"مدينة السرين الأثرية" بالليث.. تاريخ يختفي وتراث يندثر

تاريخها تجاوز "2000" عام و"السياحة" لم تتبنّاها وحارسها محال للمعاش
"مدينة السرين الأثرية" بالليث.. تاريخ يختفي وتراث يندثر
تم النشر في
عوض الفهمي– سبق– الليث: تقع "مدينة السرين الأثرية" على ساحل البحر الأحمر الشرقي، وتبعد عن محافظة الليث "43" كلم جنوباً"؛ حيث تمتد على مساحة تقدر بـ"4 كلم2"، والتي تعود نشأتها إلى عصر ما قبل الإسلام، بناء على ما ذكرته كتب التراث العربي لميناء السرين.
 
تاريخ بلا حاضر:
ولعبت تلك المدينة دوراً رئيساً في توفير ما تحتاجه مكة المكرمة وما حولها، مما يرد به التجار من ثغور الحبشة، ومن الرقيق والمتاع، وما يخص صاحب ولاية مكة من الرسوم على تلك الواردات.
 
"سبق" زارت تلك المدينة والتقت حارسها "إبراهيم الحرتومي" الذي تمت إحالته للتقاعد منذ ثلاث سنوات، لكنه لا يزال الوحيد بالمنطقة الذي يحتفظ بمفتاح تلك المدينة.
 
وصلنا للمدينة وكانت المفاجأة أن القفل الموجود على باب سور تلك المدينة قد كسر من قبل مجهولين، ووجدنا آثاراً حديثة لسيارات قد دخلت وتجولت بداخل المدينة، لكننا لم نعلم من صاحبها؟ ولماذا حضرت؟. كما أننا لم نجد بها سوى أحجار تحمل نقوشاً قديمة مضت عليها آلاف السنين ولم نجد أي شيء آخر يدلنا على أنه كان في ذلك المكان مدينة كبيرة يعيش فيها أناس، فكل ما فيها من آثار قد اندثر تماماً وما بقي فيها من علامات فهي في طريقها إلى الاندثار؛ والسبب هو عدم وجود اهتمام بها من قبل هيئة السياحة والآثار.
 
سرقات متتالية:
 يقول حارس المدينة "إبراهيم الحرتومي": إنه يقوم على حراستها منذ 25 عاماً، قبل أن تتم إحالته للتقاعد قبل ثلاث سنوات، وأن تلك المدينة كانت بها آثار واضحة المعالم؛ مثل مصنع الفخار، والميناء، ومقبرة، لكن الآن اندثر كل شيء بسبب الإهمال الذي طالها، فهي لا زالت في مسؤولية إدارة التعليم بالليث، وقد زارها وفود من أماكن عدة بما فيها فريق من السياحة والآثار، ووعدوا باستلام الموقع لكنه لم يتم استلامه رسمياً حتى اليوم، وهو الأمر الذي تسبب في إهمالها واندثار مقتنياتها.
 
وأضاف "الحرتومي": كثير من الحجارة التي تحمل نقوشاً واضحة المعالم تمت سرقتها من قبل بعض المواطنين الذين قاموا بإنشاء منازلهم منها، بالإضافة إلى أيدي العابثين التي طالتها وسرقت الكثير من آثار تلك المدينة، رغم وجود سور كبير تجاوزت تكلفته أكثر من "800" ألف ريال.
غياب الاهتمام:
ويضيف: قبل إحالتي للتقاعد تلقيت اتصالاً هاتفياً من السياحة والآثار يسألونني عن مصير وظيفتي في حالة انضمام مدينة السرين للسياحة والآثار.. هل سأبقى على ملاك التعليم أم سأنقل خدماتي لهم؟. فأجبتهم بأن عليهم أن يضموا المدينة أولاً، ثم بعد ذلك الحديث في وظيفتي، وقد تقاعدت الآن منذ ثلاث سنوات ولم يستجد أي جديد؛ حيث لا زالت المدينة تابعة لإدارة التعليم، ولا زلت احتفظ بمفتاح سور المدينة ولا أفتحها إلا بإذن رسمي من إدارة التعليم.
 
تاريخ وتراث:
أما المؤرخ بمحافظة الليث "مده الثعلبي" فيقول: مدينة السرين كانت إلى نهاية القرن الثالث الهجري بلدة صغيرة الحجم قليلة النشاط التجاري، ثم بعد أن دخلها الإسلام تحولت إلى مدينة كبيرة وتعاقب على إمارتها عدد من الأمراء؛ مثل: "الأمير أبو الحسن يحيى بن على الحسين" المتوفى سنة 361هـ، ثم أتى بعده شقيقه "الأمير عبد الله بن على بن الحسين"، ثم "الأمير الحسن بن على بن الحسين"، ثم "الأمير يحيى بن على بن الحسين الثائر"، وآخرهم "الأمير محمد بن قاسم بن أبي هاشم محمد".
 
 وقد اشتملت "مدينة السرين" على ميناء للسفن، ومصنع "كبير"، ولا زالت "مدينة السرين" تضم مخلفات أثرية؛ مثل: المباني القديمة، وكسر الأحجار الحمراء، والأحجار البحرية، التي كانت تستخدم في المباني، كما توجد نقوش على مجموعة من الأحجار المتناثرة داخل المدينة، وكذلك مقبرة كبيرة كان يقبر فيها أهالي مدينة السرين أمواتهم.  
 
نقوش أثرية:
وتوضح النقوش الموجودة على القبور بعض أسماء أهالي تلك المدينة؛ مثل: "خديجة بنت أحمد بن محمد بن محسن" والتي توفيت في شهر شوال عام 331هـ، وقبر "محمد بن جعفر بن عبدون"، وقبر "حمدة بنت ياسر" مولاة كلاب بن محمد الهزاني "الهدابي" التي توفيت يوم الجمعة لثلاث خلون من شهر رمضان من عام 403هـ، وقبر "عطية بن إسحاق بن حسن بن عبد الله بن موسى" المتوفى سنة 419هـ، وقبر "أم كلثوم بنت عبد الله بن على بن الحسين بن محمد بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب" المتوفاة في شهر شوال من عام 433هـ.
 
 
 
 
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org