل التي أصبحت علامة غذائية فريدة على المستوى العالمي، ولها من الأبناء الذكور: "إبراهيم" معلم لغة إنجليزية وأشهر حرفيي صناعة السبح في المملكة، والذي وصلت سِبحه دول الخليج، وأوروبا، وأمريكا، وابنها "أحمد" الذي حصل على الدكتوراه مؤخرًا من إحدى الجامعات الأمريكية، و"عمر" و"محمد" الطالبان في جامعة حائل.